عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أردوغان على خطى تشاوتشيسكو

أردوغان على خطى تشاوتشيسكو

بقلم : محمود حبسة

على خطى ديكتاتور رومانيا السابق نيكولاي تشاوتشيسكو يسير الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان، كان تشاوتشيسكو أكثر وحشية وقمعية من الحكومات الستالينية في الاتحاد السوفيتي السابق، حيث منع الحريات وجوّع شعبه ومجد شخصه فحسب، وهو نفس ما يفعله الديكتاتور التركي الآن، والذي حتما ستتصاعد موجات الغضب ضده مع تزايد الفساد والقمع وتدهور الأوضاع الاقتصادية، لن تكون محاولة الانقلاب العسكري عليه عام 2016 هي الأخيرة مع استمرار سياسات القمع واعتقال المعارضين حتى النساء والأطفال وفقا لما أكدته مصادر حقوقية وإعلامية تركية ودولية، وفصل عشرات الآلاف من المختلفين معه من وظائفهم من سياسيين وعسكريين وقضاة وموظفين وأساتذة جامعات، بل هو من حوّل مقرات سفارات بلاده في الخارج إلى أوكار لممارسة التجسس على المعارضين معه في مختلف الدول وهو ما أكدته تقارير سياسية وإعلامية غربية، تم تنفيذ حكم الإعدام لتشاوتشيسكو وزوجته بعد أن ألقت القوات المسلحة القبض عليه بعد هروبه وهي نفس القوات التي كان يستخدمها من قبل في قتل الأبرياء من المدنيين في محاولة لقمع المظاهرات التي اندلعت ضده عام 1989.



وعلى خطى السفاحين من جمهورية صربيا الذين مارسوا أبشع أنواع القتل والإبادة الجماعية لمسلمي البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي بعد تفكك اتحاد يوغوسلافيا يسير أيضا السفاح التركي، على خطى راتكو ملادتش آخر مجرمي الحرب من صربيا الذي حكمت عليه المحكمة الجنائية الدولية بالسجن المؤبد عام 2017 بعد أن أدانته بممارسة جرائم حرب ضد مسلمي البوسنة الذين قتل منهم الآلاف في مذابح جماعية منها مذبحة سربرنيتشا التي قتل فيها 8 آلاف مسلم إضافة إلى حصار سراييفو الذي قتل خلاله عشرة آلاف مدني، وهو نفس ما قام ويقوم به أردوغان ضد المسلمين الأكراد في شمال سوريا، متحديا العالم كله بغزوه للشمال السوري، مدعيا أنه يحارب الجماعات الكردية المسلحة، حيث قتل من الأكراد العزل ما قتل وشرد منهم من شرد وقال كلاما ومارس أفعالا لا تصدر إلا عن بلطجي لا يعرف أن للقوة حسابات وأن هناك قانونا دوليا واتفاقيات وقيم يجب أن يلتزم بها كرئيس دولة، في تكرار لسيناريو أجداده عندما مارسوا القتل والتعذيب للأرمن حيث قتلوا منهم أكثر من مليون ونصف مليون في مذابح جماعية تشهد على دموية الأتراك وتخليهم عن كل القيم والمبادئ الإنسانية.

أردوغان كشف عن وجهه القبيح وأكد بنفسه ما قاله المحللون والسياسيون عرب وأجانب عن سبب غزواته وتدخلاته في الدول العربية بأنه يسعى لإحياء ملك أجداده وأنه يحلم بعودة الإمبراطورية العثمانية القديمة، هو نفسه من قال ذلك خلال الأيام القليلة الماضية عندما تحدث عن سبب وجوده في سوريا وليبيا بأنهما ملك الأجداد وأن جغرافيتهما جزء من جغرافية تركيا، أي أنهما جزء من تركيا، فهو بذلك يسعى للسيطرة والتوسع وتحكمه عقلية استعمارية بغيضة لا جدال في ذلك، القصة إذا لا علاقة لها بالأكراد في سوريا أو دعم فيصل سراج في ليبيا بل هي البحث عن ذرائع للتدخل وبسط نفوذه على كلا الدولتين، مستغلا ما يمران به من ظروف استثنائية وفوضى، أردوغان الذي رفض الانصياع لجميع النداءات الإقليمية والدولية له بالتراجع عن مغامرته العسكرية الفاشلة في شمال سوريا توقف لمجرد أن طالبته أمريكا بذلك وقبل أن يصفه الرئيس الأمريكي في تغريدة له بأنه متصلب وأحمق في لغة لا تعرفها التقاليد والأعراف والمخاطبات الدبلوماسية.

جرائم أردوغان في سوريا تستوجب تقديمه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته كمجرم حرب، فجميع أفعاله منذ دخل شمال سوريا ترتقي إلى جرائم الحرب بدءا من الاعتداء على المدنيين العزل ومنهم النساء والأطفال وإجبارهم على ترك منازلهم انتهاء بحرب الإبادة للأكراد وحملة التطهير العرقي لجنس بشري مرورا باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ومنها القنابل الحارقة وكلها أفعال تتناقض مع القانون والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جنيف وهو ما يستوجب محاكمته كمجرم حرب، وهو بذلك يسير على خطى مجرمي الحرب من جمهورية الصرب والجبل الأسود الذين ذهبوا إلى مزبلة التاريخ، وسوف يتحقق ذلك الأمر إن آجلا أو عاجلا حتى لو وفرت له الولايات المتحدة الأمريكية الحماية والغطاء لبعض الوقت، حتى لو وعاد الرئيس الأمريكي ترامب يتحدث عنه كحليف وصديق فسجل الولايات الأمريكية في التخلي عن حلفائها مليء بالشواهد والعبر ابتداء من شاه إيران محمد رضا بهلوي وانتهاء بالأكراد أنفسهم حلفاء واشطن في الحرب على الإرهاب مرورا بأنظمة عربية، لن تتمكن أمريكا من الوقوف ضد هذه الصحوة للضمير الإنساني ومطالبات العديد من المنظمات الدولية بمحاكمة أردوغان وبدأت بالفعل توثيق جرائمه، لن تتمكن من وأد انتفاضة الأكراد وكل السوريين الذين اغتصبت بلادهم وحقوقهم.

جرائم أردوغان بحق الأكراد في سوريا وجرائمه بحق شعبه تؤكد أنه يسير في الطريق الخطأ إلى النهاية الطبيعية التي تنتظره، لاسيما مع إصراره أنه على صواب ورفضه الاستماع لنصح الناصحين من المقربين منه، فخسارته من غزوه لشمال سوريا أكبر بكثير من أي مكاسب يكون قد حققها فقد نال احتقار العالم كله له ولسياسته وإدارته لا سيما بعد انصياعه لمطلب ترامب ورفضه لنداء ساسة العالم كله، فالعالم كله الآن يدرك حقيقة أهدافه في التوسع وبسط النفوذ والهيمنة وأنه ليس أكثر من شخص أهوج، العالم كله يدرك كم هو مبتز يمارس السياسة في أحط صورها لا سيما عندما حاول ابتزاز أوروبا باستغلال ورقة المهاجرين بتصدير 3.5 مليون لاجئ لها لخلق مشاكل واضطرابات بها فقامت أوروبا بتجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز