عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الهوية المصرية بين التسامح والتشدد

الهوية المصرية بين التسامح والتشدد

بقلم : أشرف أبو الريش

نجت مصر وشعبها من براثن التطرف والتشدد والغلو الذى حاول على مدار عدة سنوات بداية من 2011 وحتى 2013 أن يغير من طبيعة المصريين، المتابع عن قرب للشخصية المصرية فى تلك الفترة يجد أنها كانت تسير إلى طريق بلا رجعة.. الغلو والتطرف وهما سمتان واضحتان  فى جماعات العنف وتيارات التسلف والجماعة الإرهابية.. رصدت من خلال بحث كتبته منذ فترة قصيرة كيف كانت أحوال وأخلاق الناس على مدار عقدين من الزمان فى مصر فى تلك المدة.. قديمًا كنا ننظر باهتمام بالغ للأدب والأخلاق التى كانت تتحلى بها الكثير من الأسر المصرية تمثلت فى قيادة الأب لسفينة المنزل وخضوع جميع من فيه تحت إمرته ولوائه فتجد البيت يسير فى الاتجاه الصحيح نحو تفوق الأبناء والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة وتوقير الكبير واحترام الصغير لإخوته وأقاربه.. تسود الهيبة والخوف كل أرجاء المنزل عندما يشعر أحد بقدوم رب البيت.. كانت الوسطية تسود كل شىء فى المعاملات اليومية بين الناس وفى الحب المتبادل بين الجميع.



بعد ثورة يناير تغيرت طباع المصريين إلى النقيض اختفت المودة والمشاعر الطيبة بين الكثيرين فى المنزل وخارجه حتى السلوكيات الإنسانية السائدة فى المجتمع تغيرت بدرجة كبيرة وخطيرة فى نفس الوقت.

رصدت وعاصرت بعض الأحداث التى نتعرض لها يوميًا فوجدت أن المصريين فى أمس الحاجة إلى عودة المحبة والإنسانية التى كانت سمة غالبة داخل المجتمع المصرى وبين كل الطبقات.. للأسف الشديد نحتاج إلى تاريخ يوثق للفترة الحرجة التى تعرضت لها مصر وشعبها لأشد وأعتى المؤامرات التى ضربت الأخلاق والقيم والمبادئ فى مقتل فانتشرت الخلاعة وأفلام المقاولات التى خلفت جيلاً جديدًا من الشباب يرى فى نفسه البطولة والزعامة عندما يكون تاجرًا للمخدرات أو أحد بلطجية المنطقة التى يعيش فيها، كما انتشرت أغانى المهرجانات فى هذه الفترة لتحاول خلق أجيال أخرى لا تعى ولا تدرك شيئًا عن الهوية والثقافة والفن الأصيل.. كما حاولت التيارات المتأسلمة أن تنشر فكرها السام عن طريق الجلباب القصير والذقن والنقاب بين الشباب فى الجامعات و المساجد وبعض الجهات ومصالح العمل.. وارتفعت نسب المشاهدة للقنوات السلفية والشيعية وأصبحت أحكام التحريم هى السائدة بين أفراد المجتمع وانتشرت الكتيبات الصغيرة «لابن فلان»، «وابن علان» وتغافل الناس عن علماء الأزهر أصحاب الوسطية والاعتدال وقل زوار آل البيت خلال سنوات الثورة السوداء بسبب «اللخبطة» التى ضربت عقول الكثيرين من أهل مصر تارة عن طريق التسلف وأخرى عن طريق التشدد الفكرى ونسى جميع من يحاربون هذا الوطن وهذا الشعب فكريًا أن الصبغة التى لن تتغير فى المصريين هى الوسطية والتسامح والمحبة منذ قرون، وليس عقود قليلة عشناها فى فترة ماضية.

فى نهاية هذا العام أرى أن هذا الوطن يسير نحو الهوية المصرية الحقيقية، قلت أفلام المقاولات و البلطجة والمخدرات وحلت مكانها الأفلام الوطنية وقلت قنوات التشدد والغلو وتوابعها وأضحى الناس فى أشد الحاجة إلى فن راق يعبر عن الهوية المصرية بحق بعيدًا عن التقليد الأعمى والثقافات الوافدة من روافد الجهل والتخلف وعادت روح المصريين الطيبة المحبة لآل البيت الذين اختاروا هذا الوطن ليرتاحوا فيه بعيدًا عن مناطق الصراع الفكرى والعقائدى.

تظل مصر مهدًا للحضارة الإنسانية وأحد أعمدة التسامح الدينى والروحى طالما حافظنا على هويتنا الحقيقية التى حبانا الله بها عن غيرنا من البشر..

تحيا مصر.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز