عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عولمة الصراع والمواجهة «1»

عولمة الصراع والمواجهة «1»

بقلم : أيمن عبد المجيد

حتى ترى الصورة واضحة كاملة التفاصيل، عليك جمع كل جزئياتها المتناثرة في العالم، ففي ظل عولمة الأزمات والصراعات والتحديات، بات هناك أكثر من لاعب على الساحة الدولية، شريكًا في صناعة الحدث الواحد بشكل أو بآخر.



فكيف نرى أزمة تزايد الأخطار المهددة للمورد الرئيسي للمياه في مصر، مع تزايد مطالب دول حوض النيل بإعادة تقسيم حصص المياه بالتساوي، والتهديد بتوقيع اتفاق إطاري، بعيدًا عن مصر والسودان؟ والأهم كيف نخرج بحلول لمواجهة الواقع الراهن؟!

شهد عام 1800، بداية التعداد السكاني في مصر، حيث بلغ تعداد سكان مصر 2.5 مليون، وهو نفس العام الذي شهد بدء الاتفاقيات المنظمة لحصص المياه لدول حوض النيل، ومع ثبات حصة مصر عند 55.5 مليار متر مكعب، توالت الزيادة السكانية من 15.9 مليون نسمة عام 1937 إلى 36 مليونًا عام 1976 وحتى 75 مليونًا في 2007 وتُشير التقديرات إلى تزايد عدد سكان مصر، اليوم، على 80 مليون نسمة.

ووفقًا لخطط التوسع الزراعي، تستهدف مصر استصلاح 3.5 مليون فدان حتى عام 2017 لملاحقة الفجوة الغذائية، الناجمة عن الزيادة السكانية.

ولتتضح الصورة، فإن احتياجات مصر من المياه المستخدمة في الزراعة، وفقًا للاستهلاك الفعلي عامي 2006/2007 بلغت 59.3 مليار متر مكعب، أي بما يفوق حصة مصر من مياه النيل، بنحو 3.8 مليار متر مكعب، دون أن نتجاهل الموارد الأخرى للمياه، والتي تصل إلى 6 مليارات من المياه الجوفية، و1.3 مليار أمطار، و12 مليار متر مكعب من الصرف الزراعي، إلى جانب الموارد النابعة من تحلية مياه البحر.

إذن الوضع خطير، فنحن لا نحتاج للحفاظ على ثبات حصة مصر من المياه، فقط، بل نحتاج إلى نمو في الموارد المائية المصرية، فالقضية أمن قومي وغذائي بالدرجة الأولى، قضية حياة أو موت.

عولمة الغذاء والصراع، جعلت التنافس على منابع النيل غير مقصورة على دول حوض النيل العشر وحدها، فمعظم تلك الدول لا يستهلك عُشر الموارد التي يُطالب بها في الاتفاقية الإطارية، كون معظم دول حوض النيل، تعتمد على كثافة الأمطار، فالمدقق في جزئيات الصورة، يكتشف أن إسرائيل وإيران والصين وأمريكا، وغيرها من الدول، التي تفصلها عن حوض النيل آلاف وملايين الأميال، تتصارع اليوم على مياهه، وأسواق إنتاجه، وثروات إفريقيا.. كيف؟!

جزء من الإجابة يكمن في البحث، الذي أجراه المعهد العالمي للمياه باستوكهولم، عن طريق الفرع البريطاني من صندوق المياه البرية، الذي كشف أن فنجان القهوة، يستهلك لإنتاجه 140 لتر مياه، باحتساب جميع المراحل بداية بالمياه المستهلكة في زراعة البن، وحتى آخر مراحل الإنتاج، وضعفها لإنتاج كيلو من اللحم، باحتساب المياه المستهلكة في إنتاج غذاء الحيوان، وما يستهلكه الحيوان، انتهاء بالمياه المستهلكة في الطهي.

إذن تلك الدول تسعى لاستيراد المياه في شكل منتجات بأقل تكلفة، عن طريق شراء واستئجار آلاف الأفدنة في إفريقيا لزراعتها بمياه النيل، ثم تعبر المنتجات القارات للمستهلك الأوروبي، وهذا ليس الهدف الوحيد.

وللحديث بقية.

 

(كان هذا نص الحلقة الأولى، من سلسلة مقالات كتبتها في جريدة "روزاليوسف" اليومية، بدأتها الخميس ٢٢ إبريل ٢٠١٠، بواقع حلقة أسبوعية بعمودي "قلم ولغم").

 

تذكرتها اليوم، عندما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ختام الدورة التثقيفية الواحدة والثلاثين، التي نظمتها ببراعة إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، وشرفت بأن كنت أحد حضورها بدعوة كريمة.

تحدث الرئيس عن أهمية أن يكون الإعلامي واعيًا بكل تفاصيل القضية، ملمًا بأبعادها الدقيقة، قادرًا على طرح رؤى تستفيد منها القيادة السياسية.

جاء ذلك في معرض رد الرئيس على بعض الأسئلة التي تلقاها من الحضور في مبادرة عظيمة، فكان من بينها سؤال الزميل الكاتب الصحفي، مصطفى بكري، عن إمكانية عودة لقاءات الرئيس بالإعلاميين.

الرئيس يرى- وهو محق- أن الإعلامي عندما يُناقش قضية مع رئيس الدولة، يجب أن يكون لديه إلمام كامل، بكل أبعادها وتطورها، حتى يستفيد الرئيس من مقترحاته، خلال اللقاء، وإلا يصبح اللقاء مضيعة لوقت الرئيس وضيوفه الإعلاميين.

وبمناسبة هذا الحديث، وقضية سد النهضة، وأثرها على حصة مصر من مياه النيل، وقضية المياه في مصر، رأيت أن أعيد نشر مقالات كتبتها قبل أكثر من تسع سنوات، برؤية ومقترحات أزعم أنها استشرافية، فدور الإعلام أن يُنبئ ويتنبأ.

وغدًا، إن شاء الله، نص الحلقة الثانية من "مقالات من زمن فات"، غير أنها دقت ناقوس الخطر منذ تسع سنوات.

 

 
 
 
 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز