عاجل
الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
إعدام راجح وكومنت أسما وشعر صابرين.. خلصوا.. اللي بعده

إعدام راجح وكومنت أسما وشعر صابرين.. خلصوا.. اللي بعده

بقلم : محمد شمروخ

حجاب صابرين.. كومنت ابنة شريف منير.. علاقة عمرو ودينا.. أي قضية من قضايا القتل أو الاغتصاب أو أي حادث جنائي أو طارئ.. تصرف خطأ لموظف عام أو شخصية مشهورة.. كل هذا دليل على سريان الخطط الذكية التي تنفذها شركات الدعاية المعروفة "بي آر" بخبرائها في الترويج للفنانين المتعاقدين معهم عبر شبكة هائلة من حسابات فيس بوك وتويتر وإنستجرام.



وهذه الشركات تتعاقد بمبالغ خرافية مع الفنانين وغيرهم من نجوم المجتمع لإحداث ضجة تجعل الفنان حاضرا على الساحة ويتردد اسمه بقوة ولا يهم في أي موضوع فسوف تنجلي المناسبة وتبقى الذكرى.

لكن خطورة هذه الشركات المتنافسة بقوة هي أنها يمكن أن تروج لأفكار هدامة بنفس القوة أو تستغل أحداثا ما لإثارة فتن وهي تقود قطعان المتعاملين مع شبكة الإنترنت بطريقة قيادة العقل الجمعي، فواقع العقل الجمعي، يؤكد أنه عقل منفعل مغيب تافه لا يزيد عن نفسية طفل في الثامنة وهي نفسية قائمة على الانفعال وتعاني عقد النقص والضعف والاضطهاد لكنها على استعداد دائم لاستعداء الآخر وتتنقل بين التناقضات دون أي تمهيد فترى صاحبها يدافع عن القضية نهارا ويبيت على الهجوم عليها ليلا.

إنها النفسية الغالبة على رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين يبحثون عن أي مثير في أي موضوع سياسي، جنسي، ديني، اجتماعي.. أي إثارة والسلام.

وراجع القضايا التي أثيرت خلال الفترة الماضية، تجدها في أصولها عادية ومكررة ولكنك فجأة تجد حادثة منها تصير حديث الملايين وتشبع نهم الثرثرة في النفوس المتعطشة لافتعال خلاف يبدأ بالسخرية أو "الصعبنة" ثم يتحول لتحفيل ثم يندلع محدثا دويا هائلا يتم إثره تقسيم المجتمع إلى طوائف وشيع تتناحر على فيس بوك وتويتر، تمهيدا لترجمة هذا التناحر على أرض الواقع.

في الوقت نفسه تجد القضايا الجادة مهملة أو مغيبة، انفعالا بالحالة الراهنة التي يتم باستمرار تزويدها بوقود الأحداث التي لا تنتهي.

والخاسر في هذه الدوامات هم أصحاب الرؤية المتأنية والعاقلة، أما الذين ينجذبون لدخول معترك هذه الدوامات والإصرار على ترويجها من دون وعي فهم مرضى بالتمركز حول الذات ويظنون أنهم أوتوا الحكمة ويغيب عنهم تهافت شخصياتهم تحت وطأة احتدام الجدل أو من المغرضين أو من الجاهلين، فسوف ترى العاقل منبوذا فأنت لا بد أن تكون مع أو ضد وغير مسموح لك تغيير زاوية الرؤية، إذ إن المطلوب هو الدفع نحو سيطرة حالة ما من الجدل تستمر لأطول وقت ممكن وتتسع لأكبر عدد من المشاركين وما أن يتم مخطط الدعاية حتى تكون حالة الانقسام قد ترسخت في النفوس، لأن القصد الأساسي هو هذا الانقسام مهما كانت القضايا تافهة، فالقضية مجرد نكزة من نكزات فيس بوك لحالة الجدل.

ونجوم الفن والمجتمع عموما يهمهم بشكل أكبر أن يظلوا في صدارة المشهد لما لذلك من حفاظ على النجومية التي لا يرونها إلا في ترديد أسمائهم ولو مقترنة بفضائح لأن هذه الفضائح ستنسى ويبقى اسم النجم يتردد.

وقريب عهد رأيت كيف ثار الناس حول فستان نجمة أخرى وعريها وكيف تداولتها المواقع.

وسياسة شركات الدعاية المتخصصة قد لا تصنع الحدث لكنها تستثمره وتعرف كيف تروج له وتدخل النجوم أنفسهم بالتريندات والإطلالات، حتى صار التريند أهم من الظهور في أعمال فنية حتى تفرغ له بعض الفنانين والفنانات بمخاطبة مشاعر الناس واللعب عليها ولو بالمتاجرة بحياتهم الشخصية.

ولو أمعنت النظر ستجد الموضوع أقل من أن يحدث هذه الضجة ولكن عمل شركات الدعاية يستغل الموضوعات باللعب على العاطف الدينية أو إقحام السياسة في الموضوع أو "ضحينة النجم"- أي جعله ضحية- أو حتى الهجوم عليه.

ولا بد أن نقرر أن هذه الشركات تتعاقد مع صحف ورقية وإلكترونية وقنوات تليفزيونية ومنتجي ومعدي برامج يقدمها مذيعون مشهورون، والآن زادت مساحة مجموعات صفحات إلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي ولا يطلب منها سوى الإثارة ثم يندلع الجدل في كل مكان حسب خطط موضوعة بمعرفة خبراء في علوم النفس والاجتماع والدعاية الإعلانية.

ولنتذكر قبل عهد الإنترنت كيف تم اتهام نجمة سينمائية في قضية آداب مشهورة وكيف استفادت عبر صفقات مع بعض الجرائد الثانوية في تصوير نفسها كضحية، رغم اعترافها وضبطها هي ومساعدتها في شقة مديرة شبكة الدعارة بصحبة رجلين، إذ استطاع زوجها وقتها- وكان رجل أعمال على درجة كبيرة من الثراء- شراء ذمم صحفيين "للأسف" في جرائد صفراء وتم اختلاق قصة تبرئها ثم حشر أسماء مسؤولين كبار فيها، فصارت بعدها ضحية وصدق الناس وما زالوا يصدقون!

المهم أن يكون التناحر حاضرا والأهم؛ وهو الغرض الأسمى؛ إحداث انقسام يسير البعض عليه كالأنعام أو أضل سبيلا.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز