عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لماذا.. يا د. محمود؟!
بقلم
محمد نجم

لماذا.. يا د. محمود؟!

بقلم : محمد نجم

فجأة وبدون مقدمات، أعلن د. محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الدولي، استقالته من منصبه، والحجة المعلنة: أنه مرشح لمنصب دولي رفيع! لكن كل من يعرف د. محمود عن قرب لم يقتنع بما أعلنه، وذلك لأسباب موضوعية وأخرى شخصية، فالمناصب الدولية الرفيعة، والتي يمكن أن تكون أفضل من منصبه الحالي، تتركز في ثلاثة فقط، وهي: أمين عام الأمم المتحدة، ورئاسة البنك الدولي أو صندوق النقد.



ولا أعتقد أن د. محمود لديه فرصة لتولي أي منها! لأن المناصب الدولية الثلاث يغلب عليها الطابع السياسي، والأول يتم بالانتخاب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويخضع لدورية تمثيل قارات العالم الست، وقد حصلت إفريقيا على فرصها من خلال المرحوم د. بطرس غالي.

والثاني وهو رئاسة البنك الدولي.. جرى العرف على أن يكون أمريكيًا، أما الثالث وهو رئاسة صندوق النقد فقد خصص للمجموعة الأوروبية بالتناوب.

وقد لا يعلم البعض أن د. محمود التحق بالبنك الدولي في أكتوبر 2010 وينتهي تجديده الثالث في أكتوبر 2020 فلماذا أخطر رئيس البنك بأنه سوف يترك منصبه الحالي في البنك في 10 يناير المقبل؟ خاصة أنه كان في صبيحة يوم إعلان الاستقالة المفاجئة في ندوة عامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، واتسم حديثه بها بالتفاؤل والمرح والروح المعنوية المرتفعة، فضلًا على إعلانه عن أجندة لقاءات دولية لاحقة سوف يشارك فيها بصفته الحالية كنائب أول لرئيس البنك الدولي!

لقد علمت أنه التقي عددا من المسؤولين المصريين ختمها بلقاء جاف مع قيادة اقتصادية وربما ما دار في هذا اللقاء كان سببًا في إعلانه تلك الاستقالة المفاجئة.. والله أعلم.

وقد لا يعلم البعض أن شغل أي من المناصب الدولية- مثل المنصب الحالي للدكتور محمود- لا يتم إلا بعد استئذان أو موافقة الدول التي ينتمي إليه المرشح للمنصب، وهو ما حدث في أكتوبر 2010 عندما حصل د. محمود على موافقة الرئيس مبارك على ترشيحه لمنصب مدير في البنك الدولي، وهو ما جرى أيضا بعد أربع سنوات، حيث حصل على موافقة المشير طنطاوي للاستمرار في البنك الدولي لدورة جديدة مدتها أربع سنوات، وهو ما حدث للمرة الثالثة حيث وافقت مصر على استمراره لدورة ثالثة تنتهي في أكتوبر 2020.

وبالطبع من حق د. محمود أن يختار الاستمرار في البنك الدولي من عدمه، ولكن أعتقد أنه كان واجبًا عليه أن يستمر حتى انتهاء مدته الحالية، فتلك المناصب الدولية ليس من السهل الحصول عليها، ويكفي الإشارة إلى أنه لم يتول هذا المنصب شخصية مصرية بعد المرحوم د. إبراهيم شحاته نائب رئيس البنك الأسبق إلا بعد عشرين عامًا من وفاته!

وأعتقد أن الشعب المصري كان فخورًا- ولا يزال- أن عددًا من المصريين تولى مناصب رفيعة في هاتين المؤسستين الدوليتين ومنهم المرحوم د. عبد الشكور شعلان، والاقتصادي العالمي د. محمد العريان اللذان تولى كل منهما مناصب قيادية في صندوق النقد، وكذلك السفير ووزير الخارجية الأسبق د. محمد كامل عمرو والذي كان عضوًا بمجلس إدارة البنك الدولي، كما أخشى أن نفقد المنصب الحالي الذي يتولاه د. حازم الببلاوي كممثل لمصر والدول العربية بمجلس إدارة صندوق النقد.

إنني أعتب على د. محمود محيي الدين في تسرعه بتقديم استقالته من منصبه الحالي من منطلق مصريتي ولصداقتي الطويلة معه، وذلك رغم اختلافي مع بعض توجهاته، خاصة عندما كان يتولى منصب وزير الاستثمار المصري في الفترة من 2004 وحتى 2010.

ولكنني أشهد أنه صاحب رؤية واضحة وترك بصمات ملحوظة في كل منصب تولاه، بداية من اشتغاله بالعمل العام كمستشار في وزارة التعاون الدولي عام 1995، وخبيرًا بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، ثم مستشارًا لمنظمة الأونكتاد التابعة للأمم المتحدة، ثم مستشارًا لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.

وقد لا يعلم البعض أن د. محمود حاصل على الدكتوراه في اقتصاديات التمويل وكان أستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وله العديد من الأبحاث والدراسات الاقتصادية وترجم كتابين مهمين وهما «أوروبا- تاريخ وجيز لمؤلفه جون هيرست»، ونصف العالم الآسيوي الجديد لنائب وزير خارجية سنغافورة الأسبق.

وأعتقد أن خلفية د. محمود محيي الدين العلمية والعائلية كانت سببًا في تدرجه السريع في وظائف البنك الدولي، حيث بدأ مديرًا بالبنك، ثم أمينًا عامًا، ثم سكرتيرًا للجنة التنمية الدولية، ثم نائبًا أول لرئيس البنك ومشرفًا على إدارات التنمية البشرية والتنمية المستدامة وبرامج الحد من الفقر، مع إشرافه على مكاتب البنك الدولي في كل من واشنطن ونيويورك وجنيف.

ومن ثم فالخسارة كبيرة لمصر وليس للدكتور محمود وحده الذي لم يتجاوز عمره الخامسة والخمسين، وأعتقد أنه يجب الاستفادة من خبراته على المستوى المحلي!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز