عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
يا جبل ما يهزك ريح!
بقلم
محمد نجم

يا جبل ما يهزك ريح!

بقلم : محمد نجم

كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، عندما يتعرض لضغوط خارجية، يردد تعبيره الشهير «يا جبل ما يهزك ريح»، وأنه سيواصل مسيرته النضالية في تحقيق الحلم الفلسطيني.



ومات المناضل.. وعاشت مقولته.

فماذا تفعل بعض الرياح- حتى ولو كانت عاصفة- في الجبال الصم الرواسخ؟ سوى إثارة بعض الأتربة والزعابيب لفترة مؤقتة.. قد لا تتعدى الدقائق.

وأعتقد أن ما حدث في مصر خلال الأسابيع الماضية لا يخرج عن ذلك، فمصر الحضارة العظيمة والتاريخ الطويل والأرض والشعب لا يمكن أن يؤثر فيها مثل هذه «الترهات»! إنما هي محاولات بائسة لإثارة البلبلة وتعطيل «قطار» التنمية الذي يجوب البلاد من شمالها إلى جنوبها، ومن غربها إلى شرقها.

لقد بدأت تلك المحاولات بفيديوهات مصورة لمقاول شاب فتحت له الدولة أبوابها ليساهم في بناء بلده، لكنه خيّب الظن فيه، وتوهم أنه «يذيع» أسرارًا عن بعض المؤسسات أو الأماكن، محاولًا البحث عن «شُهرة» فشل في الوصول إليها من خلال التمثيل، ثم تمادى في الأمر وتحول إلى خبير استراتيجي «يفتي» في السياسة والاقتصاد والجغرافيا.

ولكن سرعان ما انصرف الناس عن متابعة فيديوهاته المشبوهة، بعد أن تجاوز الأمر مجرد «الفضفضة» من جانبه، و«التسلية» من قبل المشاهدين، خاصة بعدما اتضح للجميع أنه مجرد «أداة» لآخرين في الخارج أو الداخل، وأنه يردد ما يملى عليه، أو ما خطط له من «سيناريوهات» أعدت سلفا قبل هروبه إلى الخارج.

ثم فضح نفسه- كما تردد- بزيارته المشبوهة لدولة «العثمانيين الجدد»، التي اتخذت منها بعض الأبواق الإعلامية الهاربة «منصة» للهجوم وترديد الشائعات ضد البلد الذي ولدوا ونشأوا فيه وتعلموا في مدارسه وجامعاته.

وسرعان ما انتهت ظاهرة هذا «المقاول» بعد أن اصطدمت بوطنية المصريين وثقتهم الكاملة في رئيسهم وقواتهم المسلحة.

لقد فات هذا المناضل الوهمي وكل من ساندوه، أن المصريين لا يتسامحون ولا يغفرون لكل من يهاجم بلدهم من الخارج، فما بالك إذا كان هذا المهاجم «مصريًّا» يعيث فسادًا في البارات والمواخير الأجنبية!

وفي كل الأحوال.. لم تزعجني فيديوهات هذا المقاول الهارب ولا ما التقطته الأبواق الإعلامية في الخارج محاولة النفخ فيه من ترديد شائعات وافتراض سيناريوهات خائبة.

ولكن الذي أزعجني بالفعل هو رد الفعل السلبي على تلك «الحملة» المغرضة، سواء من قبل الإعلام المصري المتنوع، أو من بعض المؤسسات التي اختارت الصمت، وهو ما دفع المواطنين العاديين للتصدي والرد مستخدمين صفحاتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.

لقد اكتشف المواطنون أن بعض نخبهم اختارت الصمت والفرجة! وهكذا كان حال الأحزاب أيضا.. إلا قليلًا!

بل إن البعض خرج من مخبئه مؤيدًا ومحرضًا، وفوجئنا بما يسمى حزب «الكرامة» يعلن عن تجميد نشاطه بحجة الأجواء السلبية غير المشجعة على ممارسة العمل السياسي في مصر!

فأي «كرامة» يدعيها البعض أو يحاول الوصول إليها عندما يتخاذل عن الدفاع عن بلده عندما تتعرض لهجمات إعلامية منظمة ومخططة كما بدا الأمر!

وهل يعتقد أعضاء هذا الحزب وقياداته والذين لا يتجاوز عددهم المئات، ولم يشعر بهم أحد من قبل، أن جماهير الشعب العامل سوف تخرج إلى الشوارع عن بكرة أبيها رافضة هذا «التجميد»؟

بالطبع لن يحدث.. لأن الأمر ببساطة «كلنا عارفين بعض تمام المعرفة»، فالبعض يعيش في وهم «الزعامة»، وهي بعيدة عنه بُعد الأرض عن السماء السابعة!

وهذا حزب ناصري آخر يطلق على نفسه «العربي الديمقراطي» عانى كثيرًا من انقسامات وانشقاقات متتالية، يصدر بيانًا يعترف ويؤكد فيه أن «استهداف مصر هو حقيقة استراتيجية، وليس فزاعة، كما يحلو للبعض أن يروج أو يستهين»، ثم يطالب بالتأكيد على «الوحدة الوطنية المصرية، ووحدة الشعب والجيش»، مشيرًا إلى أن البلاد لا تملك رفاهية التراشق السياسي أو تبادل الاتهامات.

ومن ثم فهو يطالب بحوار وطني شامل لا يستثني سوى من تلوثت أيديهم بدماء المصريين، وهو كلام جميل ما نقدرش نختلف معاه أو نقول حاجة عنه!

ولكن المشكلة فيما انتهى إليه هذا البيان الذي بدأ هادئًا متزنًا، ثم انتهى إلى «تجنيب مؤسسات الدولة القائمة والمعنية بإدارتها، مطالبًا بتشكيل «لجنة لإدارة الأزمة»، فهل نحن في أزمة فعلًا؟ نعم قد تكون هناك أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب إجراءات الإصلاح الاقتصادي، لكن هل معنى ذلك أننا وصلنا إلى مرحلة «الأزمة» الملحة التي تحتاج إلى «لجنة خاصة» لإدارتها؟

على أي حال.. لقد عاد «مناضلو» الحزب إلى رشدهم في نهاية البيان وطالبوا بخطوات عملية، لا نختلف معها، خاصة: إعادة الاعتبار لإعلام الدولة وجعله منبرًا لتعدد الآراء الوطنية، وفتح مجال العمل السياسي أمام الأحزاب، والإفراج عن معتقلي الرأي من غير المتورطين في جرائم جنائية أو إرهابية.

وأعتقد أن هذا ما سوف يحدث في الأيام والشهور القليلة القادمة.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز