الصيف والغروب الساحر

كتبت: مارينا فارس

 

إن كان في الصيف شيء يستحق التأمل فهو الغروب, تلك اللحظات التي تنظر فيها الشمس الي ساعة يدها, فتقرر جمع ذيولها استعداداً للرحيل, و تستيقظ النسيمات العذاب التي اختبأت طوال النهار من غضب الشمس, فتتسلل باردة رقيقة تذغذغ حواسي .. العصافير تعي الامر جيداً تعرف ما عليها فعله. تعود الي عشها الذي تركته طوال النهار بحثاً عن الرزق و املاً في بعض المرح, تجتمع علي تلك الشجرة كل مساء, اعتقد انهم يقيموا حفلة سمر تحكي فيها كل عصفورة لصديقتها عما رأته من احوال البشر التعساء طوال اليوم. و يشرع عصفور عجوز بإسداء النصح للعصافير الصغار بضرورة  الابتعاد عن البشر. اما انا فكل ما عليا فعله هو ان اتجاهل انعدام موهبتي الغنائية و اصنع كوب من القهوة و انا اغني, اصبحت افكر جدياً في ارسال برقية اعتذار لسكان الشقة المجاورة لانهم يتحملون صوتي كل يوم و انا اغني لقهوتي ... ولكن ما ذنبي انا لو ان الحظ القي بهم بجانب نافذة المطبخ! و ما ذنبي ان كان الله خلقني اعشق الموسيقي, و اعطاني صوت مزعج, المهم الان هو ان اهرع الي شرفتي لاتابع عشرات الدرجات من الالوان التي تشغل صفحة السماء قبل ان يسدل الليل ستاره و يلمع القمر محاطاُ بلون الليل الانيق, فخور بأكتمال استدارته. كم تشبة حياة الانسان رحلة الشمس كل يوم, يولد هشا كالفجر يثابر و يخطئ  و يتعلم الي ان يصل الي ذروته, ثم يبدأ في الاضمحلال و يرحل, تماما كما تفعل الشمس !! لكن هناك من يترك اثاراً لامعة كالنجوم تلهم الاخرين, و هناك من يرحل ولا يترك ورائه سوي حفنة من التراب .... السر هنا يكمن في الانسان ذاته, في الايام و السنين التي تمضي بين الفجر و الغروب ...اما انا سأحاول صنع نجمة لاتركها حين ارحل, كأن اكتب تلك الكلمات لاخبركم  كم هو رائع الغروب!