عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عولمة الصراع والمواجهة «2»

عولمة الصراع والمواجهة «2»

بقلم : أيمن عبد المجيد

في ٢٩ إبريل ٢٠١٠، واصلت سلسلة مقالات «عولمة الصراع والمواجهة»، بجريدة "روزاليوسف"، حول الصراع المستقبلي على موارد المياه، وما يُهدد حصص مصر، وأساليب القوى العظمى في الاستيلاء على مياه النيل، والصراع المرتقب في إفريقيا.



 

فكان هذا نص الحلقة الثانية:

 

«لرؤية أبعاد أزمة دول منابع حوض النيل، المطالبة بإعادة تقسيم حصص مياه النهر، ودولتي المصب مصر والسودان، المتمسكتين بالحق التاريخي والاتفاقيات السابقة، علينا تجميع كامل أجزاء المشهد لتتضح الصورة، والأجزاء متناثرة بين القوى العالمية المتصارعة، فأصبحنا نعيش عولمة الصراعات والأزمات، مما يستوجب عولمة المواجهة.

أزمة المياه، عالمية يعانيها الكثير من بلدان العالم، ومنها في المنطقة، إيران، وإسرائيل، والأردن، وسوريا، إلا أن الأزمة الأعم والأشمل، هي أزمة الطاقة والغذاء، التي دفعت دولًا مثل أمريكا إلى إجراء أبحاث تحويل الحبوب النباتية إلى طاقة، في الوقت الذي تضرب فيه المجاعات مناطق يقطنها مليار إنسان.

بوضوح أكثر، إفريقيا، خاصة دول حوض النيل باستثناء مصر، ستتحول في السنوات المقبلة إلى ساحة للصراع العالمي، بل تحوّلت بالفعل.

فعلى الأرض الإفريقية، الآن، تتصارع إسرائيل وإيران، ففي حين تسعى إسرائيل إلى السيطرة الاقتصادية، وتأمين احتياجاتها من الغذاء، من خلال زراعة مئات الأفدنة بمياه النيل، تسعي إيران والصين وأمريكا للهدف ذاته، لكن لإسرائيل أهدافًا أخرى، وهي حصار مصر ودول الجوار، من خلال السيطرة على شريان الحياة، النيل، بخلق مصالح مع دول المنبع.

إسرائيل تُشعل الحروب الأهلية في الدول الإفريقية، وتمول الميليشيات، وتقدم لها السلاح بأبخس الأسعار، لتحويلها إلى دويلات صغيرة، ودعمها للانفصال، جنوب السودان نموذجًا، وفي حال الانفصال سيطالب الجنوب بتأمين حصته من مياه النيل، التي ستختصم من حصة مصر.

إيران تسعى للمواد الخام في دول إفريقيا، مثل اليورانيوم والذهب والماس، وإسرائيل تسابقها لتحقيق الهدف نفسه.

إيران تستهدف المسلمين الأفارقة، بمشاريع التشيع، وإسرائيل ترى في بسط نفوذها المخابراتي، وربط المصالح المشتركة بحكومات إفريقيا، فرصة لامتلاك أوراق جديدة، لدعم المواقف الإسرائيلية في المحافل الدولية، وتحجيم المد الأصولي الإسلامي في إفريقيا، والحيلولة دون استغلال جماعات التطرف، مثل القاعدة، لضعف القبضة الأمنية في بعض دول إفريقيا، لإنشاء معسكرات تدريب.

الصين، تستهدف أراضي إفريقيا الخصبة، وكثافتها السكانية، لخلق أسواق جديدة لتصريف الإنتاج، وهو الهدف الأمريكي نفسه، يُضاف إليه تأمين مصادر المواد الخام، والتي تُعاد إلى السوق الإفريقية، في شكل منتج، دون أن نغفل حملات التبشير الديني، لخلق تبعية دينية.

ولكي يتحقق العامل الأمني، وتتحول إفريقيا لسوق لتصريف الإنتاج، لا بد من الارتقاء بالمستوى الاقتصادي للفرد الإفريقي، وهو ما تسعى له قوى الصراع العالمي، من خلال دعم الحكومات الإفريقية، الخاضعة للسيطرة، بإنشاء المشروعات التنموية، واستيراد ثرواتها الحيوانية، وإنشاء السدود التي ستخنق حصة مصر.

خطورة الوضع، لا تعني استحالة المواجهة، بل تتطلب الدخول في تحالفات عالمية، أي عولمة المواجهة، فمن الاستخفاف بالعقول مقارنة ما يحدث اليوم، بدور مصر في إفريقيا، في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

فإفريقيا ليست محتلة اليوم عسكريًا كي تدعم مصر حركات التحرر، بل اتخذت أشكالًا جديدة، في مقدمتها الاستعمار الاقتصادي، وما تقدمه دول مثل الصين وإسرائيل، من أموال، لدول حوض النيل يفوق أضعاف ما تقدمه مصر، ولن تستطيع مصر، بأي حال من الأحوال، مجاراة تلك الدول في إنفاقها».

وللحديث بقية.

 

أقرا أيضا: 

عولمة الصراع والمواجهة «1»

http://[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز