عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

LUCY ... النموذج الأقرب لتوصيف "أفلام الخيال العلمى"

LUCY ... النموذج الأقرب لتوصيف "أفلام الخيال العلمى"
LUCY ... النموذج الأقرب لتوصيف "أفلام الخيال العلمى"

بقلم : إسراء إمام



الإيمان فارق جوهرى فى صناعة الأفلام، شعور إذا ما استمد قوته، احتال إلى مادة ملموسة، تطل من بين مشاهد الفيلم، فواصله، ومسار أحداثه. تحقق نوع من التوائم الروحانى مع المتفرج، وتُبقى عليه منخطفا. تخلق ما بينه وبينها لغة تواصل، تفرش له على صورتها سيماء القبول، وتحمله على التغاضى عن عثراتها، مواضع نقوصها، ومواطن ضعفها. تتضافر مع العناصر الأخرى المعوّل عليها، ليحققان للمتفرج مُتعة أساسها نوع من الألفة، مشبوبة بشىء من الإيمان الذى انطلق منه كل شىء.

وفيلم "lucy" من الأفلام التى تحمل بين طياتها جرعة كافية من الإيمان، فهو من الأفلام التى تخص صانعها المخرج "لوك بيسون"، تنتمى إليه فكريا وشعوريا، وتشع من بين وجودها طاقته وحضوره. فتبنى مع المتفرج رابطة من نوع آخر، تنعقد فيها قدرته على النبذ عند حد محدود، ويبقى التورط هو سيد الموقف. بينما تتهمش كل المُعرقِلات إلى وقت لاحق، بلا قدرة على قلب مؤشر المتعة، وتعديل نتائجها السابقة.

الفكرة

الفكرة بدورها ليست جديدة، ومنذ شهور تم تقديمها فى فيلم  the transcendence لجونى ديب، بمنظور آخر ونقطة بدء مغايرة. ولكن فى lucy، إيمان "لوك بيسون" بالموضوع الذى يقدمه، وحماسته حياله، تبدت بصورة واضحة فى الإيقاع اللاهث، والتتابع الغير مخل بمغزى الحدوتة (والمخل بدوره فى نقطة أخرى سيأتى ذكرها فيما بعد). ماذا سيحدث إذا استطعنا التحكم فى قدراتنا العقيلة بنسبة 100 %، هذه القوة التى نمكلها بأدمغاتنا ولا نستهلك منها سوى نسبة ضئيلة، كيف يمكنها أن تغير فينا إن طوعناها لإرادتنا. ليست الفكرة فى حد ذاتها هى التى أثارت إهتمام المتفرج فى فيلم lucy، بينما طريقة التمهيد لها، وتمريقها لعقل المشاهد، والعمل على تحويلها من مجرد معلومة، تُطلعه على موضوع الفيلم، إلى حالة كاملة، تثير شغفه وفضوله، وتدفعه للوقوف على عتبات الحدث، عكس المجهود الذى يمكنك أن تلاحظه فى فيلم جونى ديب مثلا، والظاهر فى استجداء كل مستوى تالى من الأحداث لإهتمام المشاهد، نتيجة لعدم تخليق نقطة مبدئية ذكية الطلة، مثل التى توافرت فى فيلم lucy.

جماليات التنفيذ

استطاع "لوك بيسون" أن يقدم مزيجا مغويا، بين منطقية التنفيذ ورواجه. فجمّد كل تركيزه حول طريقة سرد المشهد الواحد، البداية دوما فى كل مشاهد lucy لم تكن هادئة، بينما تنطوى على القدر ذاته من إثارة الفضول، لينقلب السير فيما بعد على وتر أعلى ثم أعلى حتى يبلغ المشهد ذورته للنهاية، ومن ثم يبدأ غيره ليدور فى ذات المنظومة، التى خلقت بدورها ايقاعا مشدودا، غير قابل للمط، به من الصفة التجارية المنتشرة الكثير، ولكنه فى الوقت ذاته يقوم على أسس ومبادىء تنفيذ مدروسة. فبمقارنة مشهد مطاردة السيارات فى فيلم lucy  _ وهى منتزعة السياق _مع أى فيلم آخر، ستجدها واحدة تقريبا، ولكن ما يجعلنا مقبلين على هذا المشهد دون غيره، المنهجية التى تم تنفيذ بها أبجدية السرد لكل ما سبقه وتلاه.

الكلام العلمى الدقيق الذى تم ذكره فى الفيلم، أكسبه طابع جدى لا غنى عنه. قوى من عمق الفكرة، وأفسح لها مجالا أوسع لمزاولة غواية المتفرج. وزود عدد الفرص المحتملة للمشاهدات الثانية، توقا لإستيعاب المعلومة العلمية المطروحة بعناية، على الرغم من افتقارها إلى السلاسة فى بعض مواضع، ولكنها كانت دافع رئيسى لتحمية نبض الفيلم، وانضباط توغله فى السرد بهذا الإيقاع.

 

السيناريو

وهنا يأتى الوجه الآخر، لفكرة إيمان "لوك بيسون" بفكرته، والذى طغى على تكوين سيناريو أعمق، وشخصيات أبقى، فتوقفت كل جماليات الفيلم عند مرحلة التنفيذ. ففى البداية ظهرت شخصية لوسى من الفراغ، بغير أى خلفية عن حياة سابقة، وعلى مدار أحداث الفيلم، لا يمكننا ملاحظة ولو اتصال انسانى محبوك له أثره وهيبته على الحدث، كلها أنصاف معلومات عن علاقات مجهولة الطابع، تجدها فى مكالمة لوسى لوالدتها، علاقتها الغير منطقية تماما مع الضابط الفرنسى "عمرو واكد"، وحتى ما جمعها مع الدكتور صمويل نورمان "مورجان فريمان" لم يتم توسيع نطاقه عن غير المتوقع، فالأحداث فى lucy كانت ديناميكية أكثر من اللازم، لدرجة بدت فيها زيارة لوسى لصديقتها فى منتصف الأحداث تقريبا على غير الإستساغة التى لابد وأن تبدو عليها، وكأننا فقدنا القدرة على قبولها بمفردات حيايته عادية، خارج إطار الحدث الجارى سرده. ورغم أن الموضوع حسب الطريقة التى صاغها "لوك بيسون" لم يكن فى حاجة إلى هذه الجانبيات التى افتقدناها فى بناء السيناريو، إلا أن افتقار الفيلم إلي هذا النوع من الجهد فى بناء علاقات انسانية بتفاصيل مقبولة، وموظفة بأناقة داخل الإطار التشويقى، حكم على شغفنا صوبه بالدوام لفترة زمنية معينة، لن تمتد كثيرا اثر المشاهدة.

سكارليت جوهانسون

أداء هذه الشقراء رفع من سقف الفيلم بدرجة ملحوظة، وعوض الفراغات التى خلفها السيناريو حول هذه الشخصية إلى حد ما. ذعرها التلقائى الإنسيابى فى بداية المشاهد، وقسماتها المغمسة بلمحة جمود، والتى اتسعت مداها مع تطور قدراتها فى التحكم بعقلها. العيون القوية التى تملكها، معبرة بها فى اختزال وافى عن تيه لوسى، وتخبطها الموجع حول ما يصيبها من تغيرات. وتشبثها بقدر من نفسها محتبسا فى قلب هذه الفوضى التى تمر بها، جوهانسون جسدت هذا التعقيد ببساطة، وبغيرها لم يكن لدور لوسى هذه القوة الباقية وحدها فى الذاكرة لمدة اطول من تأثير الفيلم ذاته.

آخر كلمتين:

_ منتصف الفيلم الثانى، يحوى الكثير من المشاهد المتضمنة المعنى مرئيا، وخاصة فى مشاهد النهاية، بعدما تكتمل قوى لوسى فى التحكم بعقلها إلى درجة المائة.هذا الإلغاز المرئى قدم الصفة العملية للفيلم قبل كل شىء، مما يمنحه طاقة قبول لدى المتفرج، تختلف عن تلك التى يكنها لأفلام شبيهة، فلوسى له حق إثارة الفكرة التى لن تهدأ ولن تكل، بل تدفع للبحث فيما وراء ما يرمى إليه الطرح، وهذا من المسبوقات التى تُحسب له.

_ القطع المتوازى فى البداية ما بين تقبض عصابة المخدرات على لوسى، وبين الفهد الذى يتنكر لفريسته ومن ثم يقبض على عنقها، جاء ساذجا بعض الشىء، وخصوصا مع الإلحاح بالتركيز على ابرازه.

_ الموسيقى وعلى غير العادة فى هذه النوعية من الأفلام، بدت ملحوظة، تحمل نفس الصبغة التى يطل بها الفيلم، ما بين التشويق والفكرة العلمية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز