عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الفيوم.. الواحة المنسية!
بقلم
محمد نجم

الفيوم.. الواحة المنسية!

بقلم : محمد نجم

يبدو فعلًا أن الدنيا حظوظ!



والحظوظ الجيدة قد تكون من نصيب بعض البشر وأيضا قد تكون الحظوظ السيئة من نصيب بعض المحافظات.

عندك.. مثلًا محافظتا الفيوم والقليوبية لم تنالا حظهما الواجب من الاهتمام بسبب قرب الأولى من محافظة الجيزة، والتصاق الثانية بالعاصمة «القاهرة»، بل دخلت الأخيرة في نطاقهما تحت مسمى القاهرة الكبرى!

والفيوم التي وصفت من قبل بأنها «أكبر واحة طبيعية في مصر»، لأنها عبارة عن منخفض عميق في الصحراء الغربية، وبها بحر يوسف الذي يماثل نهر النيل، إلى جانب ثلاث بحيرات طبيعية تمتد حوالى 100 ألف فدان، فضلًا على عيون المياه العذبة، وصلاحية أراضيها لجميع أنواع المزروعات من خضر وفواكه ومحاصيل تقليدية.
ناهيك عن آبار البترول والحجم الكبير من الآثار الباقية من مختلف العصور السابقة، واعتدال مناخها وطيبة أهلها الذين لا يتجاوز عددهم ثلاثة ملايين و500 ألف نسمة يعيشون في 6 مدن وحوالى 200 قرية.

وكان دائمًا ما يرد «الذواقة» أن الفيوم بها أحلى مانجو وأطعم سمك، بسبب الطبيعة المتفردة لأرضها وانتشار البحيرات الطبيعية «العذبة والمالحة» بها.. كما يكفي أن تعلم أن من أبنائها الرائد والعملاق يوسف وهبي، والبرنسيسات مريم فخر الدين ونجلاء فتحي والموسيقى الموهوب زكريا أحمد.

هذه الفيوم التي كانت.. يقال أيضا إنها كانت عاصمة للحكم لفترات زمنية مختلفة، ومستودعًا للغذاء، ومستوطنة للحيتان وغيرها من الحفريات التي انقرضت.
ولست أدرى لماذا حظها قليل على الرغم من طيبة أهلها واعتدال طقسها.. الربيع طول السنة! فلم تعد تنتج الحجم المعتاد من المانجو المميزة كما كانت بعد أن أصيبت أشجارها بالأمراض واضطر أصحابها لقطعها.. حتى لا تنتقل الأمراض إلى الأرض!

ولم تعد تحتل المرتبة الرابعة في إنتاج الأسماك بعد الإسكندرية وبورسعيد ودمياط، فقد جار الزمن والإهمال على بحيراتها.

فمثلًا بحيرة قارون والتي تكونت من آلاف السنين كبحيرة طبيعية لانخفاضها عن سطح البحر المتوسط بحوالي 45 مترًا، كانت ضعف مساحتها الحالية «55 ألف فدان» مائة مرة، وكانت تتميز بعذوبة مائها، ولذلك كانت تنتج جميع أنواع الأسماك النيلية خاصة البلطي والقراميط، ولكن مع تغيرات الطقس وزحف العمران وانخفاض المياه الواردة إليها مع استمرار معدل البخر، ارتفعت نسبة الملوحة بها، واختفت الأسماك النيلية، واضطرت هيئة الثروة السمكية مع المحافظة لوضع ذريعة الأسماك التي تنمو في المياه المالحة ومنها البوري والجمبري وموسى وقاروس.

لكن استمرار الحال من المحال، حيث لا تستقبل البحيرة حاليًا سوى مياه الصرف الزراعي، وعانت من الصيد الجائر، أي من دون قواعد من حيث توقيت الصيد أو نوعية الشباك المستخدمة، فضلًا على إصابتها مؤخرًا بذريعة ملوثة قضت على ما تبقى بها من أسماك، وأغلقت حتى نهاية ديسمبر المقبل لحين الانتهاء من معالجة التلوث!

ثم هناك «البحيرة المسحورة» والمحاطة بالجبال من جميع الجهات ومع ذلك تتميز بمياهٍ شديدة العذوبة، كما يتغير ألوان سطحها مع درجة سطوع الشمس، والمشكلة أن المياه تنخفض بها بسبب التبخر، مع انخفاض المياه الجوفية المغذية لها.

وكذلك محمية وادي الريان والتي تضم بحيرتين مختلفتي الارتفاع، ما يخلق بينهما «شلالات الريان» وعيون مياه عذبة، وحيوانات نادرة.. فالمياه تنخفض بهما بشكل مستمر بسبب رفع مياهها لري أراضي قرى الخريجين التي أقيمت بجوارها، ومع ذلك ما زالت تنتج الأسماك بعد توزيع مساحتها على جمعية الصيادين، وإحدى الشركات الخاصة لكن ليس بالقدر المطلوب لانخفاض حجم الذريعة التي تلقى بها، فضلًا على الصيد في غير المواسم المقننة.

ولم يبق على حاله في تلك المحافظة «الواحة»، سوى محمية وادي الحيتان والقريبة من محمية وادي الريان حيث بها أكثر من 40 هيكلًا لحيتان متحجرة.
كذلك الآثار المكتشفة من أهرامات، ومدافن لمختلف الإمبراطوريات القديمة التي حكمت مصر في عصور مختلفة بدءًا من الفراعنة وانتهاء بالفتح العربي.

ولكن أكثر ما أحزنني في زيارتي السريعة لتلك المحافظة والتي لا تبعد عن الجيزة سوى نصف ساعة فقط بالسيارة، هو الكم الرهيب من «الكومباوندات» والفنادق المهجورة التي أقيمت على شواطئ بحيرة قارون، لقد اعتدى بعضها على المسطح المائي للبحيرة بما أقاموه من «مشايات» تمتد لأكثر من نصف كيلومتر داخل المياه، فضلًا على أنها «رأس مال معطل»، هذا بخلاف اعتدائها على شواطئ البحيرة والأراضي الزراعية المحيطة بها، وقد أخبرنا البعض من أن بعضها تعرض للنهب والسلب أثناء وأعقاب أحداث يناير 2011.

على أي حال.. ليست الصورة كلها سلبية فهناك قليل من الحظ قد طال المحافظة وأهلها مؤخرًا، حيث أقام الأهالي أكثر من 200 مزرعة سمكية يبلغ إجمالي إنتاجها السنوي حوالي 15 ألف طن من الأسماك المختلفة وهو ما عوض الانخفاض الذي حدث في أسماك البحيرات.

كما بدأت الحكومة مؤخرًا في عملية تكريك واسعة لبحيرة قارون.. وانتهت بالفعل من المرحلة الأولى وجار البدء في المرحلة الثانية.

وهناك محاولات متسارعة لعلاج التلوث الذي أصاب بحيرات الفيوم، وكذلك الأمراض التي أصابت الفواكه وبعض الخضروات.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز