عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الأفارقة.. والهجرة إلى الشمال
بقلم
محمد نجم

الأفارقة.. والهجرة إلى الشمال

بقلم : محمد نجم

كالمستجير من الرمضاء بالنار، هذا المثل العربي ينطبق على بعض الشباب العربي والإفريقي الذي يهرب إلى أوروبا بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل من خلال ما يسمى بالهجرة غير الشرعية.



لكن غالبًا ما يقع هؤلاء الشباب في قبضة عصابات الاتجار بالبشر، أو يغرقون في مياه البحر المتوسط، وتصبح أجسادهم غذاء للسمك.

وبالطبع كلا النتيجتين- سرقة الأعضاء أو الغرق- أشد وأقصى من «حالة» الفقر التي كانوا يعانون من تبعاتها.

أحد الخبراء الفائزين بجائزة نوبل للسلام العام الماضي «بيني ديمترز» يرجع أسباب هذه المغامرة غير المضمونة عواقبها إلى رغبة الشباب- خاصة الأفارقة- في الهرب من تردى الأوضاع المعيشية في بلادهم، بسبب الصراعات المسلحة، وانعدام الأمن، وتزايد النمو السكاني، فضلًا على ظاهرة التصحر ونقص الأراضي الصالحة للزراعة ويشير ديمترز إلى منطقة جنوب الصحراء بالقارة الإفريقية لم تكن تستورد الغذاء حتى عام 1980، ولكن بوصول عام 2016 أصبحت تنفق حوالى 40 مليار دولار سنويًّا على الواردات الغذائية، وتوقع أن ترتفع هذه المبالغ إلى حوالى 100 مليار دولار بحلول عام 2050، بل من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في جنوب الصحراء الكبرى من 255 مليونًا عام 2015، إلى حوالى 320 مليونًا عام 2025 طبقًا لبعض دراسات البنك الإفريقي للتنمية.

ذلك على الرغم من أن إفريقيا لديها ما يكفي من الأراضي لسد احتياجاتها الغذائية، حيث يعمل أكثر من 60% من قوتها العاملة في الزراعة.

وأوضح ديمترز في الندوة التي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن المشكلة في «هجرة العقول»، حيث يعمل أكثر من 100 ألف طبيب من غانا- مثلا- في بريطانيا، واصفًا ذلك بأنه أحد التحديات الضخمة التي تواجه الدول الإفريقية، مشيرًا إلى أن أغلب الأوروبيين لا يفهمون إفريقيا ولا يحاولون إيجاد حلول لمشكلاتها، كما أن المنظمات الدولية تعيش في أبراج عاجية وتكتفى بالحديث فقط في الوقت الذي يتزايد فيه معدلات الفقر بين أغلب دولة القارة.

أحد المشاركين في الندوة وهو «صمويل كمارا» ويعمل في فرع القاهرة لبنك التنمية الإفريقي، اعترض على ما قاله الخبير الدولي، مشيرًا إلى أن حوالي 70% من الأفارقة لا يودون الهجرة، بل هناك توجه نحو الهجرة العكسية وعودة من هاجروا من قبل إلى القارة مرة أخرى، حيث بدأت تتوافر الكثير من فرص العمل والفرص الاستثمارية.

موضحًا أن العولمة التي كانت الهجرة أحد معالمها- نتج عنها فوائد كثيرة، لكن لم يتمكن الجميع من الاستفادة منها، مطالبًا بتغيير الخطاب الإعلامي حول إفريقيا التي تقتصر صورتها في الإعلام على الفقر والمجاعات، في حين أن القارة شهدت الكثير من التطور.

ويرى د. إبراهيم عوض مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن مشكلة الهجرة ليست بالحجم الكبير الذي يشير إليه بيني ديمترز مؤلف كتاب «المجاعات في إفريقيا»، موضحًا أن الأفارقة- الآن- يهاجرون إلى داخل القارة نفسها في حين أن 3% فقط غرب إفريقيا يهاجرون إلى الخارج، وأوضح أن الهجرة ظاهرة طبيعية وسوف تستمر، لأنها مرتبطة بالحركة الطبيعية للاقتصاد العالمي وليس بسبب معاناة أو مشاكل فقط.

من جانبها، طالبت د. عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي للمركز بضرورة حل مشكلة التكنولوجيا في إفريقيا لتحسين الزراعة والصناعة، وعلاج معوقات التبادل التجاري بين دول القارة، مشيرة إلى أن 70% من القرى الإفريقية لا يوجد بها كهرباء وطاقة، وهو ما يعني أن أساس التجارة بين دول القارة غير موجود، مطالبة بنك التنمية الإفريقي بوضع برامج اقتصادية لإصلاح هذه الأوضاع.

الجدير بالذكر- طبقًا لبعض الدراسات التي عرضت في الندوة- أن الهجرة لا تقتصر على الشباب الإفريقي فقط، حيث هناك حوالي 200 ألف مهاجر على الأقل يهاجرون سنويًا من أمريكا اللاتينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بطرق غير شرعية.

كما أن هناك حوالي 3 ملايين مهاجر من الهند وباكستان يعيشون في دول الخليج، بل أحيانًا ما يشكلون أكثر من نصف إجمالي السكان خاصة في قطر.

ليس ذلك فقط، بل نزح أكثر من مليون مهاجر من الصين إلى إفريقيا خلال العشرين عامًا الماضية، ومؤخرًا بدأ الأطباء الألمان يهاجرون إلى العمل في سويسرا.

والمعنى مما تقدم أن الهجرة أصبحت واقعًا وظاهرة سوف تستمر بسبب اختلاف الأوضاع الاقتصادية بين المناطق المختلفة في العالم.

فضلًا على استمرار الحروب الأهلية والصراعات المسلحة في بعض الدول والمناطق، ولعل هجرة اليمنيين والسوريين والليبيين من بلادهم إلى الدول العربية الأخرى وبعض الدول الأوروبية خير دليل على أن الأسباب الاقتصادية والرغبة في تحسين الأحوال المعيشية ليست هي السبب الوحيد الدافع لأن يترك الإنسان بلده ويضطر للمغامرة بالهجرة الخارجية غير مضمونة العواقب، ولعل بعض المصريين يعون ما يحدث حولهم!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز