عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ممالك النار
بقلم
محمد نجم

ممالك النار

بقلم : محمد نجم

«كانوا رجالا... كما نحن رجال، ومن حقنا أن نعيد قراءة التاريخ ونحاول تفسيره، كما فعلوا هم من قبل»، هكذا كتب الرائد المجدد طه حسين في مقدمة كتابه الشهير «الشعر الجاهلي».



وقد اختلف الكثيرون مع ما جاء في كتاب عميد الأدب العربي وعلى رأسهم العقاد الذي كتب توضيحًا وشرحًا مطولا ضمنه كتابه القيم «في مطلع النور».

ومع ذلك.. تظل مقولة العميد صحيحة، وواجبة الاتباع، بمعنى أن قراءة التاريخ وتفسيره، ليست حكرًا لأحد ولا لفئة ولا اتجاه سياسي معين، خاصة أن مسلسل (ممالك النار) قد أشار إلى إمكانية تزوير التاريخ على لسان «سليم الأول» عندما قال: من يحكم.. يملك الحقيقة!

أقول ذلك بمناسبة ما كتبه أحد الزملاء في عموده اليومي- معلقًا على أحداث المسلسل- مستنكرًا أن يحصل البعض على معلوماته التاريخية من خلال المسلسلات الدرامية، وتطوع بمحاضرة طويلة عن الفارق بين الدراما والأفلام الوثائقية، وهرب من إبداء رأيه فيما كشف عنه المسلسل من تصحيح لبعض الوقائع التاريخية، ويبدو أن الزميل من مدرسة الزعيم مصطفى كامل.. الذي كان مؤيدًا بشدة للخلافة العثمانية وضرورة تبعية مصر لها!

فالثابت تاريخيا.. أن العثمانيين اعتمدوا على قاعدة «أن الحكم لمن غلب» سواء كانت المنافسة عليه بين الأب وأبنائه، أو بين الأشقاء المتنافسين، وهو ما أشار إليه المسلسل، حيث عزل السلطان سليم والده عن الحكم، ثم قتل أشقاءه جميعا، بل إنه قتل ابن عمه وصديقه عندما كان طفلا.

ليس ذلك فقط، بل إن المسلسلات التركية ذاتها، خاصة مسلسل «حريم السلطان» قد أكد هذا المعنى عندما قتل سليمان القانوني نجل السلطان سليم، ابنه البكر، عندما شعر بتهديده لحكمه، وقد فعلها ابنه بايزيد من بعده عندما قتل شقيقه الأخير بعد مقتل شقيقيه الآخرين في حياة أبيهم!

ثم إن.. انتصار العثمانيين على المماليك وغزو مصر.. لم يتحقق إلا بالحيلة والخيانة، فضلا على استخدامهم أسلحة جديدة (البنادق والمدافع) لم تتوافر للمماليك وقتها.

ويكفي الإشارة هنا إلى أنهم هزموا مرتين من قبل على يد السلطان المحارب الأشرف قايتباي، الأولى في معركة أدنة في مارس 1486، والثانية في معركة أكاشيا في أغسطس 1488، حيث قتل منهم حوالي 40 ألف جندي في الأولى، وضعف ذلك في الثانية، ثم كانت المرة الثالثة- والحديثة نسبيا- على يد إبراهيم باشا.. الذي قتل فيها رئيس وزرائهم (الصدر الأعظم) وأسر منهم الآلاف.

نعم.. قد لا يكون المماليك من المصريين الأصليين، لكنهم كانوا مصريين بالنشأة والتربية والانتماء إلى البلد الذي استضافهم واحتواهم.. وتعلموا وكبروا فيه.. حتى وصلوا إلى حكمه والدفاع عن أراضيه، وهل يمكن أن ينسى أحد ما فعله القائد المحارب سيف الدين قطز الذي كسر شوكة «التتار» ولاحق فلولهم حتى مناطقهم الأصلية.. وقضى عليهم نهائيا، وكذلك صديقه وخلفه السلطان البناء الظاهر بيبرس؟

وأيضا ما فعلته شجرة الدر التي أخفت وفاة زوجها وقادت المماليك للقضاء على الحملة الفرنسية في معركة المنصورة!

ولست أفهم لماذا يتعمد البعض مخالفة «الإجماع» والاتجاه العام بضرورة الاهتمام بتاريخنا وإعادة قراءته بدلا من الاعتماد على مصادر أجنبية قد تكون مغرضة، بل كانت مشاركة في تزويره لصالحها؟!

ألم يلحظ من هاجموا المسلسل التفاف الأسر العربية حول شاشات التليفزيون لمتابعة أحداث المسلسل، وشغف الشباب في معرفة تاريخ بلاده الحقيقي؟ مع ملاحظة أن ممالك النار لم يكن أول عمل عربي مشترك، فقد سبقه قصة حياة القائد العربي طارق بن زياد وفتحه للأندلس!

وأعتقد أننا كعرب نملك كل ما يؤهلنا للكشف عن كنوزنا التاريخية من قادة تصدوا للغزاة ودافعوا عن الأرض والعرض، فالسوريون «خبراء» في المسلسلات الدرامية، والشركات الخليجية لديها الأموال، أما الممثلون فحدِّث ولا حرج سواء كانوا من مصر أو سوريا أو المغرب أو تونس.. ومن كل البلاد العربية.

نعود للمسلسل الممتع.. حيث كان أداء النجم المصري خالد النبوي مذهلا ومقنعا، وكذلك الشاب المصري أيضا معتز هشام الذي مثل السلطان في طفولته، كما كان النجم السوري الذي قام بدور السلطان سليم معبرا ومقنعا في حالات الانتصار أو الانكسار.

تبقى الإشارة إلى طرفة لطيفة حيث لاحظت اشتراك ثلاثة من الفرع السوري لآل نجم في المسلسل وهم نضال وعاكف وخالد، من ثم كان من اللائق أن يكتب أحد أفراد الفرع الشرقاوي عن المسلسل.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز