عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ملح الشكشوكة!
بقلم
محمد نجم

ملح الشكشوكة!

بقلم : محمد نجم

هل تذكرون قرية الكعكيين بمحافظة الفيوم، والتي خرج منها تنظيم الشوقيين الذي اغتال الشيخ الدهبي وزير الأوقاف الأسبق في ثمانينيات القرن الماضي؟



هذه القرية كانت «معمل» تفريخ الإرهاب وتصديره إلى جميع قرى ومدن محافظة الفيوم، والتي كانت توصف من قبل بالأشد فقرًا بين جميع محافظات الجمهورية.

الآن.. الدنيا تغيرت، وانصلحت الأحوال إلى حد كبير، بعد أن قررت الدولة «اصطياد أكثر من عصفور بحجر واحد» من خلال إنشاء الشركة المصرية للأملاح والمعادن، بجوار قرية شكشوك الواقعة على شاطئ بحيرة قارون القريبة لقرية الكعكيين إياها!

وذلك بغرض الحفاظ على التوازن البيئة بالبحيرة بعد أن ازدادت نسبة الملوحة بها والتي أوشكت على القضاء على أسماكها، وهو ما يعنى أيضا توفير فرص عمل مناسبة لشباب القرى المحيطة وبما يساعد على تنميتها وانتشالها من ثالوث الفقر والجهل والمرض، فضلا عن إنتاج «منتج» مطلوب للسوق المحلى والتصدير، وهو الملح بكافة أنواعه باستخدام التكنولوجيا الحديثة وبالأسلوب العلمى للاستخراج.

وبعد إجراء الدراسات البيئي والجدوى، تأسست الشركة عام 1984 برأسمال 250 مليون جنيه، ساهم البنك الأهلي بنسبة 50% وبنك الاستثمار بـ 17%، والقابضة للكيماويات 13% والمحافظة 5.5% والنسبة الباقية وزعت على شركات تأمين وبنك التنمية الصناعية.

وفى خلال 6 سنوات فقط نجحت الشركة في الانتهاء من كافة مشروعات البنية الأساسية المطلوبة وبدأت في الإنتاج، حيث أقامت أحواضًا متتالية للترقيد والترسيب والتجبيس والتمليح على مساحة 1570 فدانًا، بعضها تمليك وبعضها إيجار، كما أقامت 4 مصانع مختلفة بمعدات ألمانية وصينية، بالإضافة إلى محطة كهرباء ومساكن.. وتوفير كل متطلبات الحياة للعاملين بها.

ولكى نفهم ما كان عليه الوضع في السابق وما أصبح عليه الآن، لابد من التذكير بأن بحيرة قارون تقع على مساحة 55 ألف فدان وتنخفض عن سطح البحر بحوالى 45م، وهي بحيرة مغلقة، ولذلك كانت ولا تزال مستودعا لأغلب مياه الصرف الزراعى بمحافظة الفيوم، حيث يدخل إليها سنويا حوالى 500 مليون م3 من مياه الصرف الزراعى من خلال المصارف الزراعية المحيطة بها، ولأنها مغلقة ولا تصرف مياهها إلا من خلال البخر والذي تصل نسبته حوالى 35% من إجمالى المياه التي تدخلها سنويا، فكانت النتيجة أن ارتفعت نسبة الملوحة بها من حوالى 10جم لكل لتر مياه عام 1906 إلى أكثر من 40 جم للتر عام 1990، وكان متوقعا أن تصل نسبة الملوحة بها عام 2000 إلى حوالى 70 جم للتر.

ولكن بعد إنشاء شركة الملح والمعادن - مال عام - تم تثبيت الملوحة عند 35 جم/ للتر فقط، ومع ذلك يرتفع فيها نسبة كبريتات الصوديوم 4 أضعاف ملوحة البحر الأحمر.

والمعنى.. أن تلك الشركة نجحت في القيام بما كان متوقعا منها في خدمة الأمن القومى المصري، حيث قامت بدورها البيئى والاقتصادي والاجتماعى.

حيث حافظت أولا على ثبات نسبة الملوحة في مياه البحيرة مما ساعد على استمرار إنتاجها للأسماك، فقد كانت تنتج عام 1988 حوالى 1360 طن سمك سنويا، ارتفع هذا الإنتاج عام 2015 إلى أكثر من 4560 طنًا.

ولكن - وللأسف - انخفض هذا الإنتاج مؤخرًا إلى حوالى 960 طنًا فقط، حيث لم تلق أي ذريعة جديدة بالبحيرة منذ عام 2014، بسبب الذرّيعة الملوثة - التي ألقيت بها قبل ذلك - بطفيل أمريكي مصدره البحر الأبيض المتوسط، هذا الطفيل يتغذى على خياشيم الأسماك مما يتسبب في وفاتها صغيرة!، وقد علمت أنه جار الآن دراسة هذا الطفيل للتعامل معه والقضاء عليه.

وثانيا.. نجحت الشركة اقتصاديا، حيث أنتجت أكثر من 4.5 مليون طن ملح بكافة أشكاله ومسمياته واستخداماته، أهمها الملح الطبى للاستخدامات الطبية، وخاصة مرضى غسيل الكلى، فضلا عن نجاحها مؤخرًا في إنتاج سماد كبريتات البوتاسيوم المفيد لزراعات الخضراوات والموالح وبعض المحصولات الزراعية الأخرى.

لقد نجحت الشركة في تطويع كافة المدخلات المتاحة في تنويع منتجاتها وبدرجة جودة عالية، بعد أن حصلت على كافة شهادات الجودة المحلية والعالمية، وبمتابعة مستمرة من وزارة البيئة والجهات التابعة لها.

والأهم من ذلك.. أنها تستعد لطرح منتجات جديدة ومنها البرومين والذي يضاف إلى وقود السيارات والطائرات لتحسين خواصه وتخفيض استهلاكه.

والأكثر أهمية.. هو تعاونها مع جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة لإقامة مجمع صناعى جديد بشمال البحيرة لتنقية مياه الصرف الزراعى الداخلة للبحيرة، والاستفادة منها في الاستخدامات الصناعية المختلفة، وكذلك للرى الزراعى، أي إعادة تدوير تلك المياه وتحسين خواصها، وقد تم بالفعل إقامة محطة تجريبية للمشروع بمعدات ألمانية، تمهيدًا لإقامة المشروع الكبير والذي تصل استثماراته لحوالى 300 مليون دولار.

وثالثا.. نجحت الشركة اجتماعيًا بتحسين البيئة المحيطة بها حيث وفّرت فرص عمل لأكثر من 2000 شاب بقرى الفيوم، وأنشأت وحدات صحية، ومحطات لمياه الشرب والصرف، ومخابز لإنتاج الرغيف البلدى..، كل ذلك مع تحقيق أرباح تصل إلى 100 مليون جنيه في نهاية العام الماضى.

والآن وبعد كل هذا النجاح لماذا يحاول بعض المساهمين التفريط فيه، بالإعلان عن بيعها لمستثمر أجنبى، هذا المستثمر الراغب في الاستسهال والاستفادة من نجاح الشركة وحصتها في السوق، بدلا من استخراج ملح منخفض القطاره، أو ملاحات الإسكندرية، وغيرها في بورسعيد وسيناء.. إلخ

مدى علمى أن مجلس الوزراء يقف خلف هذا النجاح ويدعمه، وحاليا هناك عملية تكريك واسعة للبحيرة، فضلا عن إقامة ما يسمى بـ «الحزام الآمن» لحجز المواد الصلبة العالقة بمياه الصرف الزراعى الداخلة للبحيرة.

وأخيرًا.. مصر فيها حاجات حلوة كثيرة.. ويجب أن نحافظ عليها ونشد على أيدى المخلصين من أبنائها، ومنهم رجال شركة الفيوم للملح والمعادن الكيميائى سليمان الشيشنى، ود. حسن شحاتة وم. وحيد عثمان ومحمد بيومى وحسين شعبان، وكل العاملين بالشركة بقيادة الوطنى المخلص والخبير الجيولوجى د. عبد اللطيف الكردى..

التحية للمخلصين من أبناء مصر الذين يعملون بكل جد وطوال الـ 24 ساعة وبعيدًا عن ضوضاء القاهرة وأفندياتها! 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز