عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
(النصف غير الآخر).. الحب في ميدان عام

(النصف غير الآخر).. الحب في ميدان عام

بقلم : سامية صادق

لا أنسى يوم أن تلقيت اتصالًا تليفونيًا على سويتش المجلة من شخص لا أعرفه.. جاءني صوته حزينًا مخنوقًا وهو يذكرني بتحقيق صحفي كنت قد أجريته ونشر بالمجلة تحت عنوان (الحب في ميدان عام) رصدت من خلاله التغير الذي حدث للشباب المصري في التعبير عن حبهم.. حتى صاروا أكثر جرأة وتحديًا للمجتمع ويعلنون عن حبهم  بالميادين العامة!! وصار من العادي أن نرى مشاهد مخجلة لبعض الفتيات والفتيان في الشوارع وعلى كورنيش النيل، وفي وسائل المواصلات باسم الحب!



وقد قام المصور الخاص بالمجلة بأخذ لقطات لبعض البنات والشباب في مشاهد رومانسية عن طريق عدسة (الزووم) دون أن ينتبهوا لذلك.

وقد فوجئت بالشاب المتصل يطلب مني متوسلًا وهو يكاد أن يبكي:

أرجوك اسمح لي أن أحضر إلى المجلة كي تساعديني أن أطلع على الصور الأصلية المنشورة في الموضوع الصحفي.

كان طلبًا غريبًا من قارئ يحدثني لأول مرة!!

أسأله بلهجة لا تخلو من دهشة:

لماذا تريد أن ترى الصور الأصلية؟

يقول الشاب وصوته لايزال مخنوقًا:

لقد شاهدت صورة خطيبتي في المجلة وهي تجلس مع شاب غيري بميدان التحرير.

أقول وأنا أحاول أن أبتلع ريقي بعد أن صدمتني كلماته:

أي صورة تقصدها أن كل الصور على عينيها شريط أسود؟

يقول وهو يكاد أن يبكي:

الفتاة المحجبة التي ترتدي طرحة زرقاء وتجلس بجوار شاب يمسك بيدها ويكتب عليها بقلم.

نعم تذكرت ذلك المشهد.. فعلًا كانت هناك فتاة صغيرة ربما لا يتعدى عمرها العشرين تجلس على المقاعد الرخامية المواجهة لمجمع التحرير برفقة شاب في مثل عمرها تقريبًا كان يمسك بأطراف أصابعها بيد، بينما يرسم على كف يدها باليد الأخرى.. وهو يضاحكها بسعادة بينما هي تضربه على كتفه برفق، يبدو أنها كانت تمازحه.

قلت وقد شعرت بالشفقة على الشاب الذي اكتشف خيانة خطيبته:

يبدو أنك مخطئ.

يقول مؤكدًا وصوته يزداد اختناقًا:

لا أنا شبه متأكد، فالحذاء الذي يبدو في الصورة حذاؤها والساعة التي في يدها ساعتها لقد أحضرتها هدية لها في عيد ميلادها.

قلت وأنا أتعمد تشكيكه فيما رآه:

هذا ليس دليلًا كافيًا فكم من أحذية وساعات تتشابه.

يقول الشاب متوسلًا من جديد:

أرجوك أنت آخر أمل لي كي أتأكد من الأمر.. فلم أنم منذ رأيت صورتها في المجلة، واتصلت بحضرتك عدة مرات، ولم أستطع الوصول إليك إلا الآن،

أقول وقد اضطررت أن أكذب عليه لأرحمه من شكوكه وشفقتي عليه تزداد:

الصور قديمة والموضوع تم تصويره بالإسكندرية منذ عدة أشهر.. وبالتأكيد ليست صورة خطيبتك.

ثم أغلقت الخط بسرعة قبل أن أسمع صوته المخنوق الذي يكاد يبكيني.

والحقيقة أنني ندمت أشد الندم أنني وافقت على إجراء هذا التحقيق الصحفي، والتقاط صور لشباب في غفلة منهم حتى لو أخفينا أعينهم بشريط أسود.. وعاهدت نفسي ألا أفعل مثل تلك الموضوعات التي تتعدى على حرية الآخرين دون علمهم.

ولا أعلم هل أخطأت حين كذبت على الشاب وأخبرته أن التصوير تم في الإسكندرية؟.. وهل كان يجب أن أساعده أن يرى الصورة الأصلية للفتاة التي يعتقد أنها خطيبته؟!.. أم أنه متأكد أنها صورتها من لون طرحتها وحذائها والساعة التي أهداها لها يوم عيد ميلادها، ولكنه يريد أن يستمر في خداع نفسه؟!

لايزال ذلك الصوت المختنق الحزين لشاب اكتشف خيانة خطيبته يئن في أذني، وأنا أتذكر تلك الواقعة المشينة التي مر عليها ما يقرب من خمسة عشر عامًا.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز