عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
كلمة تساوى حياة

كلمة تساوى حياة

بقلم : د. إيريني ثابت

فى الثانى عشر من سبتمبر منذ عام 2007م، يحتفل الأمريكيون باليوم الوطنى للتشجيع.. وهو يوم يقوم فيه المحتفلون المهتمون بالفكرة بتشجيع مَن حوْلهم على قَدر ما يستطيعون.



قالت صديقتى لى إن بعض الذين يتولون مناصب قيادية يرون أن تشجيع الذين يعملون معهم يؤدى إلى تكاسلهم وعدم إتمام المهام على أفضل وجه.. وصديقتى ترى أن العكس صحيح.. وأن القادة الذين يُظهرون التقدير لمجهودات مرءوسيهم، ويمتدحون العمل هم الأقدر على تحقيق أفضل إنتاج؛ لأن التشجيع يجعلك أكثر رغبة فى العمل والإنتاج بنَفْسٍ راضية وسعيدة.

وبعض المُعلمِين والآباء والأمهات لايزالون يعتقدون أنهم إذا شجعوا الأطفال وامتدحوا مستوياتهم فى التحصيل، سيركن الطفل للمديح ولا يعود للمذاكرة.. ولِمَ لا وقد قالت له أمُّه أو مُعلمته إنه ممتاز! ولكنها فكرة خاطئة تمامًا.
الحقيقة أن التشجيع ضرورة نفسية لكل إنسان.. الصغير يحتاجها والكبير أيضًا.. الذى أخفق يحتاج تشجيعًا والذى نجح يحتاجه أيضًا.. ولا ينبغى الخلط بين التشجيع وما نطلق عليه بالعامية (الدلع) أو التسيب مع الطفل أو الكبير، وعدم المحاسبة على الخطأ.. نحن نطلب إعادة العمل الذى لم يتم بصورة صحيحة، ولكن لا نحكم على العامل بالفشل لأنه لم يحقق المطلوب.. ونحن نخصم الدرجات لأن الإجابة خطأ ولا نحطم الشخص لأنه أخفق فى إيجاد الإجابة الصحيحة.

أرسلت لى صديقة أخرى على الـ«فيسبوك» منشورًا يحكى عن مُعلمة تعرف التشجيع.. يقول المنشور: (كانت المعلمة تتجنب قول «إجابة خاطئة».. كانت تقول: «اقتربت من الإجابة الصحيحة، مَن يستطيع إعطاء إجابة أخرى؟».. أمَّا الجملة التى قتلتنى فكانت قول المعلمة لأحد الطلاب عندما أجاب إجابة خاطئة: «هذه إجابة صحيحة لغير هذا السؤال»!.. قلوب لا تعرف سبيلا للتحطيم المعنوى..!).. انتهى المنشور.

التشجيع يجعل المخطئ يصلح من ذاته لأنك وضّحت له: ليس أن اتجاهه صحيح، ولكنك أكدت له أنه قادر على أن يصحح اتجاهه.. والتشجيع من شريك حياتك أو صديقك يُشعرك بالتقدير.. مجهودك وتضحياتك ومحبتك والبذل من أجل أسرتك وأصدقائك.. كل هذا يتم تقديره من الطرَف الآخر.. الذين حولك يُقَدرون ما تفعل من أجلهم ويُعبرون لك عن هذا التقدير.. ماذا ستفعل أنت؟ قطعًا ستكون سعيدًا راضيًا بما تقدمه لأنه محسوس من قِبَل الآخرين.

التشجيع للذى أخفق يعيد له ثقته بنفسه ويشجعه على إعادة بناء نفسه.. الطفل الذى تقول له: أنت فاشل، يفشل.. والذى تقول له: أنت تستطيع، يستطيع.. قل له المَثل اليابانى المعروف: (إن سقطت سبع مرات، قف ثمانى مرات).. وشَجّع مَن حولك لإيجاد الهدف والسعى نحوه بكلمات نيتشة: (الذى يعرف «لماذا» يعيش، يستطيع أن يعبر كل «كيف» يتعرض لها فى الحياة).

التشجيع كلمة، أو نظرة، أو ابتسامة، أو ربتة على الكتف، وكلها لا تكلفك شيئًا.. التشجيع للآخرين هدية مجانية تقدمها لهم وتأخذ أنت جزءًا منها.. شجع زوجتك تضمن سعادتها النفسية وعملها بحب فى الأسرة فتأخذ أنت استقرارًا وسعادة.. وأنتِ أيضًا إذا قدَّرتِ زوجِك وشجعتِ أبناءك ستعيشين فى استقرار وسعادة.

تقول الدراسات إن تشجيعك للآخرين سيفيدك فى المستقبل؛ لأنك ستقوم بتكوين صداقات قوية مع الذين تشجعهم، فعندما ينجحون، يرفعونك أو يقدمون لك خدمات.. والحقيقة هى أنك حين تشجع الآخرين من قلبك، فأنت تتمرن على إيجاد الخير والجَمال فى الآخرين، وحين تتقن هذه المهارة ستطبقها تلقائيّا على نفسك حين تشعر بالإحباط أو الإخفاق.. ستتمكن من أن تجد فى نفسك نقاطك المضيئة، وتشجع نفسَك، وتقوم من كبوتك.

كلمة التشجيع تساوى حياة لليائس.. تنتشله من الموت المعنوى وترسم على وجهه ابتسامة وتحفر فى قلبه أملاً للحياة.. كلمة التشجيع للناجح أيضًا حياة، فماذا يساوى نجاح ابنك إذا لم تقل له إنه شاطر وناجح وأنه بنجاحه أسعدك.. التشجيع مُعدٍ.. نعم.. عندما تشجعين ابنتك، ستجدينها تشجعِك أيضًا.. ستمتدح ملابسك وشكلك وذوقك.. شجعى ابنك وستجدينه يمتدح الطعام الذى تعبتِ فى إعداده، والرأى السديد الذى قلتِه له أمس.. وإياكِ أن تظنى أن تشجيعهما ليس مُهمّا.. التشجيع ليس عيدًا ليوم فى السنة، بل هو أسلوب حياة طوال العمر.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز