عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
(النصف غير الآخر) .. نوع من النساء

(النصف غير الآخر) .. نوع من النساء

بقلم : سامية صادق

كنت أشبه عليها حين دخلت إلى الحفل... لكنني تأكدت أنها هي عندما شاهدت ابنتها العشرينية الشقراء النحيفة تدخل وراءها ...فأنا أعرفها جيدا ....إنها أمينة زميلة  ابنة شقيقتي بكلية الآداب ... لقد رأيتها عندها في البيت أكثر من مرة ... كما شاهدتها بصحبة والدتها في إحدى المرات...يومها كنت لدى شقيقتي التي تسكن معي بنفس البناية... وحين دق جرس الباب وقمت بفتحه  وجدت أمامي سيدة منتقبة تتشح بالسواد بصحبة فتاة محجبة نحيفة بيضاء ذات عينين خضراوتين ...لكنها لم تكن  جميلة بالرغم من بشرتها البيصاء وعينيها الملونتين ...وما أن تخطو السيدة  هي وابنتها إلى داخل البيت وقبل أن تصافح أحدا  تنتزع النقاب من على وجهها  وتخلع الملابس السوداء التي تتشح بها  بعنف وكأنها  عبء  ثقيل على جسدها!!! ... وتظل جالسة  بفستان أحمر ضيق قصير كانت ترتديه تحت النقاب!!!..



كما تجذب  ابنتها الطرحة من فوق رأسها لتكشف عن شعر أسود قصير مجعد...وقد أدهشني  موقفهما وخاصة أنهما لم يتأكدا من عدم وجود  رجال في البيت!!!...وبالمصادفة لم يكن ابن شقيقتي الشاب موجودا..ولم أتذكر شيئا من تلك الزيارة سوى شكوتها المستمرة من زوجها المتشدد الذي يضيق عليها الخناق هي وابنتها..
واليوم ألمحهما  في حفل رأس السنة الذي يقيمه مجموعة خريجين  من شباب الجامعة... حيث تشاركوا في عمل  (كافيه)  كمشروع يدر عليهم دخلا بعدما تعثرت فرص الحصول على عمل...

وقرروا أن يفتتحوه  بإقامة حفل رأس السنة  ...وقد جاء زملاؤهم  لتشجيعهم... وكل منهم يدفع مائتي جنيه مقابل حضور الحفل الموسيقي  ووجبة العشاء...كما جاءت أمينة بصحبة والدتها لحضور الحفل ولكن بدون حجاب أيضا!! ...إن أمها  تبدو أصبى وأجمل منها!!! ...وتلفت المرأة الأربعينية  التي رأيتها منتقبة من قبل أنظار الحضور  بشعرها(البولند) الأشقر الفاتح  ومكياجها الصارخ وفستانها المفتوح..

إن الشباب الصغير لم يرفع عيونه من عليها!!!...وحتى لو تغافلوا عنها قليلا تعيدهم سريعا  بضحكتها العالية التي تذكرني بضحكة الفنانة نبيلة عبيد في أدوار الإغراء... وبنظراتها الجريئة التي كانت توزعها بالعدل على الحضور من الرجال!!!...كما أنها لم تترك السيجارة من بين أناملها طوال الحفل ...إن بعض المتواجدين   ينقلون مقاعدهم  للجلوس  بجوارها!! وهي تحادثهم وتضاحكهم وتلقي لهم القبلات في الهواء وتتبادل معهم أرقام التليفونات!!!

وينتهي الحفل ... وأثناء خروجي وقبل أن أغادر مقر الكافيه أرى سيدة تخرج من ناحية دورة المياه ترتدي النقاب وتتشح بالسواد ...وأتأكد مرة أخرى أنها هي حين ألمح  ابنتها أمينة تقترب منها  وقد قامت بلف الطرحة أيضا حول رأسها وترتدى جاكت  طويلا على  الفستان القصير التي حضرت به الحفل!!!...وأثناء توجهي لسيارتي أنا وابنة شقيقتي أراهما يركبان سيارة  شيفورليه زرقاء....حيث تجلس أمها بالمقعد الأمامي  بجوار رجل أصلع ملتح...بينما تجلس أمينة بالكنبة الخلفية

أسأل ابنة شقيقتي:

من الرجل الذي ركبا معه؟

تقول باسمة:

إنه أبو أمينة

أقول وعيناي لاتزالان تتبعهما:

هل زوجته منتقبة أمامه فقط وابنته محجبة لأجله؟!!

تقول ابنة شقيقتي وإبتسامتها تتسع:

نعم.. أنه يفرض على زوجته وإبنته إرتداء النقاب...لقد كانت إبنته أمينة منتقبة أيضا   ولكنها خلعته بأمر طبيب العيون حين ضعف بصرها بسبب ملامسة النقاب لعينيها ... مما اضطر والدها أن يذعن لتعليمات الطبيب ويكتفي بحجاب إبنته!!

وتواصل ابنة شقيقتي:

وكما ترين... فحين يخرجا بعيدا عنه تقوم أمها بالتحرر من النقاب وتقوم هي بخلع الحجاب!!!

أقول بدهشة:

ألم يشاهدهما أبدا بدون النقاب والحجاب؟!

تجيب إبنة شقيقتي وهي تهز رأسها:

أبدا... فهما  يستطيعا إستغفاله دائما  في هذا الأمر طوال الوقت  ويحتاطان لذلك جيدا!!...كما أنه لم يكتشف  تدخينهما !!...حتى أن أمينة أحيانا  تقول:

لو شاهدني أبي وأنا أشرب سجائر سيقتلني!!

ثم تزفر ابنة شقيقتي تنهداتها قائلة:

لقد أضرت بها أمها وخسرتها كثيرا ...لقد كانت  أمينة مخطوبة لزميل لنا ارتبطت معه بقصة حب بالجامعة...  لكنه تركها حين شاهدها تتعامل بهذه الطريقة هي وأمها خارج البيت!!

أقول  بأسى:

حقا رجال مغفلون ...بالتأكيد والدها يتباهي بسيطرته وبتدين إبنته وزوجته أمام أقاربه ومعارفه!!!

تضحك ابنة شقيقتي وهي تقول:

بل أكثر من ذلك... لقد منع ابنته أمينة  أن تحدثني أو تزورني في البيت لأنني لست محجبة مثلها!!!!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز