عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أيها الأحمق هل عرفت قدرك؟!

أيها الأحمق هل عرفت قدرك؟!

بقلم : محمود حبسة

انتهت مغامرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إظهار قدره الحقيقي وأنه ليس أكثر من ألعوبة في يد الأمريكان، ظهرت حقيقة الرئيس التركي الذي ملأ العالم ضجيجا وصياحا خلال السنوات الأخيرة في كل مكان يتحدث يرغي ويزبد ويصول ويجول، لا يمر حدث ولا تمر مناسبة إلا ويتحدث عن نفسه وعن بلاده ويستعرض قدراتها وليس أدل على ذلك من مشهد استعراضه للقوة وتهديده لقبرص بضرب سفنها الباحثة عن النفط والغاز في مياهها الإقليمية بالبحر المتوسط رغم تحذيرات حلف الناتو له.



وكان من فرط غبائه تلك المغامرة العسكرية الفاشلة التي قام بها متحديا العالم كله بغزوه للشمال السوري مدعيا أنه يحارب الجماعات الكردية المسلحة، صال وجال الرئيس التركي وهاجم وقتل من الأكراد العزل ما قتل وشرد منهم من شرد وقال كلاما ومارس أفعالا لا تصدر إلا عن بلطجي لا يعرف أن للقوة حسابات وأن هناك قانونا دوليا واتفاقيات وقيم يجب أن يلتزم بها كرئيس دولة، تخلى عن كل ذلك وراح يقتل الأبرياء بلا أدنى ضمير ويتوغل في الأراضي السورية ويبتلع منها ما يبتلع مستغلا ضعف النظام السوري ورفض الانصياع لأي نداء بالتراجع والتوقف عن أفعاله الشائنة.

أردوغان تراجع وتوقف فجأة عن مغامرته العسكرية الفاشلة لمجرد أن أمريكا طلبت منه أن يتوقف، بعد أن صال وجال وأرغى وأزبد وتحدث عن حق بلاده في تعقب الإرهابيين ومطاردتهم واستخدم ما لديه من قدرات وإمكانات ورفض الاستجابة لمطالب الدول العربية بل هاجمها لأنها طالبته عبر بيان القمة العربية التي استضافتها مصر بالتراجع والانسحاب من الأراضي السورية وعدم استغلال ضعف النظام السوري والظروف الاستثنائية التي تمر بها سوريا، انتقدها لمجرد أنها وصفت فعلته وما قام به في سوريا بالوصف الذي يستحقه وهو أنه احتلال لأراضي دولة أخرى، هو نفسه الذي أعلن توقف عملياته في سوريا بعد أن أرسل له الرئيس الأمريكي وفد برئاسة نائب الرئيس يطالبه بالانسحاب من سوريا ووقف القتال، هو نفسه الذي يقبل أن يصفه الرئيس الأمريكي في تغريدة له بأنه متصلب وأحمق في لغة لا تعرفها التقاليد والأعراف والمخاطبات الدبلوماسية، هو نفسه الذي يرى ويسمع ويقرأ تهكم وسخرية الرئيس الأمريكي منه ولا يحرك ساكنا ولا يفعل شيئا سوى الانصياع لرغبة أمريكا ومطلب رئيسها، بل هو نفسه الذي يقرأ ويسمع ويتابع تصريحات الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحفي بعد نجاح مفاوضات وفده في أنقرة عندما قال: "لقد نفذنا أسلوب غير تقليدي لقد أردنا أن يتقاتل الأكراد والأتراك لبعض الوقت تم تدخلنا لوقف القتال" دون أن يحرك ساكنا دون أن ينبس ببنت شفة مدافعا عن نفسه وعن استقلال قراره السياسي.

الطاووس التركي المغرور لم يكن سوى دمية في أيدى الأمريكان، لم يكن سوى ألعوبة في يد الإدارة الأمريكية التي أرادت أن تحقق بعض الأهداف السياسية قد يكون منها معاقبة الأكراد أنفسهم وإظهار أن وضعهم ومصلحتهم في يد أمريكا حتى لا يفكر الأكراد في البحث عن حليف غيرها وحتى ينصاع الأكراد بالكامل للرغبات والأهداف الأمريكية وما يطلبه ترامب بدليل تدخل الولايات المتحدة المفاجئ وإنهاء الأزمة بعد لجوء الأكراد لروسيا ومطالبتها بالتدخل وإجراء وساطة مع تركيا لوقف القتال، والأمر نفسه مع الرئيس التركي الذي دأب على الثرثرة وترديد التهديدات كل فترة في كل الاتجاهات من سوريا إلى الاتحاد الأوروبي إلى قبرص مرورا بالأكراد، ومن ثم كانت الخطة الأمريكية كما يتضح من كلام ترامب إخضاع الرئيس التركي الذي يسعى أو يحاول الخروج عن الهيمنة الأمريكية ويدعى أنه له رؤيته فيما يتعلق بتحقيق تفاهمات خاصة بسوريا، لم يفعل أردوغان شيئا سوى الاستجابة والطاعة الكاملة للرغبة الأمريكية والاستجابة لمطلب واشنطن التي طالبته بالانصياع لأوامرها أو التعرض لغضبتها وتدمير اقتصاد بلاده من خلال سلسلة من العقوبات.

جرائم أردوغان في سوريا تستوجب تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته كمجرم حرب فجميع أفعاله منذ دخل شمال سوريا ترتقى إلى جرائم الحرب بدءا من الاعتداء على المدنيين العزل ومنهم النساء والأطفال وإجبارهم على ترك منازلهم انتهاء بحرب الإبادة للأكراد وحملة التطهير العرقي لجنس بشري مرورا باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنابل الحارقة وكلها أفعال تتناقض مع القانون والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف وهو ما يستوجب محاكمته كمجرم حرب وسوف يتحقق ذلك الأمر إن آجلا أو عاجلا حتى لو وفرت له الولايات المتحدة الأمريكية الحماية والغطاء لبعض الوقت، حتى لو وعاد الرئيس الأمريكي ترامب يتحدث عنه كحليف وصديق فسجل الولايات الأمريكية في التخلي عن حلفائها مليء بالشواهد والعبر ابتداء من شاه إيران محمد رضا بهلوي وانتهاء بالأكراد أنفسهم حلفاء واشطن في الحرب على الإرهاب مرورا بأنظمة عربية، لن تتمكن أمريكا من الوقوف ضد هذه الصحوة للضمير الإنساني ومطالبات العديد من المنظمات الدولية بمحاكمة أردوغان وبدأت بالفعل توثيق جرائمه، لن تتمكن من وأد انتفاضة الأكراد وكل السوريين الذين اغتصبت بلادهم وحقوقهم.

والسؤال ماذا استفاد أردوغان من خطوته التي عكست أكبر قدر من التدني الأخلاقي كما عكست أيضا أكبر قدر من الغباء السياسي حتى لو كان حقق بعض الأهداف السياسية بإجبار الأكراد على التراجع لعدة كيلو مترات، فخسارته أكبر بكثير فقد نال احتقار العالم كله له ولسياسته وإدارته لا سيما بعد انصياعه لمطلب ترامب ورفضه لنداء ساسة العالم كله، العالم كله الآن يدرك حقيقة أهدافه في التوسع وبسط النفوذ والهيمنة وأنه ليس أكثر من شخص أهوج، العالم كله يدرك كم هو مبتز يمارس السياسة في أحط صورها، لا سيما عندما حاول ابتزاز أوروبا باستغلال ورقة المهاجرين بتصدير 3.5 مليون لاجئ لها لخلق مشاكل واضطرابات بها، والأهم أن أوروبا أصبحت تدرك الآن أن أردوغان ليس أكثر من أحد أوراق الضغط أو أحد الكروت التي تلاعبها بها أمريكا.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز