عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
10 على 10 ونجمة لـ«بنات ثانوى»

10 على 10 ونجمة لـ«بنات ثانوى»

بقلم : طارق مرسي

مواجهة الظواهر السلبية والشاذة للشباب فى سن حساسة وخطرة من القضايا التى افتقدها الشريط السينمائى منذ فترة طويلة، بعد أن أصبح من المعتاد تبنى قضايا التغييب والبلطجة وحشرها فى الشاشة، وبالتالى تصديرها للشباب لأغراض تجارية لا تستهدف سوى الربح وتسهيل مهمة النشء للخروج عن النص والتمرد على التقاليد والعرف وأيضا الدين والأخلاق.



 لكن فيلم «بنات ثانوي» خالف كل هذه المسارات لتحذير  الشباب ودق ناقوس الخطر وعقد معاهدة جديدة هدفها توصيل رسائل هادئة لجيل المستقبل وهذه هى وظيفة ودور القوى الناعمة فى هذا التوقيت لاستعادة الأمجاد الغائبة والريادة الضائعة فى كتالوج الإبداع والتنوير.

  الفيلم لم يخالف مواثيق المنتجات السينمائية السائدة، بل جاء ليصحح أيضا فكر المنظومة السبكية وخطوط إنتاجها التى كانت فى لوحة تنشين الجميع فى السنوات  الأخيرة ويبدو أن المنتج أحمد السبكى أراد استعادة ذاكرة السينما الراقية بعد آخر فيلم قدمه فى هذا الإطار وهو «ساعة ونص» إخراج وائل إحسان الذى لم يرصد فيه كل أمراض المجتمع فقط بأمانة وصدق، بل قدم للسينما وجوهًا جديدة تسير الآن فى تراك البطولة المطلقة مثل محمد رمضان وأحمد الفيشاوى وفتحى عبدالوهاب وإياد نصار وأيتن عامر وماجد الكدوانى ومحمد إمام وأحمد فلوكس وناهد السباعى ويسرا اللوزى وطارق عبدالعزيز وكريم محمود عبدالعزيز وأحمد السعدنى وكل هؤلاء من خريجى فيلم «ساعة ونص» الذى قدمه منذ 8 سنوات وأصبحوا الآن نجومًا. فى فيلم «بنات ثانوي» لا يكتفى أحمد السبكى بتقديم ملف اجتماعى شديد الخطورة يتناول أزمات الفتيات فى سن حرجة «المراهقة» ومواجهتها، بدلا من الهروب منها بصحبة المؤلف الرائع أيمن سلامة والمخرج المتميز محمود كامل بل يقدم 5 وجوه جديدة ويضعها فى الطريق الصحيح وكتابة شهادات ميلاد لهن «جميلة عوض ومى الغيطى وهنادى مهنا وهدى المفتى ومايان السيد» ومعهن محمد الشرنوبى الذى يرسخ أقدامه بخطوات ثابتة وهم جميعا أشبه بدفعة جديدة فى مشوار الشهرة  والنجومية فى فيلم يصنع تاريخهم الفنى ببساطة واقتدار.

«بنات ثانوي» كما هو واضح من عنوانه يأخذنا مؤلفه «أيمن سلامة» فى رحلة سريعة مع أزمة 5 فتيات مراهقات بالصف الثالث الثانوى، وهى مرحلة عنق الزجاجة للشباب من الجنسين يستعرض فيها نماذج واقعية موجودة فى كل مدرسة وفى كل محافظة ومدينة مصرية.. يفتح من خلالها ملفات فى منتهى الخطورة أبرزها الوجه القبيح للفكر الإخوانى الإرهابى وتأثيره على الشباب واستخدام الدين لتشويه الفكر والعقيدة ومعاناة الأسر البسيطة من مافيا «السناتر» والدروس الخصوصية وتأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الشباب والاستخدام السييء لها وكيف تؤدى إلى أزمات وكوارث والاستخدام السلبى لمفهوم الحرية من خلاله. يستهل الفيلم أحداثه بالفتاة «سالى»  «جميلة عوض» المغرمة  بمواقع التواصل الاجتماعى وبث الفيديو لايف لأصدقائها بهدف تحقيق أعلى مشاهدة وأعلى مكاسب بوصفه أسهل طريقة للربح السريع ومنه تتعرف على شاب يوهمها بحبه لها منتحلا اسم «علاء» (محمد الشرنوبى) الذى يقدم نفسه لها على أنه نجل رجل أعمال حتى تكتشف حقيقته.. بينما تقع «أيتن» «هنادى مهنا» فى حب شاب ملتحى بأسلحة التدين الشكلى المزيف يمنعها من الغناء فى حفلات مدرستها، بحجة أن الغناء حرام ويحاول إقناعها بالزواج رغم رفض عائلتها وينجح فى الزواج منها مستغلا تدينها أما «شيماء» «مى الغيطي» فهى تعانى من أب غارق فى تعاطى المخدرات بينما يترك زوجته تعمل خادمة  عند أحد الأثرياء للصرف عليه وعلى ابنتها. أما «رضوى» «هدى المفتي» فتعيش قصة حب من طرف واحد مع مدرس علم النفس بالمدرسة «ناجى» (تامر هاشم) وتحاول إيقاعه فى غرامها بينما تعانى «فريدة» «مايان السيد» من رحيل والديها وتتطلع لتقليد زميلاتها.  إنها نماذج واقعية متكررة وموجودة فى الواقع رسمها «أيمن سلامة» بمهارة وواقعية على الشاشة لتجسيد مأساة المراهقات فى هذه السن اللاتى تنقلب أحوالهن رأسا على عقب عندما تكتشف سالى خداع صديقها ومحاولته للنيل منها بادعاء حبه لها وتظاهره الكاذب بالثراء وأن اسمه الحقيقى «سيد» ويعمل فى ورشة ميكانيكا. أما«شيماء» فتقاوم قسوة والدها بإرغامها على الزواج من مدمن بينما تفشل «رضوي» فى الإيقاع بأستاذها بينما تحاول فريدة الانتحار لفشلها فى تقليد زميلاتها. قمة المأساة عندما ينجح الشيخ أشرف «محمد مهران» فى الإيقاع بـ «أيتن» والزواج منها سرًا فى غياب شقيقها وأسرتها التى تعمل بالخليج مستعينًا بأحد الدعاة المزيفين لإقناعها بالزواج وبأنه لا يخالف الشرع رغم أنها قاصر وبعد قضاء خلوة شرعية باعتبارها زوجته على سنة الله ورسوله  وبينما تجهز له الطعام تكتشف أنه فارق الحياة من تأثير جرعة زائدة من العقاقير المنشطة جنسيا وتلجأ «أيتن» لزميلاتها للتخلص من جثته فى شقة أسرتها.  وتستعين «سالى» بحبيبها «الكداب» لإنقاذ زميلتها الذى يشترط عليها الاستجابة له وبعد أن يساعدها فى التخلص من «الشيخ» ترفض شروطه، ويكتشف رجال الأمن تحرشه بها ويحال الجميع إلى النيابة وتخرج الطالبات من القضية وجريمة القتل وتعود الطالبات إلى مدرستهن بعد هذا الدرس القاسى وتنتهى الأحداث باعتراف «أيتن» بأنها حامل من زوجها الشيخ المتأسلم على الفيديو لايف الذى تبثه «سالى» بعد أن تعود لممارسة هوايتها .  فى «بنات ثانوى»  نجح المخرج محمود كامل فى تصدير صورة واقعية وبسيطة ومؤثرة رسمها  بمهارة المؤلف أيمن سلامة ودون مبالغة والسيطرة على انفعالات نجوم المستقبل باقتدار رغم الإهمال الواضح لشخصية «فريدة» «مايان السيد» التى حاولت الانتحار بدون مبرر قوى لهذا القرار إلى جانب شخصية «رضوي» «هدى المفتي» المغرمة بأستاذها على حساب أهمية شخصية «سالي» «جميلة عوض» التى ترسم نموذج ضحايا مواقع التواصل الاجتماعى وشخصية «أيتن» «هنادى مهنا» التى وقعت فريسة لدعاة التدين الشكلى  وتجار الدين الذين أفسدوا  عقول الشباب وكادوا أن يقضوا على مجتمع له جذوره وأصوله فى التدين الوسطى والمعتدل باعتبار أن ضحايا التدين والتواصل العنكبوتى هم الأكثر خطورة وتأثيرا على أفكار وعقول هذا الجيل».

أخيرا فإن فيلم «بنات ثانوى» إنذار للأجيال الجديدة وصرخة كبيرة لمجتمع يحاول الرجوع إلى ماضيه وأصوله وعاداته وتقاليده والاستفادة من أخطائه وفى الوقت نفسه يكتب شهادة ميلاد جيل جديد ينتظرهم مستقبل واعد.. وهم: «جميلة عوض» الجريئة الواثقة و«هنادى مهنا» صاحبة الملامح المريحة و«مى الغيطي» المتحفزة الموهوبة و«هدى المفتي» صاحبة الحضور الطبيعي.. و«مايان السيد» المتمردة الجديدة.. هؤلاء ومعهم «محمد الشرنوبي» هم ذخيرة القوى الناعمة وسينما المستقبل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز