عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الهجرة.. والإعجاب السلبي

الهجرة.. والإعجاب السلبي

بقلم : محسن عبدالستار

نحن اليوم في مناسبة من مناسبات الإسلام العظيمة، ألا وهي هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة، لنشر هذا الدين العظيم، فمنذ أن بعث الله نبينا الكريم، برسالة الإسلام وهو يتعرض ومن آمن معه إلى صنوف العذاب، من المشركين، الذين رفضوا دعوة الله تعالى وأصروا على البقاء على ضلالهم وغيهم.



وقد صمد الرسول- عليه السلام- في سبيل الدعوة، وقد كان يعلم قبل ذلك أن قومه سوف يخرجونه من مكة المكرمة، أحب البلاد إلى قلبه.. ووطنه الذي تربى ونشأ فيه، فقد أخبره بذلك، ورقة بن نوفل، خال السيدة خديجة زوجته، الذي علم بخبر الملك جبريل عليه السلام الذي جاء النبي في غار حراء، فقال له "إن قومك سوف يخرجونك من مكة"، و"أنه سوف يبعث إلى الناس رسولًا ونبيًا".. لذا استعد النبي لهذا الأمر، استعدادًا كبيرًا.

إن الهجرة تعني الحركة، لذا تجد مسلمًا معجبًا إعجابًا كبيرًا بالإسلام، لكنه لا يتحرك وفق منهجه، وهذا إعجاب سلبي، يفتقر إلى الحركة والالتزام، وإلى الوقوف عند حدود الله، إلى أن تعطي، إلى أن تمنع وترضى وتغضب، هذه المواقف والمشاعر لا يمكن الاستغناء عنها في علاقتك مع الله سبحانه وتعالى.

الإعجاب السلبي بالإسلام لا يقدم ولا يؤخر، فمثلًا لو أن إنسانًا منا في أمس الحاجة إلى أشعة الشمس، وفي احتياج ضروري لها، لأنها تشفيه من مرض جلدي، فلو ظل طوال عمره يمدح الشمس وأشعتها ويثني على فوائدها وأهميتها، هذا الشيء لا يقدم ولا يؤخر أبدًا، كي يشفى.

في هذه المناسبة العظيمة التي تهل علينا، يوم هجرة النبي الكريم من مكة للمدينة، نتمنى أن نترك، ولو قليلًا، الإعجاب السلبي بالإسلام، ونتجه إلى الحركة والوقوف عند حدود الله، ونعطي لله ونمنع لله، ونتصدق على الفقير لله، دون منٍّ أو أذى، فالإعجاب السلبي بالإسلام مع أنه مرحلة من مراحل الإيمان، فإنه لا يقدم ولا يؤخر إذا اكتفينا به فقط.

لذلك الهجرة حركة، ينبغي أن تتحرك، فالهجرة التي هاجرها النبي عليه السلام، بين مدينتين، هما مكة والمدينة، أغلقت، بعد فتح مكة، لا هجرة بعد الفتح، لكن بقيت الهجرة بين مدينتين، مكة والمدينة.. فالهجرة من الكفر إلى الإيمان، من التفلت إلى الالتزام، من الضياع إلى الوجدان.. الهجرة أن تتحرك وفق منهج الله عز وجل.. فإذا تحقق كل هذا فأنت حققت بعض معاني الهجرة.

إذا رمزنا هذا الدين العظيم بالشمس، ورمزنا للضلال بالظلام، لكن الحقيقة المرة، أحيانًا، أفضل ألف مرة من الوهم المريح، فالذين يعملون في الظلام، كأعداء المسلمين، يغلبون النائمين في ضوء الشمس.

الشمس رمز للحق.. والظلام رمز للباطل، لكن الذي يعمل في الظلام قد ينتصر على الذي يعمل في ضوء الشمس، فلا بد من حركة، والهجرة تمثل الحركة، أن تنتقل من مكان إلى آخر، من موقف إلى موقف.

الهجرة إذًا حركة لكنها تحتاج إلى نية.. فالمهاجر من هجر ما نهى الله عنه.. كما قال صلى الله عليه وسلم: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".

فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله أي: من جهة القصد، أنه يريد بهذه الهجرة ما عند الله تبارك وتعالى، فيترك الأهل والوطن والعشيرة لله، وفي الله، رجاء ما عند الله، فهذا تكون هجرته صحيحة ولله، ويؤجر عليها، وتكون من أجل وأعظم الأعمال وأفضلها، ولهذا حكم لها بذلك، فقال: "فهجرته إلى الله ورسوله".

إذًا الهجرة، "حركة.. عطاء.. امتناع.. وصل.. قطع".. وكله يكون في سبيل الله عز وجل، ووفق منهجه سبحانه وتعالى، وجعل الإسلام منهجًا تفصيليًا، يبدأ بأدق الخصوصيات، وينتهي إلى العلاقات الدولية، وهذا يفضي إلى أن الهجرة حركة والتزام، وتطلع ويقين، واحترام لمبادئ هذا الدين العظيم.

وختامًا.. أرجو من الله عز وجل، أن تكون مناسبة الهجرة، منطلقًا لنا للمزيد بالتمسك بإيماننا، ومنهجنا، وبتطلعاتنا إلى ما يصلح شأن الأمة كلها.. والله كفيل سبحانه بتحقيق ذلك.

 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز