عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
« حرائر البنا» و«تحية الجبيلى» (6)

« حرائر البنا» و«تحية الجبيلى» (6)

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

كانت ابنة عم (زينب الغزالى الجبيلى) وتدعى (تحية) هى نقطة البدء لدخول العائلة حظيرة الإخوان، وذلك عندما تزوجت تحية من محمد الأخ الأكبر لزينب، وقد ذكرت فى حلقة سالفة أن أشقاء زينب الذكور كانوا جميعًا شيوعيين، مما جعل عسيرًا على الإخوان التواجد فى قريتهم لأنهم كانوا المتحكمين فى ذلك كون والدهم من مُلّاك الأراضى الأعيان، ولكن الجماعة كلفت حرائرها بالبحث عن طريقة للوصول إلى تلك العائلة وتجنيد أحد أفرادها ليكون مدخلًا للتواجد الإخوانى بالقرية، وكانت (تحية) قد انتقلت للقاهرة مع زوجها، حيث تم استقطابها لحضور جلسات الأخوات حتى صارت منهم وهى التى قامت بجذب زوجها للتعارف على أزواج صديقاتها الإخوان وانخرط فى الجماعة، حتى هذا التاريخ كانت (زينب) فى رحاب الوفديين تقوم بمحاولات مستميتة للوصول إلى الزعامة والرئاسة النسائية كانت تريد أن تكون (صفية زغلول، زينب الوكيل، سيزا النبراوى)، ولكن الوفديين لم يعطوا لها هذا لأنها لم تكن تتقن أى لغة أخرى سوى العربية وكان الوفد يميل أن تكون ممثلته تجيد عدة لغات.




كانت زينب قد نشأت ابنة وحيدة وسط أشقاء ذكور، مما جعلها تعتنق العنف لتجد لنفسها مكانًا خاصة بعد أن وقفوا فى طريق استكمال تعليمها، علاوة على عدم تمتعها بقسط من الجمال، هذا منحها قوة مدمرة لإثبات نفسها خاصة وهى تميل إلى حب الظهور والسيطرة والزعامة والقيادة، وهو ما لم يتم توافره من خلال الأسرة فبحثت عنه خارجها، وكانت البداية حزب الوفد الذى لم يمنحها أيضًا تلك الفرصة لأن لديهم نساءً يفُقنها ثقافة.


ووجدت زينب ضالتها فى الجمعيات التى لا تتطلب إجادة لغات أخرى غير العربية فلم تجد سوى جمعية الشابات المسلمات ولكى تنتمى إليها كونت مع أخرى جمعية خيرية ذات طابع دينى وأكملت نقصها فى حب الظهور بإصدار مجلة تكتب بها لكى يذيع صيتها، ولكن هذا أيضًا لم يحقق لها المراد، وتذكر فى مذكراتها أنه عام ١٩٣٨ كانت تلقى محاضرات للسيدات فى دار الإخوان المسلمين بالعتبة الذى خصص جزء منه للأخوات المسلمات، وكان حسن البنّا يريد ضمهم لحرائره ليصيرا حركة واحدة، وعندما عرضت زينب ذلك على الجمعية العمومية للسيدات المسلمات رفضن اقتراح البنّا وحبذن وجود تعاون وثيق بين الهيئتين فقط دون الإدماج.


ورضخت زينب لعضوات الجمعية التى كانت تحقق لها جزءًا من أهدافها، ولكنها وعدت البنّا بأن تكون السيدات المسلمات لبنة من لبنات (الإخوان) على أن تظل محتفظة باسمها واستقلالها، وظلت زينب طوال عشر سنوات بعيدة عن البنّا وجماعته ولَم تحظ بأى مكانة تذكر لديهم حتى عام ١٩٤٨ عندما صدر قرار حل جماعة (أخوات البنّا) ومصادرة أملاكهم وإغلاق شُعبهم، وهنا قامت الحرائر بدور كبير وكانت على رأسهن (تحية الجبيلى) وتقربت زينب لابنة عمها لتعرف المزيد عن أخوات البنّا فهى التى تستغل تلك المواقف لتعرض خدماتها وتحظى بالمكان الذى تريده، وحسب قولها فقد راجعت نفسها فى كل آراء البنّا لإصراره على الإدماج الكلى، واتصلت بأحد الإخوان ويدعى (عبدالحفيظ الصيفى) وكلفته بنقل رسائل شفوية لـ(البنا) تذكره فيها بعهدها فى آخر لقاء لهما، وعاد إليها بتحيته وطلبت من أخيها محمد إيصال وريقة صغيرة بواسطته أو عن طريق زوجته للبنا كتبت فيها (سيدى الإمام حسن البنّا، زينب الغزالى الجبيلى تتقدم إليك اليوم وهى أمة عارية من كل شىء إلا من عبوديتها لله وتعبيد نفسها لخدمة دعوة الله، وأنت اليوم الإنسان الوحيد الذى يستطيع أن يبيع هذه الأمة بالثمن الذى يرضيه لدعوة الله تعالى.. فى انتظار أوامرك وتعليماتك سيدى الإمام) انتهت رسالة زينب لبيع الوطن تحت زعم إرضاء الله وهو البراء من مزاعمها.


وتروى زينب أن الوريقة وصلت البنّا عن طريق زوجة شقيقها (تحية)، ولكن البنّا استدعى شقيقها وطلب منه إبلاغها بمقابلته وأن ذلك سيحدث وكأنه مصادفة على سلم دار الشبان المسلمين وهو فى طريقه لإلقاء محاضرة، وتضيف أنها فى مقابلة السلم تلك قالت لـ(البنّا) اللهم إنى بايعتك على العمل لقيام دولة الإسلام، وأرخص ما أقدم فى سبيلها دمى والسيدات المسلمات، فقال: وأنا قبلت البيعة وتظل السيدات المسلمات الآن على ما هى عليه، واستمر الاتصال بينها والبنا بواسطة شقيقها وكانت أول رسالة منه بتكليفها بالوساطة بين (النحاس والإخوان) وكان النحاس وقتها خارج الحكم، ولكنها كانت حلقة الاتصال بينهم حتى إنه حسب روايتها بأن الوفدى (أمين خليل) هو الذى سرب لها أن هناك نية لاغتيال (البنّا) ويجب اتخاذ إجراءات سريعة ليسافر للخارج، وتضيف أنها حاولت الاتصال بالبنا لإبلاغه، ولكنها لم تتمكن لأن شقيقها كان وقتها معتقلاً.


وأيًا ما كانت رواية زينب التى تعطى لنفسها أهمية فى كل وقت نابعة من أضغاث أحلامها فقط حتى إنها تنسى ما نسجته من روايات عدة حول حدث واحد، فمثلاً بخصوص بيعتها للبنا على سلم جمعية الشبان المسلمين تنساها وتؤلف غيرها ترويه لـ(على عشماوى) فتقول: إنها فى إحدى الليالى وكانت حالتها الروحانية عالية، صلت العشاء ونامت وفى منامها رأت (البنّا) الذى قال لها آن الأوان لتصححى مسار عملك الإسلامى وتعملى من خلال الجماعة وقدم لها يده ووضع كفيها بين كفيه، ثم تلا البيعة وهى تردد خلفه حتى انتهت ومن يومها وهى تعمل مع الإخوان بتلك البيعة التى زعمتها.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز