عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مذكرات الحفناوي وخفايا التأميم «2-2»
بقلم
محمد نجم

مذكرات الحفناوي وخفايا التأميم «2-2»

بقلم : محمد نجم

كشفت مذكرات د. مصطفى الحفناوي الكثير من الأسرار والخفايا في قضية تأميم شركة قناة السويس، لقد استمر يبحث ويتقصى الجوانب المختلفة لأكثر من اثنى عشر عامًا، وبدعم وتغطية من بعض أعضاء الحكومات المصرية المتعاقبة في العهد الملكي وقبل قيام ثورة يوليو 1952، كان على رأسهم وزير الخارجية الأشهر د. محمد صلاح الدين الذي عينه مستشارًا صحفيًا بسفارة مصر في باريس حتى يتمكن من جمع المعلومات المطلوبة من إدارة المحفوظات الخاصة بالشركة أو وزارة الخارجية الفرنسية!



وكان هدف الحفناوي أن يحصل على «دراسة» محكمة علميًا من أساتذة القانون الدولي بجامعة باريس، لتكون سند المطالبة من الحكومة المصرية بتأميم الشركة فيما بعد، خاصة بعد أن تمكن من الحصول على قرار الإنشاء والموقع من السلطان العثماني، بأن شركة قناة السويس شركة مساهمة مصرية وليست ذات طابع دولي، كما كان يدعى الفرنسيون والإنجليز من بعدهم!

وحصل بالفعل على رسالة الدكتوراه وطبعت بإحدى المطابع الفرنسية، وكلف وزير الخارجية المصري السفارة المصرية بباريس بشراء خمسمائة نسخة وإرسالها «كهدية» لرؤساء الدول وكبار الساسة في العالم، ورؤساء وزراء فرنسا وإنجلترا ورؤساء الأحزاب ووزراء الخارجية بالبلدين ولجميع دور الصحف في كل من بريطانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية.

لقد هيأ النشر المكثف لما تضمنته الرسالة من حقائق، المناخ العام في مصر «حكومة وشعبًا» لقرار التأميم الذي أعلنه الرئيس عبد الناصر في يوليو 1956، ولكن رد فعل الشركة ومن خلفها فرنسا وبريطانيا لهذا النشر.. كان عنيفًا، حيث بدأ أولًا- وطبقًا للمذكرات- بالاعتداء على رجال البوليس في الإسماعيلية وبحريق القاهرة يناير 1952 فقد علم د. الحفناوي من صحفي أمريكي مقيم بمصر وكان على علاقة بالسفارة البريطانية بالقاهرة أن هناك «مؤامرة» تدبر لإسقاط حكومة الوفد بزعامة النحاس واحتمالات أن تكون المؤامرة في صورة أعمال شغب عنيفة ضد الأجانب والمنشآت العامة بالقاهرة لإثبات عجز الحكومة عن حماية الأمن!

ونقل الحفناوي هذه المعلومات إلى وزير الخارجية والذي نقلها بدوره لوزير المالية والداخلية وقتها فؤاد سراج الدين في اجتماع ضمهم الثلاثة بوزارة الخارجية، ولكن الأخير أكد أن سلطات الأمن في القاهرة تسيطر على الموقف سيطرة تامة، ثم فوجئ بحريق القاهرة بعد 48 ساعة فقط.

أما رد الفعل العنيف الآخر فقد حدث بعد التأميم في صورة العدوان الثلاثي، الذي ضم فرنسا وإنجلترا وإسرائيل على مصر في ديسمبر 1956.

نعود للمذكرات حيث يشير د. الحفناوي إلى اللقاء الذي جمعه مع د. علي ماهر في إحدى العوامات بشاطئ النيل عام 1951، حيث قال له إن جيله والأجيال التي سبقته كانت مقصرة بالنسبة لقضية قناة السويس، وأنه برسالته القيمة حمل عنهم الأمانة، وعندما تولى على ماهر رئاسة الوزارة طلب منه اقتراح مجلس أعلى لمتابعة الموضوع، واتفقا بالفعل على الأسماء ومنهم د. عبد الحميد بدوي ود. محسن صلاح الدين والمهندس طراف علي وحسين كامل عميد تجارة القاهرة وقتها ولكنه لم يعلن بسبب التغيرات السياسية السريعة وقتها.

وفي تلك الفترة نهاية الأربعينيات من القرن الماضي أصدر د. الحفناوي جريدة قناة السويس، ولكن الشركة كانت تجمعها من موزعي الصحف قبل توزيعها واستمر ذلك في الثلاثة أعداد الأولى، ما اضطره لإرسال العدد الرابع إلى بعض القراء المختارين من خلال البريد المسجل، والطريف أن البعض رد العدد خوفًا من مطالبته باشتراك سنوي! فاضطر في العدد الخامس للتنويه بأن الجريدة توزع مجانًا!

ويشير د. الحفناوي إلى أنه على الرغم من المواقف الإيجابية للملك فاروق وبعض وزرائه في قضية قناة السويس، إلا أنه لا أحد منهم فكر في التأميم وإنما اقتصر التفكير على ما يجب عمله فور انتهاء أجل الامتياز في 17 نوفمبر 1968 وحتى لا يحل الموعد قبل أن تكون مصر على أتم الاستعداد لإدارة قناتها.

ولم يكتف د. مصطفى بما أورده من حقائق وخفايا حول التأميم، ولكنه رد على بعض الذين ادعوا أن مصر كانت في غنى عن التأميم وما تلاه من عدوان، فضلًا على إغلاقها بعد حرب 1967، فيقول إن الدول الأوروبية كانت مصممة على مد أجل الامتياز أو تدويل القناة ولولا العمل الجبار والمباغت من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لظلت القناة تحت وصايتهم!

لقد كشفت مذكرات د. الحفناوي أن قضية قناة السويس بداية من حفرها وحتى صدور قرار تأميمها كانت «ملحمة» مصرية ضخمة وعمل تاريخي.. تعاملت معه مصر بكل حكمة ووطنية.. وكان النصر حليفها في نهاية المطاف.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز