عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
«الحزمة التحفيزية» للشعب والجيش

«الحزمة التحفيزية» للشعب والجيش

بقلم : د. فاطمة سيد أحمد

كنت أتناقش مع زميلة لها باع فى الشئون الاقتصادية وتطرقنا إلى المشاريع التى يقوم الرئيس السيسى بافتتاحها، كان ذلك يوم الاثنين الماضى، وقلنا إنه سبق وكتبنا عنها منذ ما يقرب من خمسة عشر عامًا  وانتهى حديثنا أننا بالفعل انفردنا بأكثرها، لكنه كان مجرد كلام فقط لم يخرج حيز التنفيذ، وعلمت منها أن رجال الأعمال الحيتان الكبار يعزفون عن المشاركة مع الدولة فى تلك المشاريع وأنهم هرّبوا أموالهم للخارج. منهم من وضعها فى بنوك عالمية لتدر له أرباحًا طائلة وآخرون شاركوا فى مشاريع بدول أخرى، وأنهم لا يهمهم الآن غضب الدولة من أفعالهم وإن كانت تريد الأراضى التى أخذوها  فى العصر المباركى فليأخذوها فلقد تركوها أطلالًا وخربوا مصانعهم بعد أن نقلوا منها الغالى والنفيس حتى لا يستفيد منها أحد ..



المهم أن الأسبوع الماضى عندما وجه السيسى نداءً إلى القطاع الخاص للمشاركة فى مشروعات الدولة، قامت برامج «التوك شو» باستضافة بعض هؤلاء الحيتان ليطلبوا ما أطلقوا عليه «حزمة تحفيزية» تمنحها لهم الدولة لكى يقدموا على المشاركة معها من باب أن  مشاريعهم توقفت وسرحوا العمالة وأنهم فى حاجة لأن تقف الدولة بجانبهم لتعطيهم قروضًا أو حوافز عينية  ليقدروا على النهوض والمشاركة، وهذه ليست أول مرة يطلبون ويلوحون بهذا. لقد قالوها للسيسى عندما طلب منهم حق الشعب  فى 2014  منوهًا عن استفادتهم بأراضٍ وبنية تحتية وقوانين مفصلة لخدمتهم، فتململوا وأعلنوا الحرب على الدولة وتخليهم عن مسئولياتهم وقبلها حقوق الشعب الذين استغلوه واستخدموا كل وسائل الاحتكار الممكنة، حتى إن أحدهم وقف ضد مشروع «الضبعة النووى السلمى» من أجل مشروع قريته السياحية وقام بمنع وجوده فى حكم مبارك بعد أن استقطب عددًا من أهالى  مدينة الضبعة يبثون تخوفهم ، والغريب فى الأمر أن النظام وقتها عمل على تلبية طلبه لأنه من رجال تمكين «التوريث» وقد كتبت فى يناير 2010  كيف استعانت الدولة بشركة «بارسونز» الاستشارية الأسترالية لتحدد أماكن أخرى بديلة لمحطة الضبعة ليقع الاختيار على منطقتين: الأولى «علم القرور» ومساحتها أقل من الضبعة ولكنها تبعد عن مدينة الضبعة السكنية بـ 6 كم، والثانية «تلة أبو الفروث»  وتبعد عن الضبعة بـ 1٫4 كم، إلا أن المنطقتين كانت بهما عيوب لبعدهما عن البحر الذى هو ضرورة لإقامة مشاريع نووية سلمية، وأيضا لصغر مساحتهما وعليه تعثر المشروع ..

حتى انتهاء حديثى مع زميلتى عصر الاثنين كنت لا أعلم أننى مدعوة لحضور افتتاحات فى السويس وجنوب سيناء صباح اليوم التالى الثلاثاء  تشمل «مصانع للرخام والجرانيت بالجفجافة ومصنع لدرفلة الحديد والصلب وعدد من مشروعات الإسكان والطرق والمحاور المرورية ومجمع لتحلية مياه البحر  والرصيف البحرى بالعين السخنة»،  إلا أن الغريب فى الأمر هو ما قاله الرئيس فى تعقيب على عرض المشاريع  وكلمات المسئولين وكنا داخل خيمة كبيرة فى وسط الصحراء التى تربط السويس بجنوب سيناء، وإذا  به يتحدث  وكأنه يرد على ما دار بينى  وزميلتى، عندما قال أحد المسئولين بناءً على توجيهات الرئيس أمسك السيسى بالمايك وقال: أنا لا أعطى توجيهات ولكنى أكلف بتنفيذ مشروعات كانت مخططة من قبل أن نأتى لأننا دولة مؤسسات لديها مشاريع استراتيجية  قومية تخطط  لها  ووجدنا خططًا حتى عام 2027 وأخرى  حتى عام 2052 وما فعلناه هو القيام بسرعة تنفيذ هذه المشروعات، أولها أن تستوعب عمالة، هل تعلمون المليون وأكثر من المصريين الذين كانوا يعملون فى ليبيا ورجعوا أين يعملوا الآن خاصة وأن أغلبيتهم  من عمال البناء والتشييد، لقد عملوا بهذه المشاريع، علاوة على فرص للشباب فى كل التخصصات من خريجى الجامعات، وقد ربطنا إنشاء أى مصنع أو شركة جديدة بأن تقوم بتبنى مدرسة فنية صناعية لتخريج شباب ماهر صناعيًا متوفرة له فرصة عمل بتلك المصانع الجديدة التى تقوم بتدريبه  ولا نتركه للدراسة النظرية فقط فيفقد التطبيق ولا يجد سوق عمل «يعنى ربطنا الصناعة بالدراسة الفنية لنضمن عاملًا وهو يضمن عملًا» ..

ما لفت نظرى بشدة فى أثناء افتتاح المشروعات أنها لشركات مدنية ولكن المشرف على المشروع ومتابعته هو الجيش ممثلًا فى المهندسين الشباب العسكريين: ضباط برتبة ملازم أول أو نقيب وكل ما تكبُر مساحة المشروع تكبر الرتبة حتى وقفت عند  مقدم، وهذا معناه أننى أعطى لشباب المهندسين فرصة تعلم متابعة الجودة والقيادة وإضافة خبرة خاصة وأن المشاريع تقع فى حيز أماكن خلفها معسكرات الجيش وطبيعة الأرض واحدة وربما هذا يفسر لنا كيف أن ضباطنا فى حرب أكتوبر المجيدة كانت لديهم رؤية فى إجراء التجارب على بعض المعضلات مثال «خط بارليف» الذى قهرته خراطيم مياه وغيره، إن أى عمل هو إضافة لجيشنا ولا يمكن لجاهل أوغافل أن يسحبنا بأوهامه إلى النيل من جيشنا العظيم ..

 لقد قام الرئيس السيسى بالبدء فى تنفيذ مشاريع كانت طى الأدراج، منها ما كان سيقدم على أنه فاعلها وبانيها «الرئيس المورث» حيث تم تجميد كل نشاط الدولة حتى يأتى جمال مبارك ويتقلد الحكم ويبدأ العمل على تنفيذها بواسطة رجال أعماله المشاركين  لوجوده ورفعه لقمة السلطة حتى يستفيدوا كمان وكمان، ولذلك حاولوا وضع المعوقات فى طريق السيسى وتخلوا عن القيام بدورهم لعلمهم أنهم لن ينالوا ما كانوا يأملون على حساب الشعب المصرى ..

وهو ما دفع السيسى إلى أن يمنح «الحزم التحفيزية» للشعب  عن طريق إيجاد فرص عمل والحد من البطالة والعوز، وتشجيع المقاولين الصغار ورجال الصناعة الناشئين ورجال الأعمال المبتدئين ليكونوا نواة لبناء عصر صناعى جديد ، وهذا ما أثار حفيظة الحيتان ومعهم المقاولون القدامى أمثال «المقاول الهربان» الذين كانوا يبتلعون موارد الدولة فى كروشهم ويرمون الفتات للدولة والشعب معا .. وأيضا منح الجيش حافزًا  ليكون راعيًا ومسئولًا عن موارد الشعب وثرواته فيتابع ويدقق.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز