عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فومو الفيسبوك

فومو الفيسبوك

بقلم : د. أماني ألبرت

في طابور الانتظار وقف صامتًا مكتوف اليدين، ولما لم يطق أن يظل ساكنًا لثوانٍ معدودة أمسك بهاتفه، وظل يتصفح ويتصفح. انتهى يومه فتأهب للنوم وهاتفه في يده يتصفح المنشورات عبر حسابه على الفيسبوك، لاحظ تأخر الوقت فقرر أن يغلقه، وما هي إلا ثوانٍ معدودة وفتحه من جديد، وتكرر ما فعله مرات ومرات إلى أن غالبة النعاس. استيقظ في الصباح فكان أول ما فعله هو فتح حسابه لمعرفة الجديد، تأهب للخروج على عجالة وبينما هو في الطريق، وكذلك طوال يومه يتصفح حسابه ثم يغلق هاتفه وما هي إلا ثوانٍ ويعود يفتحه من جديد.  



تقول الدراسات، إن الإنسان العادي يتصفح هاتفه في اليوم أكثر من 5000 مرة! وقد يمتد الوقت المنقضي على الفيسبوك، لدى البعض إلى خمس ساعات أي ما يعادل شهرين ونصف الشهر لكل عام!

فالهاتف يلتصق بأيدي أصحابه كالتصاق المغناطيس بالحديد، وكأن هناك جاذبية غريبة تشدهم كل دقائق لتصفح حساباتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. والحقيقة لم تكن هذه الجاذبية سوى نوع من أنواع القلق الاجتماعي لمصطلح جديد ظهر بظهور وسائل التواصل الاجتماعي، يسمى "فومو FOMO" أو Fear out of Missing وتعني الخوف والقلق من فقدان معرفة حدث مهم أو الرغبة في البقاء متصلًا لمعرفة ماذا يحدث للآخرين. لذا هم يتفحصون حساباتهم باستمرار خوفًا من أن يؤدي الانقطاع عنها لفقدان معرفة واكتشاف الجديد.

وبدافع الفضول أو الرغبة في معرفة كل ما هو جديد وملاحقة الأخبار والثرثرة يزداد المستخدمين توترًا فهم منتبهين أو متأهبين طوال الوقت ما يفقدهم الشعور بالهدوء والسكينة ويحولهم لأشخاص متوترين مدمنين على استخدام الهاتف وفتحه وتصفح الفيسبوك. ووفقًا لكثير من التقارير فقد تزايدت حالات حوادث السيارات نتيجة الكتابة أثناء القيادة.

لو تطلعت في أي مكان عام كالمطاعم وصالات الانتظار يمكنك أن تجد عددا كبيرا من الأشخاص يتابعون بشغف هواتفهم المحمولة لدرجة أن البعض يفضل الذهاب لمطاعم بعينها لتوافر شبكة إنترنت بها! وقد أصبح تصفح الفيسبوك عادة أو متلازمة تسيطر على تفكير وتصرف الأشخاص.

مثل هذا الإدمان كالأخطبوط من الصعب التخلص منه، وينصح الخبراء من وقت لآخر المستخدمين بتجربة شيء مختلف، وأخذ قسط من الراحة بالبعد عن هواتفهم المحمولة لساعات والانشغال بنشاط آخر كممارسة الرياضة أو المشي وسط الطبيعة أو التفاعل الحقيقي مع الأصدقاء وليس التفاعل الافتراضي، ما يساهم في تفريغ توترهم وضغوطهم النفسية. وينصح البعض بعدم اصطحاب الهاتف للفراش وإغلاقه قبل النوم، كما يفضل البعض تحديد الوقت الذي يقضونه على الفيسبوك من التطبيق.

ولكن يبقى التحدي مرهونا بالأشخاص أنفسهم الذين يعانون الفومو، هل يريدون حقًا التحرر والخروج من هذا السجن؟ إن فعلوا سيتحول الفومو إلى جومو أو متعة عدم معرفة ما يجري Joy of Missing Out.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز