عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
انهيار امبراطورية عزمى بشارة

انهيار امبراطورية عزمى بشارة

بقلم : طارق رضوان

انكشف الإخوان. كشفوا بعضهم بعضًا. وعرف الجميع أنهم جماعة مزيفة مدعيّة. ظهرت تحالفاتهم القذرة مع كل من يستطيع أن يدفع أكثر حتى لو كانت إسرائيل هى الممولة أو المخططة. انكشاف الإخوان لم يكن جديدًا علينا. لكن تحركاتهم وتحالفاتهم أظهرت الصفقات السرية ما بين إسرائيل وقطر. ففى مجال الإعلام يظهر بوضوح كيف تتداخل العلاقات القطرية- الإسرائيلية فى إدارة الإعلام القطرى الموجه إلى العالم العربى وقيادات الإخوان وشبابها هم الأداة.



كان الأول من نوفمبر من عام 1996 هو بداية انطلاق دور قطر فى الشرق الأوسط؛ حيث بدأ البث الأول لقناة الجزيرة المصنوعة بعناية على أيدى جهاز المخابرات البريطانية. كان ذلك بعد عام من انقلاب حمد بن خليفة على والده الذى تم فى السابع والعشرين من شهر يونيو عام 1995. ومنذ ذلك التاريخ تدير قطر منظومة إعلامية ضخمة. متنوعة ومتشعبة ومنتشرة فى العالم العربى وبعض دول الغرب. المنظومة الإعلامية القطرية تدار عبر ثلاثة رجال، هم من يقودون تلك المنظومة منذ الانقلاب الناعم. كل رجل منهم مكلف بملف خاص ويوجّه إعلامه لفئات معينة ومحددة لا تداخل بينهم. فهناك حرفية عالية نابعة من مخططات الإنجليز للمنظومة الإعلامية كلها. الرجل الأول والأخطر هو عزمى بشارة عضو الكنيست الإسرائيلى السابق. فهو الذى يلعب الدور الأضخم على الإطلاق بعد تولى تميم الإدارة. فقد كان لبشارة دور كبير بعلاقته بالجزائريين فى تمرير الانقلاب بشكل ناعم كما حدث.

ومن وقتها أصبح بشارة واسع النفوذ فى قطر بسبب سيطرته على عقل الأمير تميم وأمه موزة ومن قبل على عقل الأب حمد. نفوذ الرجل أزعج الأمراء فى القصر الأميرى القطرى، ما جعلهم يشتكون منه علنًا كما فعل حمد بن ثامر المشرف على ملف الإعلام فى قطر والمشرف أيضًا على قناة الجزيرة. بشارة يتلقى تمويلًا غير محدود ويشرف بنفسه على قناة التليفزيون العربى الذى أطلقها لتكون بديلًا عن قناة الجزيرة. وهى القناة التى كانت فكرة لبعض النشطاء الإخوان الممولين من قطر الذين تصدروا المشهد بعد 25 يناير 2011. أشهرهم هو الناشط إسلام لطفى أحد رموز حزب مصر القوية الذى كان يترأسه الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أحد أخطر رجال المخابرات المركزية الأمريكية داخل جماعة الإخوان. نجح عزمى فى الإطاحة بإسلام لطفى ومكن أحمد زين من إدارة قناة العربى؛ حيث مكن الأخير مجموعة من الفلسطينيين لتولى إدارة القناة. أهمهم ذراعه الأيمن مؤيد ديب. مؤيد يمتلك مع عزمى شركة للآى تى «الدعم الفنى والتقنى» وهى الشركة هى التى تزود قناة العربى باحتياجاتها من مواد فيلمية ووثائقية وأرشيفية؛ أى أنه بجانب التمويل المنتظم والضخم يقوم عزمى بعمل مشاريع جانبية لحصد أكبر قدر من الأموال.

يمتلك عزمى بجانب امتلاكه لقناة العربى جريدة العربى الجديد. وهى التى تلعب دورًا بجانب التليفزيون العربى لتجميع شباب للثورات العربية كى يتم استخدامهم بعد تغيُّر الأوضاع فى بلادهم بتوفير العمل والتدريب والتمويل والتعبير عن آرائهم بمقالات منتظمة. كما تضم مجموعة عزمى موقع المدن الصادر من بيروت وكذلك موقع الترا صوت وموقع إضاءات وكذلك قناة تليفزيون سوريا التى تعارض النظام السورى ومنصات أخرى كثيرة ومتنوعة منها ما هو بعيد تمامًا عن السياسة. أما الرجل الثانى فى منظومة الإعلام القطرى فهو وضاح خنفر، المدير السابق لقناة الجزيرة والذى يشرف على موقع عربى بوست المعروف باسم هفنجتون بوست سابقًا.

ويدير خنفر كذلك منتدى الشرق. وهو المنتدى الذى يقوم بمهام شراء ذمم النخب العربية بالأموال والولائم والمؤتمرات والسفريات لتكوين وخلق قوة ناعمة لقطر. كما أن من مهام المنتدى احتواء شباب الربيع العربى لاستخدامهم وقت الحاجة ويكونون رهن الإشارة. أما الرجل الثالث فى مملكة الإعلام القطرى فهو عبدالرحمن أبودية المشرف على مكملين والشرق والشرق الأوسط والحوار وموقع ميدل إيست؛ أى الذى يرأس تحريره ديفيد هيرست الإنجليزى وموقع عربى 21. وكنا قد تحدثنا عنه فى مقال سابق. المنظومة الإعلامية تلك هناك تنسيق كامل ما بينها. عزمى ووضاح وأبودية يقومون بإدارة الإعلام فى العالم العربى بحيث لا تتداخل المهام والأنشطة. فكل كيان له طريقه الخاص والمعروف والمدروس بعناية، فالشركات التى أسسها أبودية لرجاله من الفلسطينيين هى من أجل إنتاج أعمال وثائقية وفنية هى نفس الشركات التى تنتج للجزيرة وقناة العربى والحوار ومكملين، أى أنهم بجانب تقاضيهم أموالًا طائلة للتمويل ينتجون من داخل ذلك التمويل أعمالًا بتكاليف ليست بكبيرة ويقومون ببيعها لأنفسهم أو للقنوات التى يديرونها بمبالغ ضخمة. لكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن. فرجال الأمير السابق حمد يتربصون بالمنظومة الإعلامية الجديدة لتميم واستطاعوا أن يكشفوا كثيرًا من الفضائح لمنظومة بشارة.

  فقد  كشفوا عن فضائح أخلاقية جديرة بأن تهز مصداقية بشارة ورجاله فى لندن بل وتسيء إلى النظام القطرى الحاكم ككل باعتبار بشارة هو الواجهة الإعلامية الجديدة التى تتحدث باسم النظام الجديد. حيث كشف رجال الأمير الأب المعزول فضائح بشير بكر القائم بأعمال رئيس تحرير العربى الجديد ورجل عزمى القوى فى لندن، الذى قام بفضح تهمة جنسية للصحفى المصرى الهارب إلى لندن وائل قنديل رئيس التحرير السابق لجريدة وموقع العربى الجديد للتخلص منه؛ حيث يعتبر وائل أحد مرشحى حمد بن ثامر لقيادة العربى الجديد، ثم تلت هذه الفضيحة قضية تحرش أخرى رفعت أمام المحاكم البريطانية ضد بشير بكر نفسه والمسئول الإدارى عبدالرحمن الشيال لقيامهما بالتحرش بزميلة عراقية لهما. الصراع محتدم كما نرى ما بين رجال الحرس القديم والحرس الجديد فى البلاط الأميرى القطرى.

وكل جناح منهما يستخدم الإخوان ويقومون بتمويلهم من أجل استقطابهم واللعب بهم كورقة مهمة فى الصراع. فى الأسابيع الأخيرة تعرض بشارة لهجوم حاد وفضائح مدوية وهو بدوره رد على الهجوم بفضائح مماثلة، ما يجعلنا نرى أقذر الصراعات الإعلامية فى تاريخ العالم العربى والتى تتفق فقط فى تصويب سهامها إلى الدول العربية وعلى رأسها مصر للنيل من قياداتها ومؤسساتها. فالكيان الشيطانى لا يعمل ضد الإدارة السياسية فى مصر فقط؛ بل هم ضد فكرة مصر ومؤسساتها وتاريخها ونفوذها. وقد نجحوا فى السيطرة على الإعلام المصرى فى تركيا ونفذوا خططهم ومن يعترض على أسلوبهم؛ سواء من الشباب أو غيرهم يتم طرده وتجويعه ومحاربته والقضاء عليه كى لا يكون عقبة فى تنفيذ مخططاتهم تجاه الأمة المصرية. الأيام القادمة ستشهد مزيدًا من الصراع داخل أروقة البلاط الأميرى بعد الضغط الأمريكى للتقارب القطرى تجاه جيرانه وهو ما يمثل خطورة بالغة على مخططات بشارة الإعلامية الذى يعيش على الخلافات القطرية ويؤجج منها للتربح من التمويلات الضخمة التى يتلقاها هو وأتباعه. وهو ما يفسر الهجوم المجنون خلال الأيام الماضية على دول مصر والسعودية والإمارات والبحرين. كان نصيب مصر والسعودية هو الأكبر لكبر حجمهما وتأثيرهما. بشارة لن يستسلم بسهولة ومساندة الجناح الإسرائيلى له يشعره بالقوة والثقة، فى حين أن المجهول فى العلاقات الإسرائيلية -القطرية قد لا تكون فى صالح بشارة فى الفترة القادمة.

وسنرى انقلابًا فى الأوضاع لن يخطر ببال كل اللاعبين على الساحة الإعلامية العربية. أيام وستنكشف سوءة الجميع. وستظل مصر آمنة مستقرة ما دام هناك جيش قوى وإدارة سياسية وطنية مخلصة للبلاد.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز