عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مقابر الأتراك في "جنوب المتوسط"!

مقابر الأتراك في "جنوب المتوسط"!

بقلم : هاني عبدالله

01 أفاق أنقرة



استمرارًا لسياسات «التصادُم»، التى تتبعها أنقرة (الإردوغانية).. مَرَّرَ البرلمان التركى، أمس الأول (الخميس) المذكرة المُقدَّمة من «رجب طيب إردوغان»؛ لتفويضه بإرسال قوات تركية إلى ليبيا. مذكرة التفويض (الإردوغانية)، المُمررَة من البرلمان التركى، اعتمدت على ما سَمَّاه «النظام التركى» (القائم إلى حين) مذكرة تفاهم تم توقيعها بإسطنبول فى 27نوفمبر المنصرم، بين «فايز السراج» و«الحكومة التركية»، حول تزويد «السراج» بالأسلحة والتدريب والأفراد العسكريين. قانونيًّا.. تُعَد «مذكرة التفاهم» (التى صادق عليها السراج فى 19ديسمبر المنقضى) انتهاكًا مباشرًا لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا .. خصوصًا القرار (1970) لسنة 2011م.. فضلًا عن مخالفتها للاتفاق السياسى الليبى الموقَّع فى ديسمبر 2015م (اتفاق الصُخيرات)؛ إذ لم يُخول الاتفاق لـ«السراج» صلاحية توقيع الاتفاقيات بشكل منفرد.. وخَوَّل فى ذلك المجلس الرئاسى (مجتمعًا).. إلى جانب مصادقة مجلس النواب على الاتفاقيات التى يبرمها المجلس الرئاسى.. وهو ما لم يلتزم به - يقينًا- السراج وتابعوه.

 

02 حقائق مصرية

فى بيانها شديد اللهجة، الصادر فى أعقاب التمرير البرلمانى لـ«مذكرة التفويض» التركية، حذرت الدولة المصرية (على لسان وزارة خارجيتها) من مغبة أى تدخُّل عسكرى تركى فى ليبيا وتداعياته.. وأكدت «وزارة الخارجية» فى هذا السياق عددًا من الثوابت والحقائق، يُمكننا أن نُجملها فى الآتى: (أ)- يؤثر التدخل التركى فى ليبيا (سلبًا) على استقرار منطقة البحر المتوسط (أى بما يمتد - كذلك- إلى دول الجنوب الأوروبى/ شمال المتوسط). (ب)- تتحمل تركيا مسئولية هذا التأثير السلبى (كاملًا). (ج)- هناك موقف عربى (مُوحَّد) يرفض أى تدخُّل خارجى فى ليبيا (الموقف الموحد تم اعتماده من مجلس جامعة الدول العربية بتاريخ 31ديسمبر الماضى). (د)- تلعب تركيا دورًا خطيرًا فى دعم التنظيمات الإرهابية. (هـ)- قامت تركيا (الإردوغانية) بالفعل، بنقل عناصر متطرفة من سوريا إلى ليبيا. (و)- هناك حاجة مُلحَّة لدعم استعادة منطق «الدولة الوطنية»، ومؤسَّساتها فى ليبيا.. مقابل منطق «الميليشيات» و«الجماعات المُسلحة»، الذى تدعمه تركيا. (ز)- إنَّ تطوُّرَ احتمال التدخل العسكرى التركى فى ليبيا، يُعَد بمثابة تهديد لـ«الأمن القومى العربى» (بصفة عامة)، و«الأمن القومى المصرى» (بصفة خاصة). (ح)- يستوجب هذا التهديد - بطبيعة الحال- اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المصالح العربية من جراء تلك التهديدات. (ط)- تدعو مصر المجتمع الدولى للاضطلاع بمسئولياته بشكل عاجل فى التصدى لهذا التطور، الذى ينذر بتصعيد إقليمى. (ى)- أجرَى - كذلك- وزير الخارجية المصرى «سامح شكرى» عددًا من الاتصالات الهاتفية مع وزراء خارجية: المملكة العربية السعودية، واليونان، وقبرص، ووزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية؛ للتباحث حول تحركات «التصعيد التركى».. وهو ما شهد - بدوره- توافقًا فى الآراء حول خطورة هذا التطور على «الأمن القومى العربى»، و«الأمن الإقليمى»، و«أمن البحر المتوسط».

 

03 سيناريوهات محتملة

تأسيسًا على مجموع الثوابت والحقائق السالفة.. يُمكننا أن نطرح - فى المقابل- عددًا من التصورات التكميلية:

(أ)- بافتراض تطوُّر الوجود العسكرى التركى على الأراضى الليبية، فإن «أنقرة» (ترجيحًا) ستسعى لترسيخ هذا التواجد عَبْرَ تكرار  «السيناريو القطرى» بالعام 2017م، ولكن مع «السراج وتابعيه» هذه المرَّة.. وهو السيناريو الذى تطوَّر فى نهاية الأمر إلى وجود «قاعدة دائمة للأتراك» على أراضى الدوحة، فى أعقاب اشتعال الخلاف مع دول المقاطعة العربية: (مصر والسعودية والإمارات والبحرين).. وهو ما يهدد بصورة مباشرة الأمن القومى المصرى.. خصوصًا فى ظل الدور الخطير الذى تلعبه تركيا فى دعم الجماعات الإرهابية.. فضلًا عن أمن دول الجوار الأخرى (الجزائر/ تونس/ السودان/ تشاد/ النيجر).

 

(ب)- مع تأكُّد الدور التركى فى نقل عدد من العناصر الإرهابية القادمة من سوريا إلى ليبيا؛ فإن هذا الأمر يُعَد هو الآخر تهديدًا مباشرًا للأمنَيْن: (العربى والمصرى) القوميّيْن؛ إذ  ستكون مصر (صاحبة الحدود الممتدة لنحو 1200 كيلو متر مع ليبيا) من أكثر المتضررين جراء هذا الأمر.

 

(ج)- بحسب تقارير إخبارية تُنسَب تفاصيلها لمصادر عسكرية تركية؛ فإن «أنقرة» تعمل على تأمين نشر عناصر جوية تضم ست إلى ثمانى طائرات من طراز F-16 Block 50، ونظامًا للإنذار المبكر والسيطرة محمولًا جوًّا (AWACS).. وعناصر بحرية تضم: فرقاطة.. واثنين أو ثلاثة زوارق حربية، وغواصة أو اثنتين لأغراض منع الوصول.. فضلًا عن قوة برّيّة تضم نحو 3000 جُندى.. ومشاة ميكانيكية.. وعناصر للدعم غير المباشر.

 

(د)- وفقًا لتقارير أخرى قرّر «إخوان ليبيا» السَّفر إلى تركيا مطلع الأسبوع المقبل؛ لعقد اجتماعات مع مسئولين إخوان فى تركيا بشكل مباشر.. وأن ضباطًا أتراكًا وصلوا إلى ليبيا (قُبيل تصديق البرلمان التركى على إرسال القوات إلى ليبيا، بساعات قليلة).. وأنهم- أى الضباط الأتراك- اجتمعوا بعدد من قيادات الميليشيات العسكرية التابعة للسراج.

 

(هـ)- على خلفية التدخل التركى بتلك الكيفية فى القضية الليبية؛ فإن من بين مستهدفات أنقرة- يقينًا- إعاقة تقدُّم الدور الاقتصادى الذى تلعبه مصر فيما يتعلق بملف «غاز المتوسط».. وهو الملف الذى لطالما أرادت تركيا (بالمخالفة لقواعد القانون الدولى) أن يكون لها دَورٌ بديل فى مساره.. وهو ما يُعَد بمثابة إضرار (مباشر) بالمصالح الاقتصادية المصرية.. فضلًا عن الإضرار بمصالح دول منتدى غاز شرق المتوسط.

 

(و)- تُتيح هذه الحالة من التهديد المباشر للأمن القومى المصرى (وفقًا لأحد اتجاهين فى القانون الدولى) بأن تستخدم مصر ما يُعرف بـ«حق الدفاع الشرعى الوقائى»؛ حفاظًا على أمنها القومى.. وهو المبدأ نفسه الذى استخدمته «الولايات المتحدة الأمريكية» مرارًا، عندما بدأت بتوجيه ضربات استباقية فى حربها على الإرهاب.

 

.. ومع ذلك، تُقدِّم «القاهرة» دائمًا حتمية النأى بالقضية الليبية عن التدخلات الخارجية، والوصول إلى حلول سلمية بين الأطراف الداخلية.

 

04 كلمة

الانتقال من ضفاف البسفور بحثًا عن الموت فى جنوب المتوسط.. اختيار أمْ قرار بالانتحار؟!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز