عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أردوغان.. بداية النهاية

أردوغان.. بداية النهاية

بقلم : محمود حبسة

في خطوة تعكس أكبر قدر من التدني الأخلاقي كما تعكس أيضا أكبر قدر من الغباء السياسي والتهور الذي يعبر عن عدم استخدام القوة بشكل صحيح وعدم فهم توازنات القوى وحساباتها، بدأ الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان مغامرة عسكرية في سوريا على طريق الطغاة على مر التاريخ من هتلر إلى صدام حسين هي بمثابة كلمة النهاية له وبداية السقوط لنظامه، هذه حقيقة يؤكدها التاريخ الذي يحمل الكثير من العبر والعظات ويعطي لنا الكثير من الدروس، لكن البعض يصر على تجاهل دروس التاريخ والتنكر لعبره وعظاته والاستماع فحسب لصوت أحلامه وأوهامه والمضي قدما في طريقه غير عابث بأي اعتراضات.



أعلاه مدخل لا بد منه لكي يمكننا أن نفهم ونستوعب ما يدور في شمالنا العربي هناك في شمال سوريا الجريحة، سوريا المنهكة الضعيفة التي أصبحت مطمعا للغزاة والطغاة من كل لون وجنس، في شمال سوريا حيث يعربد أحد طغاة هذا العصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يجري لاهثا خلف نزواته وأحلامه التي عفى عليها الزمن، غير عابئ بكل القوانين الدولية وبكل الأعراف وبأي حقوق، ضاربا بعرض الحائط كل الاعتراضات والإدانات الإقليمية والدولية حتى من داخل تركيا ذاتها، لا يسمع إلا صوته هو والهاجس الذي يدفعه لمزيد من التحرك بقواته للأمام نحو هضم وابتلاع المزيد من الأراضي السورية مستغلا ضعف سوريا ومستغلا حالة التشتت العربي وذلك التخاذل الدولي في بعض الأحيان والتآمر في كثير من الأحيان، لا يرى إلا ما يراه هو ولا يؤمن إلا بما يؤمن به هو، يسعى للتوسع والسيطرة يحلم بالقوة والنفوذ بإعادة ملك أجداده الدولة التي كانت تسيطر على نصف الكرة الأرضية، مشهد عبثي وفوضوي وبربري يعيد إلى الأذهان صورا لما كان يحدث في العصور الوسطى صور لدول تنتهك سيادة وحرمات وتبتلع أراضي وحقوق دول أخرى فقط لأنها تمتلك القوة والجيوش.

أردوغان المفتون بقوته المغرور بعضلاته الموهوم بأحلامه في غاية الغباء والبلاهة لأنه فاته أن العالم لن يسمح بقيام إمبراطورية إسلامية في قلب أوروبا لن يسمح أن تكون لدولته- التي يرفض الاتحاد الأوروبي حتى هذه اللحظة انضمامها له بشكل رسمي- أن يكون لها كل هذا النفوذ، أردوغان فاته أن يستوعب دروس التاريخ كيف أصبحت الأندلس إسبانيا وكيف أجبرت أوروبا محمد علي والي مصر على التقوقع داخل حدود دولته بعد أن وصلت قواته إلى مشارف الأستانة واسطنبول وكانت على وشك احتلال الدولة العثمانية، وكيف أجبرته على التوقيع على معاهدة 1840، لن يكون هناك محمد علي جديد، كما لن تسمح أمريكا بصدام حسين جديد بعد أن دفعته لغزو الكويت، ليشد الحبل حول عنقه ثم احتلت دولته وأسقطت نظامه وفكت جيشه، لن يكون هناك إمبراطور جديد يهدد الأمن الإقليمي والعالمي ويتحكم في توازنات القوة.

أردوغان لا يفهم أنه يكتب نهايته بيده، فحتى الذين تجاهلوا أو أغمضوا العين عن أهدافه وتظاهروا بالموافقة من الرئيس الروسي بوتين إلى الرئيس الأمريكي ترامب، سوف ينقلبون عليه إن عاجلا أو آجلا، فهم يدركون جيدا حقيقة أهدافه في التوسع والسيطرة وبسط النفوذ والهيمنة على منابع النفط في سوريا، هم يعون جيدا حقيقة التحالف القذر الذي كان بين أردوغان وتنظيم داعش الإرهابي، الذي سيزداد بعد تمكن أردوغان من بسط سيطرته على شمال سوريا، وهم يدركون جيدا مخاطر محاولات أردوغان لإحياء التنظيم وإطلاق سراح المعتقلين من رجاله وقياداته وحجم التهديد الذي يمثله ذلك على روسيا وأوروبا وأمريكا أكثر مما يمثله على الدول العربية لا سيما مع إضعاف وتفكيك قوات سوريا الديمقراطية أكبر تنظيم معادٍ لداعش وقتل وأسر العديد من قياداته.

أردوغان لم يراعِ أي اعتبارات أخلاقية لدولة ضعيفة لا تستطيع الدفاع عن نفسها وهو أمر مفهوم ومتوقع من رئيس يعتمد على الدعارة كأحد أهم مصادر الدخل لبلده، لكنه لا يفهم أن أحدا بدءا من سوريا الضعيفة ذاتها مرورا بالأكراد الذي يدعى محاربتهم للقضاء على إرهابهم المزعوم انتهاء بكل الدول العربية بما في ذلك دول الخليج المختلفة مع نظام بشار الأسد لن يسمح لأردوغان بالمضي قدما في تنفيذ أحلامه بإضعاف سوريا وتقسميها وتغيير التركيبة الديموغرافية لسكانها، لن يسمح أحد في الدول العربية بتكرار مأساة العراق وما لذلك من آثار كارثية على أمن الدول العربية ذاتها، فها هي مصر تنتفض لمواجهة إرهاب أردوغان وأحلامه التوسعية وتدعو لاجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية وينعقد المجلس بعد أقل من ثلاثة أيام على بدء العملية التركية في شمال سوريا.

سجل أردوغان في الإرهاب والقمع والفساد داخل دولته لن يبقى مطويا إلى الأبد سيتم فتح كل الملفات الخاصة بما يحدث داخل السجون وعشرات الآلاف الذين اعتقلهم منذ عام 2016 بعد محاولة الانقلاب عليه وحتى هذه اللحظة بدعوى الانضمام إلى منظمة فتح الله جولن من عسكريين وقضاة ونواب وصحفيين حتى النساء والأطفال وأكثر من 77 ألفا تم فصلهم من وظائفهم، أردوغان حول مقرات سفارات وقنصليات بلاده في أمريكا وأوروبا إلى مقار لممارسة أعمال التجسس على المعارضين له في هذه الدول، فهل يمكن مع استمرار هذا الوضع أن يستمر معه الخنوع والسكوت من جانب الشعب التركي وأن يستمر معه الصمت الأوروبي والدولي؟ وهل تفلح معه محاولات أردوغان للتغطية على جرائمه باختلاق ذرائع مثل مقاومة إرهاب الأكراد وخلق عدو خارجي؟ نهاية أردوغان بدأت لا سيما مع تدهور الاقتصاد التركي وانخفاض الليرة وتهديد أمريكا بضربات موجعة.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز