عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الوعي الزائف!

الوعي الزائف!

بقلم : هاني عبدالله

فى السياق التقليدى للحروب النظامية، فإنَّ أى «فعل عسكرى» يسبقه – فى الأغلب – مجموعة من التصادمات السياسية «المبكرة».. إذ تُحفز تلك «التصادمات» من حدة المواجهة بين أى من الطرفين.
لكن.. مع تطور أجيال الحروب، وظهور ما اصطلح على تسميته بـ«حروب الجيل الرابع»؛ فإنَّ زوايا الرؤية والتحليل تتطلب، بالضرورة، إدراكًا مُختلفًا.. إذ يُصبح جوهر الاستهداف سياسيّا لا عسكريّا (فى المقام الأول).. ويُصبح الهدف [الرئيسى] هو كسر إرادة القوات النظامية (المُستهدفة)، عبر وسائل غير عسكرية بالضرورة لحساب: (دول معادية/ أو جماعات عسكرية منظمة/ أو شبه منظمة).


.. وتحت مظلة الجماعات المنظمة (أو شبه المنظمة)، فإنّ الجماعات الإرهابية، وما يُطلق عليه جماعات «الفاعلين من غير الدول»، تحتل مساحات وأدوارًا شديدة التأثير فى هذا النمط من الحروب.





كما تختلف منطلقات «حروب الجيل الرابع» عن الحروب التقليدية؛ فإن آليات وسمات هذا النمط من الحروب، تختلف، هى الأخرى، بالتبعية.. إذ يُمكننا - يقينًا - أن نُحدد سمات تلك الحروب، وفقًا للآتى:


(أ)- لا تقتصر  حروب الجيل الرابع (بالضرورة) على الأطراف المباشرة للحرب.. إذ ربما تلجأ «دولة ما» أو بعض الفاعلين من غير الدول (جماعات أو ميليشيات) لدعم جماعات «داخلية» أخرى أو جماعات تم تخليقها (عمدًا)؛ لتحقيق أهداف سياسية للدول الداعمة، على حساب «الدولة الوطنية»، وقواتها النظامية.. وإدخال الأخيرة (أى القوت النظامية) فى معارك استنزاف طويلة الأمد.


(ب)- تتصدر «الجوانب الإعلامية» فى سياق حروب الجيل الرابع، أى فعل عسكرى مباشر؛ إذ يتم عادةً تدشين حملات إعلامية [منظمة] تستهدف تشكيك كل من: «صانع القرار»، و«المواطن» فى آن واحد، فى جدوى أى تحرك من شأنه أن يغير «موازين القوى» لحساب الدولة المُستهدفة.. وهى حملات تنقسم فى العادة إلى «حملات ما قبل اتخاذ القرار»، و«حملات ما بعد اتخاذ القرار»، وفقًا للآتى:


• تستهدف الحملات [الاستباقية] إقناع «صانع القرار السياسى» بأن الأهداف الاستراتيجية التى يسعى لتحقيقها، لا يُمكن – فى الواقع – تحقيقها.


• وتستهدف الحملات التكميلية [اللاحقة] التشكيك فى أن الأهداف الاستراتيجية (المشروع فى تنفيذها) من شأنها تكبيد الدولة (المُستهدفة) خسائر فادحة، وأن عوائدها «محدودة» (على خلاف الحقيقة).


(ج)- تكون المُحصلة النهائية للحملات الإعلامية (الاستباقية، واللاحقة) التى تشنها وسائل الإعلام الموجهة، و«الحروب بالوكالة» (التى تشارك بها الجماعات المدعومة خارجيَّا)، هى: إرباك «صانع القرار» من جانب.. وتفكيك منظومة «الدعم الشعبى» للجيوش من جانب آخر (ووضعها موضع الاستهداف الدائم).


■ ■ ■


فى سياق التطور «التقنى» لوسائل الاتصال الحديثة، لم تعد معادلة حروب «الجيل الرابع» مقتصرة على مواجهات الدول أو الفاعلين من غير الدول، فحسب.. إذ توسعت مساحات «الفواعل» الأخرى؛ لتشمل: الكيانات الاقتصادية العملاقة، والشبكات «العابرة للحدود» (ممن تتوافر لديهم القدرات التكنولوجية الفائقة).


وفيما يعتبر بعض باحثى العلوم السياسية أن دخول فواعل جديدة فى منظومة الحروب (فى ظل التطور التكنولوجى الراهن) يُعد أحد الأطوار المتقدمة من حروب الجيل الرابع، يُفضل البعض الآخر تصنيفها كجيل جديد ومستقل من الحروب (حروب الجيل الخامس)؛ إذ لم تعد الحروب حكرًا على الدول والجماعات المسلحة، بل باتت ساحتها مهيّأة لاستقبال «الشبكات العابرة للحدود القومية»، وتحالفاتها مع بعض الشخصيات الموصوفة بأنها «ذات تأثير» (influencers) على الفضاء الإلكترونى، ومواقع التواصل الاجتماعى.


أى أننا – فى النهاية – أصبحنا أمام مزيج من التحالفات التى تضم (دولاً، وكيانات، وأفرادًا) تسعى لإحداث عمليات انهيار داخلى للدولة (أى دولة) وإفشالها، وجرها إلى دوامات من العنف، عبر إشاعة الإحباط، وترويج الشائعات، وتزييف الوعى (فضلاً عن استخدام القوى المسلحة التقليدية التى تمتلكها جماعات الإرهاب).





وفى الواقع؛ فإنَّ «الدولة المصرية»، كانت ولاتزال محلاً لاستهدافات عديدة من هذا النوع.. فمنذ سنوات خلت، تقاطع عديدٌ من الأجندات الدولية، والإقليمية لتحجيم «الدور المصرى»، وإنهاك «الدولة الوطنية»، واستنزاف قوتها العسكرية فى مواجهات حادة مع الإرهاب.. ورغم أنَّ «الدولة المصرية» حققت (واقعيًّا) نجاحات مشهودة ومتنوعة؛ فى مواجهة وإجهاض تلك السيناريوهات كافة.. فإن «محاور دعم الإرهاب» لم تزل تنظم حملاتها لاستهداف «القاهرة»، كما لم ترفع يدها – فى أى وقت من الأوقات - عن دعم «جماعات الإرهاب» (سواء فى الداخل أو عبر الحدود).


لذلك.. تأتى أهمية المؤتمر الوطنى الثامن للشباب، فى سياق [مواجهة الإرهاب وحملات تزييف الوعى] بتوقيت شديد الأهمية.. إذ يُعد المؤتمر (المنعقد اليوم) فى حد ذاته أحد محاور المواجهة الرئيسية مع أجندات الاستهداف، ومحاولات إشاعة «الإحباط» لدى الرأى العام، وترويج الشائعات.. وهى أمور تنبهت لها – يقينًا – الدولة المصرية بصورة مبكرة؛ لذلك (وربما للمرة الأولى فى تاريخ الإدارات السياسية المصرية) تم الحفاظ على أن يكون هناك جلسات للمكاشفة، يتم خلالها توجيه الأسئلة بكل وضوح لـ «رأس الدولة».. ثم تأتى الإجابة بعدها بلحظات.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز