عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
العائلة المالكة في عُمان.. رقي في الأخلاق

العائلة المالكة في عُمان.. رقي في الأخلاق

بقلم : سعدون بن حسين الحمداني

إن في وفاة المغفور له بإذن لله السلطان قابوس بن سعيد "طيب الله ثراه" عبرة لكثير من الدول، خاصة في العالم الثالث والعالم الإسلامي، ولأن وفاته كانت فاجعة وخسارة للجميع، لأول مرة نكست الأمم المتحدة أعلامها تقديرًا لهذا الرجل الذي كان حجر السلام والتآخي بالمنطقة، لما يتمتع من دراية ثاقبة في الأحداث الإقليمية والعالمية بالإضافة إلى أنه قد جعل من السلطنة مدينة عصرية بكل المقاييس بوقت يعتبر قصيرًا قياسًا مع بقية عواصم العالم.



أما عملية انتقال السلطة فهي درس لجميع المعنيين الذين يخافون على تراب بلدهم وأهلهم من الفتن والشقاق والتفرقة ونشاط الطابور الخامس الذي يفرق بين الأخ وأخيه مهما كانت النيات.

في الأمس البعيد ومن المدرسة النبوية الشريفة ومن تعلم فيها من الصحابة الكرام الأخلاق النبوية ومخافة الله سبحانه وتعالى، دائمًا نتعلم منهم وهم قدوتنا في كل الأزمان، ونأخذ منهم الدروس والعبر، فعندما توفي الرسول الكريم محمد- صلى الله عليه وسلم- اجتمع أهله وأصحابه ليتفقوا على من يحمل الأمانة من بعده، وانتقلت السلطة إلى أبي بكر الصديق بكل سلاسة وهدوء وعقلانية وحكمة ليضعوا مخافة الله أمام أعينهم بعيدا عن الأنانية والتخندق الشخصي والقبلي وحب ملذات الدنيا، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون، كان حينما يتوفى أحد منهم يجتمع العقلاء تحت مظلة مخافة الله وأخلاق الإسلام الكريمة على من يحمل الأمانة باتفاق الحضور وبوقت لا يتعدى ساعات معدودة ليس طمعا في ملك أو منصب ولكن لخدمة الناس ومبادئ ديننا الحنيف وغلق أبواب الفتنة وقطع الألسن من الطابور الخامس الذي يجتهد وينشط في هذه الحالة ويكون الشيطان قرينهم أقوى من أي وقت مضى في إشعال الحقد والكراهية والاقتتال حتى بين الأخوة في سبيل المنصب والقيادة وأطماع الدنيا الزائلة.

والحمد لله في سلطنتنا الحبيبة فإن عائلة آل سعيد العائلة المالكة الكريمة قد أعطت درسا وعبرة لا ينساه التاريخ للقاصي والداني في انتقال السلطة بكل سلاسة وهدوء وحكمة واضعين أمام أعينهم حب الوطن وترابه والتضحية لهذا الشعب الأصيل ووفاء وتنفيذًا للوصية التي كتبها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد "طيب الله ثراه" وأدخله فسيح جناته، حيث كان لسليل العائلة الكريمة كلمة الفصل في ذلك والذي أعلن بأن العائلة المالكة الكريمة قد اتفقت على احترام الوصية وما فيها الوفاء والتضحية لأهل عمان الأصلاء وترابها الغالي، بعيدا عن الشقاق والتفرقة وحب الذات والتشبث بالمنصب على حساب المبادئ والأخلاق الكريمة السامية.

لقد أعطوا دروسا للعالم العربي أولًا والإسلامي ثانيًا ولجميع أرجاء المعمورة عن سموِ أخلاقهم وحرصهم على درء باب حب الذات والأنانية أمام الجميع وكانت مبايعة جلالة السلطان هيثم بن طارق "حفظه الله ورعاه" من قبل سليل العائلة المالكة الكريمة وأخوانه الكبار من أصحاب السمو نقلة كبيرة ودرسا لن ينساه العالم أجمع يدل على حب الوطن وحمل الأمانة وخدمة تراب البلد في حين نرى كثيرًا من البلدان خاصة في العالم الثالث تأخذ عملية الانتقال شهورا لعدم اتفاق الأخوة والقبيلة أو الحزب الفائز بالانتخابات، بالإضافة إلى إراقة دماء ناس أبرياء بسبب قلة الحكمة والدراية في النتائج على عكس ما جاء في بلدنا عمان الحبيبة فالكل وقف خلف جلالة السلطان الجديد هيثم بن طارق "حفظه الله ورعاه" وقفة رجل واحد استنادا إلى الوصية الكريمة والتي طلبت منهم مؤازرة السلطان في السراء والضراء وأن يكونوا داعمين وليسوا مفرقين، حيث ألقى سليل العائلة المالكة الكريمة كلمة أمام الجميع وعلى الملأ مؤكدا فيها على أنهم متفقون على مبايعة ما حدده المغفور له احتراما وتقديرا ووفاء وإخلاصا له، ثم تم فتح الوصية المغلقة الأولى والثانية من قبل مجلس الدفاع حيث قرئت الوصية أمام جميع أعضاء العائلة المالكة الكريمة. وفعلا بعد أن تم قراءة الوصية وتحديد السلطان الجديد الذي يخلف المغفور له ألا وهو السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، أدى اليمين أمام أعضاء العائلة المالكة الكريمة ومجلس الدفاع ومجلسي الدولة وعمان وبعدها تمت مبايعته على الولاء والطاعة من قبل الجميع، كل تلك الأحداث الجسام تمت أمام أعين الناس وهم يتابعونها أمام شاشات التلفاز.

فعلا كان درسا على الجميع أن يقتدي به مما يحمله من صفات وسمات قلّ ما يحصل لنا في دول العالم الثالث حيث تحاك وتدار المؤامرات خلف الكواليس؛ بهدف الحصول والمساومة على هذا المنصب أو ذاك كما يحصل في مختلف أرجاء العالم.

هنيئا لنا نحن العمانيين بالعائلة المالكة الكريمة التي وضعت تراب الوطن وأهله فوق كل اعتبار وأعطيت درسا لن ينساه العالم أجمع، علينا أن نقف معهم ونساعدهم في كل الظروف ونغلق أبواب الفتن والشقاق على من أراد لنا ذلك بوحدتنا وتكاتفنا خلف صاحب جلالة السلطان هيثم بن طارق "حفظه الله ورعاه" لكي نحافظ على منجزات باني النهضة ونحقق الأهداف التي تجعل من عُمان جوهرة العالم.

وفعلا فإن المغفور له السلطان قابوس "طيب الله ثراه" قد اهتم واعتنى كثيرا في بناء الإنسان العماني ولأن عمان وشعبها هم أهل الجود والكرم والأصالة وكما قال عنهم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ”لو أن أهل عمان أتيت، ما سبوك ولا ضربوك” صحيح مسلم – الرقم 2544.

*دبلوماسي سابق

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز