عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ماذا يفعل الرئيس السيسي في أمريكا؟!

ماذا يفعل الرئيس السيسي في أمريكا؟!

بقلم : أيمن عبد المجيد

للعام السادس على التوالي، يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي، متحدثًا للعالم من منبر الأمم المتحدة، ملقيًا، بلسان مصري عربي إفريقي مُبين، بيان مصر للعالم.



هو البيان السادس لدولة ٣٠ يونيو، بيد أن المحلل المدقق لمضامين تلك البيانات، وما صاحب لحظات صياغتها، من متغيرات محلية وإقليمية ودولية، وما تحمله من رسائل ومضامين، يخرج بجملة من الدلالات العاكسة للاستراتيجية المصرية، عميقة الرؤية، شاملة متجذرة، مستدامة، واضحة الأهداف، صلبة في مواجهة التحديات.

تلك الاستراتيجية المصرية، متنوعة الأبعاد، السياسية، والاقتصادية، والأمنية والإعلامية.

فالرئيس عبد الفتاح السيسي، وقف بالأمس، موجهًا رسائل بليغة للعالم، من منبر الأمم المتحدة، لكن بيان مصر هذا القوي، لم يكن سوى فاعلية من إجمالي ٢٧ نشاطًا رئاسيًا بالغ الأهمية، استغرقت نحو ٩٠ ساعة عمل متواصل، يُضاف إليها بضع ساعات خلود للراحة.

نشاط الرئيس بدأ في يوم وصوله إلى نيويورك، ٢١ سبتمبر، وبعد قرابة ١١ ساعة طيرانًا متواصلًا، بقمة ثلاثية مصرية أردنية عراقية، بحث فيها الرئيس مع شقيقيه، الملك عبد الله بن الحسين، وبرهم صالح، العديد من الملفات، على رأسها تعزيز الاستثمار والتجارة البينية، إلى جانب ملف التعاون في مكافحة الإرهاب، وملفات إقليمية على رأسها القضية الفلسطينية.

القمة الثلاثية ليست الوحيدة، فقد عقد الرئيس ثلاث قمم ثلاثية، الثانية جمعته بالرئيس الصومالي محمد عبد الله فارماجو، والرئيس الكيني أهور، بينما قمة ثلاثية ثالثة جمعت الرئيس برئيس كينيا، وإسماعيل عمر رئيس جيبوتي.

القمتان الثلاثيتان الإفريقيتان، سعى الرئيس السيسي بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي، وبثقل مصر القاري، لبحث عدد من القضايا التي تشهد تباينًا في وجهات نظر الدولتين، فقد سعى الرئيس لتوفيق وجهات النظر بين البلدين، كينيا والصومال من جانب، وكينيا وجيبوتي من جانب آخر.

وهذه الوساطة المصرية، تعكس عودة الدور المصري الفاعل في إفريقيا، واهتمامها بالقرن الإفريقي، وسعيها الجاد لإحلال السلام، واحتواء الخلافات في الرؤى في مهدها.

خريطة اللقاءات الرئاسية في الزيارة الحالية، وما سبقها من لقاءات، تؤكد الاستراتيجية المصرية، الساعية بخطى واثقة، لاستعادة الريادة، وبناء شراكات مصرية قوية مع كل القوى الدولية، بما يحقق مصلحة شعب مصر، وأمتنا العربية وقارتنا الإفريقية.

 

تلك الاستراتيجية، في تقديري تنطلق من مرتكزات ثلاثة:

١- الأمن القومي المصري، بمعناه الشامل والممتد، إلى حيث تصل مصلحة الدولة المصرية.

٢- تعزيز فرص الشراكات الاقتصادية، التي تخدم جهود التنمية في مصر، بما يحقق حياة أكثر رفاهية للشعب، ومستقبل الأجيال القادمة.

٣- تعميق قوة مصر السياسية والدبلوماسية، بما يخدم المرتكزين السابقين، ويعزز من القدرة الشاملة للدولة لتحقيق أهدافها.

يتضح ذلك من خارطة اللقاءات، بشقها السياسي، حيث التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ١٧ من قادة دول العالم ينتمون لقارات العالم، بينهم عشرة رؤساء، وسبعة رؤساء وزراء حتى الآن.

في مقدمة الرؤساء، الذين عقد الرئيس السيسي معهم قممًا رئاسية، على هامش أعمال الجمعية العامة 74 للأمم المتحدة، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشاد بقوة بالسيسي، مشددًا على أنه رئيس قوي حقق إنجازات في فترة قصيرة، وأنقذ وطنه من الفوضى.

تصريحات ترامب، كانت ردًا على سؤال لصحفي أمريكي، حول ما وصفه بالمظاهرات التي شهدتها مصر الجمعة الماضي، وكان رد ترامب: "أن التظاهرات تحدث في كل دول العالم، لكن السيسي قائد عظيم أنقذ بلاده من الفوضى، التي سادتها قبل وصوله للحكم".

لقاء السيسي- ترامب هو القمة الثامنة التي تجمعهما، فكان اللقاء الأول قبل ترشح ترامب للرئاسة، وهو اللقاء الذي صحح فيه السيسي المفاهيم حول حقيقة ما شهدته مصر، وثورة ٣٠ يونيو.

لقاء قمة آخر جمع الرئيس السيسي والرئيس الفرنسي ماكرون، وهو اللقاء الذي شهد توافقًا في الرؤى وبحث سُبل تعزيز التعاون في المجال الاقتصادي، لكن الصور كانت أبلغ، تعكس حجم التقدير المتبادل.

القمم الرئاسية، تنوعت ما بين أوروبي وعربي وإفريقي، امتدت بامتداد الأمن القومي المصري، فكان لقاء السلام لتوفيق الرؤى بين دولتي الصومال وكينيا، وبين كينيا وجيبوتي، بل وقمة سيراليون، لما لها من أهمية في غرب إفريقيا، خاصة في مجالات التنسيق الأمني في مواجهة الإرهاب.

ومن إفريقيا، إلى لبنان ميشيل عون، وفلسطين محمود عباس، والبرتغال، المجر، وأوكرانيا، ففلسطين قضية مركزية، ولبنان تشهد توترات تمس الأمن القومي العربي، والبرتغال والمجر تشهد العلاقات معهما نموًا، والزيارات الرئاسية السابقة رسخت تعاونًا اقتصاديًا يجرى البناء عليه.

وكان في مقدمة رؤساء الوزراء، رئيس وزراء باكستان، ورئيس وزراء بريطانيا، وأيرلندا، وبلجيكا، وإيطاليا.

ويولي الرئيس، الجانب الاقتصادي الاهتمام الأكبر في زياراته، فقد التقى رئيس مجموعة البنك الدولي، ديفيد مالياس، وأعضاء مجلس الأعمال المصري- الأمريكي، وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية.. تصب تلك اللقاءات في صالح الاقتصاد المصري، لما تشهده من توضيح لما تنجزه الدولة من إصلاحات اقتصادية، على مستوى البنية التحتية والتشريعية، والبيئة الاستثمارية، بما يدعم جذب استثمارات جديدة، تخلق فرص عمل إضافية للشباب.

فمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تلك الفعالية الدولية، تخدم أهداف مصر السياسية والدبلوماسية والاقتصادية، بما يعظم قدرات الدولة الشاملة.

بين التاريخين، ٢٤ سبتمبر ٢٠١٤، و٢٤ سبتمبر ٢٠١٩، جرت مياه كثيرة داخل مصر، وفي المحيط العالمي والإقليمي، مصر ٣٠ يونيو التي ألقى الرئيس بيانها الأول من منبر الأمم المتحدة، منذ ست سنوات، ليست هي مصر التي ألقى الرئيس بيانها أمس.

في ٢٠١٤، ذهب الرئيس للأمم المتحدة، ومصر محاصرة اقتصاديًا، ذهب ومصر محاصرة سياسيًا، تتذكرون تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي، ذهب ومصر تتلقى قذائف المدفعية الإعلامية لأعداء الوطن، ورعاة الإرهاب، كان الهدف المواجهة وتعريف العالم بحقيقة الواقع على الأرض، حقيقة ثورة الشعب، وتحطيم الصورة الذهنية الزائفة، التي بناها الأعداء.

قالها الرئيس في كلمته حينها بلسان صدق: "أقف أمامكم اليوم كواحدٍ من أبناءِ مصر، مهد الحضارة الإنسانية.. شعب مصر العظيم الذي صنعَ التاريخَ مرتين، خلال الأعوام القليلة الماضية، تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد، وطالب بحقه في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتارةً أخرى، عندما تمسك بهويته، وتحصن بوطنيته، فثارَ ضد الإقصاء، رافضًا الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة على مصالح الشعب".

انتصرت مصر، في حربها واعترف العالم بثورتها، وانكشف إرهاب الإخوان وداعميهم، وعدت مصر العالم بإنجازات وإصلاحات، وكان شعبها هو البطل الحقيقي، الذي تحمل المعاناة، وأبهرت صلابته العالم أجمع، تلاحم مع مؤسسات دولته، وهدم مخططات الأعداء وذيول الإرهاب.

سابقت مصر الزمن، وحققت إنجازات، في البنية التحتية، والمشروعات العمرانية، والثروة السمكية، واتسعت الرقعة الزراعية، قضت على العشوائيات وفيروس "سي"، وقوائم انتظار العمليات الجراحية، واتسعت رقعة العمران لتتسع لـ٢٠ مدينة جديدة من سيناء للعلمين، من الصعيد للدلتا، فكسبت ثقة المستثمرين وعاد السياح وتعافى الاقتصاد.

مصر التي ذهبت في ٢٠١٤ تدافع عن ثورتها، عضويتها مجمدة في الاتحاد الإفريقي، وقفت أمس على منبر الأمم المتحدة، تقدم للعالم علاج مشكلاته، تتحدث باسم إفريقيا، فلم تمر ست سنوات حتى كانت رئيسًا للاتحاد الإفريقي، تدافع بلسان صدق عن قارتها، تعمر وتضمد الجراح، وتتوسط للقضاء على النزاعات، وتعزز التجارة البينية وتؤسس منتدى أسوان الأول للسلام والتنمية في إفريقيا.

 

ماذا يفعل الرئيس في أمريكا؟!

الإجابة: يواصل إنجازات الاستراتيجية المصرية، بشقها الإعلامي، فيواجه العالم بحقيقة ما أنجز على الأرض، ففي بيان مصر ذكر الرئيس الملكية الوطنية للحلول، مؤكدًا حتميتها لنجاح منظومة العمل الدولي، مدللًا على ذلك بتجربة مصر الوطنية الناجحة، تلك التي صاغت خطة طموحة للنهوض بمجتمعها على نحو شامل، تصدٍ للإرهاب، وإصلاح اقتصادي، وفق خطة أولويات وطنية، كان لشعبها الفضل الأول في تحمل أعبائها ونجاحها الذي فاق كل توقع.

ذكر الرئيس للعالم، في القمة رفيعة المستوى عن الصحة، أن مصر أجرت مسحًا شاملًا لـ٦٠ مليون مواطن في أقل من عام، وقدمت العلاج المجاني لمليون مصري، في إطار حملة "مئة مليون صحة"، للقضاء على فيروس "سي"، بل تتعاون مع منظمة الصحة العالمية، لنقل تجربتها لإفريقيا.

معنى هذا الرقم أن مصر أجرت خلال العام، مسحًا لـ١٦٦ ألف مواطن بشكل شهري، و١٤ ألفًا كل يوم، و٢٣١ مواطنًا كل دقيقة، إنجاز جبار حمى الملايين من ويلات المرض اللعين، فقد كان البسطاء ينهش أكبادهم المرض، وكثير من الشباب يفقد فرص عمل بالخارج، لاشتراط الدول تحليل الفيروس، الذي كان يفاجئه قاضيًا على حلمه.

في تلك المحافل، تواجه مصر بالحقائق الآلة الإعلامية الشيطانية، التي تستهدف تصدير صورة زائفة، عن الاستقرار في محاولة خبيثة للتأثير على فرص جذب الاستثمار، لكن الحقائق والعمل الجاد والدبلوماسية العاقلة، تهدم كل الدعاية المعادية.

يطرح الرئيس رؤية مصر للعالم، حول الحلول الجذرية، للمشكلات المستعصية، فالإرهاب يكمن علاجه في مواجهة شاملة، فكرية وأمنية، تمتد لمحاسبة الدول الراعية والممولة والحاضنة، والتي تنقل الإرهابيين عبر أراضيها، وتدعمهم إعلاميًا، وتوفر لهم ممرات التجارة السوداء، والتمويل والتسليح.

يكمن علاج أزمات سوريا وليبيا واليمن في الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم الحلول السياسية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية، والقضاء على الميليشيات ووقف التدخلات الخارجية.

دعا الرئيس للمرة الأولى الأمم المتحدة، لأن يطلع المجتمع الدولي بدور بناء في قضية مفاوضات سد النهضة، مؤكدًا للجميع أن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود.

فمع احترام مصر لحق إثيوبيا في التنمية، بيد أن عليها أن تتمتع بالمرونة، التي تصل بها مع مصر والسودان لاتفاق مرضٍ للجميع.

مصر تتحدث بعد ست سنوات للعالم، من موضع القوة، بعد أن حققت نجاحات، وقفزات، بعد أن ثُبت للعالم صدق رؤيتها، فقد اكتوى الجميع بنيران الإرهاب، الذين تهاونوا في مواجهته، وفشلت القوى الدولية المتصارعة على أراضٍ عربية في حسم الصراعات عسكريًا، وبات سبيلهم الوحيد هو ما طرحته مصر منذ سنوات.

لكنها الجماعات الإرهابية ورعاتها في قطر وتركيا، يعاودون الهجمة الإعلامية من جديد، يتآمرون لزعزعة استقرار البلاد، بيد أن صلابة جبهة مصر الداخلية، ستتحطم عليها كل المؤامرات، بإذن الله، وستواصل مصر تنميتها الشاملة وإنجازاتها؛ لتبهر العالم في قادم السنوات.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز