عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
12 مليون شقة لا تجد من يشتريها

12 مليون شقة لا تجد من يشتريها

بقلم : محمد هيبة

كتبت منذ أكثر من شهر عن حالة الركود والكساد التى تضرب سوق التنميةالعقارية وتباطؤ حركة النمو فى هذا القطاع الحيوى فى 2019، والذى كان أكثر القطاعات انتعاشا وحركة طوال السنوات الخمس الماضية، والانتعاشة حدثت بسبب دخول الدولة بثقلها فى مشروعات الإسكان المختلفة، وبالتالى حقق هذا القطاع معدل نمو وصل إلى 27 ٪ من معدل النمو السنوى للاقتصاد المصرىإلى أنه تراجع بشدة فى الوقت الحالى.



وبناء على ذلك وجَّه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتبنى البنك المركزى مبادرة تقوم على ضخ 50 مليار جنيه لتمويل مشروعات الإسكان المتوسط لمحدودى الدخل تيسيرا على الشباب الذى يبدأ حياته ويريد أن يكوّن أسرة.. وبشروط ميسرة للغاية.

والمشكلة أن هذه المبادرة تصب فى جانب واحد فقط، وهو الإسكان المتوسط ومحدودى الدخل.. والذى يكون فيه سعر الوحدة مناسبا لدخل الشاب وتبسط يمول تمويلا عقاريا بقرض حسن ولمدة تصل إلى 7 سنوات كحد أقصى. أما أنواع المشروعات السكانية الأخرى مثل الإسكان الفاخر والذى توسعت فيه شركات التنمية العقارية توسعا شديدا سواء كانت شركات تابعة للدولة ووزارة الإسكان أو شركات قطاع خاص، وكانت نتيجة هذا التوسع غير المدروس وغير المخطط له تخطيطا جيدا أن هذا النوع من الإسكان أصبح العرض فيه أكبر كثيرا من الطلب، وتفوق أسعاره قدرات الشباب، والنتيجة أن عدد الوحدات السكنية للإسكان الفاخر والمتميز وصل إلى 12 مليون شقة لا تجد من يشتريها لغلو سعرها من ناحية ولارتفاع فائدة التمويل العقارى للراغب فى تقسيط ثمن الشقة من هذا النوع من ناحية أخرى.. وبالتالى حالة ركود وكساد شديدين.. والأهم أن لا أحد يريد أن يضع تيسيرات ويخفض أسعار هذا القطاع أو أسعار الفائدة إذا خضع للتمويل العقارى.

وبالطبع فإن ما حدث يظهر سوء التخطيط من وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والتى أصرت على دخول مجال الإسكان الفاخر وبأسعار مرتفعة غير تنافسية على الإطلاق وبأسعار للوحدة تزيد على المليون جنيه غير كاملة التشطيب والمرافق.. وحتى شركات وزارة الإسكان وهى شركات قطاع عام بالغت بشدة فى التوسع فى هذا المجال وبأسعار تضاعفت خلال عامين فقط والوحدة تباع بما يزيد على المليون ونصف المليون جنيه، ومن دون تشطيب، ولذا فالركود والكساد لم يصب فقط شركات التنمية العقارية الخاصة، بل وأيضا شركات القطاع العام ووزارة الإسكان وأيضًا المشروعات المتميزة لدار مصر وجنة وغيرهما إذ يعاد طرح الوحدات السكنية من أول يناير للمرة الثالثة بنفس الشروط السابقة وبدون أية تيسيرات.

لقد ذكرت فى مقالى السابق من قبل أن هناك شريحة من الشباب لا ينطبق عليها شروط الإسكان المتوسط والاجتماعى، وفى الوقت نفسه لا يستطيعون مجاراة أسعار الإسكان الفاخر سواء كان تابعا للدولة أو كان تابعا للقطاع الخاص لأنها أكبر من قدراتهم المالية حتى ولو بالتقسيط لأن البنك يأخذ فائدة عالية مقارنة بالإسكان المتوسط، بمعنى أن سعر الشقة فى الإسكان المتوسط لا يتعدى الـ270 ألف جنيه وسعر الشقة فى الإسكان الفاخر يزيد على المليون جنيه ومن دون تشطيب.. يعنى هذه الشريحة لا طايلة الإسكان المتوسط ولا قادرة على الإسكان الفاخر.. شريحة رقصت على السلم لا أحد يشعر بها.. ولا أحد يلتفت إليها وإلى احتياجاتها وتترك فى النهاية فريسة سهلة للإيجار الجديد وآلياته وعدم استقرار الساكن دائما لأن عقد الإيجار محدد المدة وعرضة لزيادة الإيجار.

والحل فى رأيى أنه لابد من التوسع فى مبادرة البنك المركزى ليشمل هذه الشريحة المتوسطة، وذلك بالاتفاق مع شركات التنمية العقارية سواء كانت قطاعا عامًا أو قطاعا خاصا، وذلك بتوفير وحدات سكنية بأسعار مناسبة بفوائد بنكية مناسبة حتى لا نزيد الطين بلة ولا تضاعف سعر الوحدة، وأن تفتح الشروط قليلا فيما يتعلق بشروط التمويل كالمساحة والتشطيب وشركات التنمية العقارية لا تستفيد فعليًا من هذه التسهيلات.. لذا فالمطلوب من البنك المركزى ومبادرته الجيدة قليل من المرونة.. وإلا تعرضت سوق التنمية العقارية للانهيار الحقيقى.. وتفقد مبادرة البنك المركزى قيمتها الحقيقية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز