عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
برمجة العقل الباطن للشعوب

برمجة العقل الباطن للشعوب

بقلم : د. أماني ألبرت

العقل الباطن هو مخزن الذكريات والمشاعر والقيم والمبادئ والعادات التي يتعلمها الإنسان، وبما أنه يعمل بشكل متواصل فهو مستعد طوال الوقت لتلقي الرموز والصور وترجمتها لمعانيها وشيئًا فشيئًا يتصرف الإنسان طبقًا لما تم تخزينه داخله. فهو ببساطة المبرمج الذي يدير برنامج الشخص ليقوم بما يقوم به ويتصرف بطريقة معينة.



فلنتخيل أن المخزن مليء بصور مرتبطة بالفساد الأخلاقي والإداري والمالي والسياسي كيف سيتصرف الإنسان؟ كل إناء بما فيه ينضح. من زرع يومًا شجرة تفاح سيحصد تفاحا، وكذلك من زرع شوكا.

هناك إعلام يستخدم الأفلام والبرامج والأخبار وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لصياغة وبرمجة العقل الباطن للشعوب. لتوجيه رسائل ضمنية أو خفية يلتقطها العقل الباطن وتظل مختزنة فيه. ولكنها لا تبقى حبيسة الإدراك لأنها تظهر في السلوك وطريقة التفكير والشعور.

كان أول استخدام لمثل هذه الرسائل الضمنية في الإعلانات، وتحديدًا بدأ الأمر في الخمسينات داخل السينمات، حيث عرضت الشاشات بشكل سريع جدا صورة الفشار والكولا وبينهما كلمة "اشتري" ورغم أن الإعلان كان مجرد ومضة سريعة إلا انهم وجدوا زيادة في المبيعات! ثم امتد الأمر للتسويق بوجه عام لنشتري أشياء لا نحتاجها.

ثم امتد الأمر ليطبق بشكل واسع أيام جوبلز، وزير الرايخ الألماني للتنوير العام والدعاية، الذي تمكن في وقت قصير من إحكام سيطرته على الإعلام. وطبق أساليب دعائية من شأنها أن تقوم بغسل الأدمغة كفكرة ’’سياسة القطيع‘‘ والتي تسعى لقيادة الجماهير لفكرة معينة لأن الكل مقتنع بها. كما استخدمتها بعد ذلك الأغاني التي تحمل موسيقى صاخبة وكلمات فيها إسفاف.

حينما يبث الإعلام مضامين خارج سياق المجتمع فهو يبرمج العقل الباطن لهذا الشعب. إعلانات تحمل رسائل محفزة على الأنانية والاستهلاك وأفلام تحفز على العنف وتدمر القيم الأسرية وتشجع على الفهلوة والفساد، وبرامج بها تسطيح مبالغ للمضمون. وبمرور الوقت يكرس لصور مغروسة في العقل الباطن فتسمى الانتهازية شطارة، والفهلوة ذكاء، والرشوة تفتيح دماغ.

المشكلة في الأمر، أن هذه البرمجة للعقل الباطن الجماعي غير قادمة من الخارج لكنها نابعة من داخل الدولة بيد أبنائها! كنوع من أنواع التدمير الذاتي للشعوب التي يقف أعدائها معجبين بما يفعلوه فلا حاجة لمحاربة هذه الدولة ولا حاجة لاستخدام أي قوة عسكرية من خصومها، فهي تفترس نفسها بنفسها. بل إن أعداءها يعطونها الامتياز قائلين ’’مبروك لقد تم تنزيل البرنامج بنجاح‘‘

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز