عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

قراءة فى تحولات السياسة الدولية

قراءة فى تحولات السياسة الدولية
قراءة فى تحولات السياسة الدولية

بقلم : فادى عيد



 

المتغيرات السياسية فى العالم الآن أصبحت أسرع من الصوت، ما بالكم بمنطقة الشرق الاوسط صانعة الاحداث نفسها و صاحبة كل المشاهد المؤثرة فى تحولات السياسة الدولية، و فى ظل ما نحن فيه من تغير دائم فى حركة قطع الشطرنج على رقعة الشرق الاوسط، و لكى تكون الصورة المستقبلية واضحة بلا أى ضباب، علينا النظر الى خريطة الاقليم بتمعن و مراقبة تحركات جميع التنظيمات المسلحة أيا كانت طالما لم تكن مؤسسات رسمية للدول، و قرارات وفعل من يحركها خلف الستار، و رد الفعل من جانب التحالف العربى المتصاعدة أسهمه .

بداية بالمشهد العراقى و الذى كان فيه الاكراد أكثر المستفدين داخليا بعد مهاجمة داعش للعراق و احتلالها محافظة نينوى بعد تسليمها من الجيش العراقى دون اى مقاومة أو أشتباك صورى حتى، فقد نتج عن ذلك تمدد لنفوذ الاكراد داخل الدولة العراقية و أرتفع سقف طموحهم، و هنا تعاملت كل من فرنسا و المانيا مع الاكراد بمبدئين الاول السياسى و أتباع المخطط الذى يرحب بتقسيم العراق بل و المنطقة كلها، و الثانى العسكرى و ما قدمته فرنسا و المانيا من كميات هائلة من السلاح و الذخيرة للاكراد لكى يكون هناك كلمة للغرب على الاكراد كقوة مسلحة على الارض، و فى نفس الوقت تخلق نوع من التوازن العسكرى على الارض العراقية أمام الاحزاب و المليشيات الشيعية الموالية لطهران، و لا ننسى فتح سوق جديدة لتصدير السلاح الفرنسى و الالمانى الى الاكراد و ما يأتى من وراء ذلك بالايجاب على الجانب الاقتصادى عليهما . اذا نحن أمام مشروع ولادة دولة جديدة بالمنطقة لها لغتها و أيدولوجيتها و أهدافها و رغبتها الانفصالية الواضحة الا و هى الدولة الكردية، و علينا أن نحسب تداعيات ذلك على كلا من العراق نفسه، ثم سوريا التى به عدد لا يستهان به من الاكراد ذو الرغبة الانفصالية، و كذلك على تركيا و صراعها الطويل مع الاكراد على مدار عقود، و هل سيؤثر ذلك الزلازال على مناطق الاكراد بشرق تركيا فقط أم سيطول لواء الاسكندرونة . و علينا نحن كعرب أن نحسب خطواتنا أمام أهداف الاكراد المستقبلية و الدول التى تتعاون معهم بشكل أستخباراتى فى الخفاء، و تأثير ذلك على أمننا القومى .

ثانيا الى اين ستتجه بوصلة داعش بعد توجهها مؤخرا مع جبهة النصرة الى بلدة عرسال شرق لبنان، هل ستتجه نحو الكويت أو السعودية كما أدعت، و كما كان ينوى و يرسم من يحركها خلف الستار لكى تخلط الفوضى بالمنطقة كلها، و تنقل عواصف الربيع العبرى و بحيرات الدم من العراق و سوريا الى دول الخليج، أم الصراع الدائر بين اجهزة الاستخبارات المخترقة لتلك التنظيمات و التى تقود حرب شرسة ضد الغرب منذ أربعة أعوام تقريبا ستغير بوصلة داعش  لكى تتجه داعش ضد الدول المؤسسة لتلك التنظيمات الشيطانية و لكى ينقلب السحر على الساحر فى مشهد دراماتيكى .

ثالثا المشهد المتفجر فى ليبيا و الذى يقلق حسابات جميع دول الجوار، و الذى أعد كورقة بديلة لضرب أستقرار مصر بعد سقوط جماعة الاخوان المسلمون بها، و تأهيل ليبيا لكى تكون أتون نار لن يكتفى بحرق أهلها فقط، و لكن كى تصبح مستنقع من الارهاب ينزلق فيه كلا من مصر و الجزائر، فأكتفاء مصر و الجزائر بتأمين الحدود ضد أى أختراق من ليبيا لن يكون كافى لردع المخاطر المحتملة مع تنامى نفوذ الجماعات المسلحة بها، و فى حالة التدخل العسكرى بشكل صريح لا نضمن رد فعل القبائل المتناحرة بليبيا خاصة أن الصراع الداخلى بليبيا ليس بين شعب متوحد ضد جماعة أصولية كما كان فى مصر، بل قبائل عديدة تتناحر فيما بينها على حجز الصف الاول من السلطة، و لكى نكون منصفيين و واقعيين فى كلامنا لن نشمل الجميع بهذا الوصف، فهناك قبائل تدفع الثمن من دماء أبنائها الابرار من أجل الحفاظ على وحدة التراب الليبى و التى كانت ترفض بشدة تدخل الناتو، و كانت تلتف حول قائد الجيش اللواء " عبد الفتاح يونس " رحمة الله عليه، قبل أن يقضى الاسلاميون عليه و على الاخضر و اليابس بليبيا . و لذلك كانت مصر أكثر الدول تحركاً وإيجابية تجاه الملف الليبي، فالقاهرة بثقلها تؤكد كل يوم أنها الوحيدة القادرة على حل أعقد المعادلات فى الاقليم، و التى كانت أخرها اتفاق الهدنة بقطاع غزة، و لكى تدركو ثقل القاهرة الحالى (رأس حربة التحالف العربى الجديد) أدعوكم أن تتأملو مشهد إشادة السيد " حسن نصر الله " بمصر و مهاجمة "أردوغان" لكى يسجل أول أشادة لحزب الله تجاه مصر منذ تأسيسه، ثم تصريح سمو الامير " سعود الفيصل " بأننا لم نعد نريد اسقاط النظام السورى، و ربما نشهد الايام القادمة تسوية للأزمة السورية بمبادرة مصرية مدعومة من أشقائها أيضا، أخيرا و ليس أخرا لقاء قائد أركان الجيش الليبي بالقيادة المصرية و حقيقة ما أثمر عن ذلك اللقاء كخطوة هامة فى مشوار أتبعته مصر تجاه شقيقتها ليبيا لإنقاذها وإنقاذ المنطقة من شر جماعات الاخوان، بالتزامن مع تراجع الادارة الامريكية المراهقة عن تصريحاتها التى أدعت فيها أن كلا من مصر والامارات نفذو عمليات عسكرية ضد المليشيات الليبية، بعد فشل واشنطن فى الوصول الى أى أدلة تقدمها للرأى العام، ليكتشف العم سام أنه يصطاد فى الماء العكر، ليجعل جميع من فى الخارج بحيرة شديدة أضحكت مصر والسعودية والامارات عليهم جميعا .

وبمناسبة التحالف العربى الجديد كل تلك التحركات العربية المؤثرة فى مجريات الاقليم، والتى باتت تفرض رأيها بقوة على الجميع، والتى كانت بدايتها مع فجر يوم 30 يونيو 2013م، وتتجلى بقوة فى جميع الاحداث الحالية، تجبرنا أن نقف أحتراما و تبجيلا لقيادات كلا من مصر والسعودية والامارات ولكويت والبحرين .

ثالثا يتضح بقوة من خلال تلك المشاهد المؤثرة فى مسار الشرق الاوسط وغياب القيصر بعض الشيء عن المشهد بمدى انشغال روسيا بالملف الاوكرانى المقبل على أنتخابات برلمانية لا تقل سخونة عما يحدث فى شرق أوكرانيا من أقتتال بين الانفصاليين و قوات الشرطة الاوكرانية، فالقيصر يتأهب للدفع بأكبر عدد من الموالين لروسيا للترشح على مقاعد البرلمان الاوكرانى التى ستجرى أنتخاباته يوم 26 أكتوبر المقبل، لكى يقلبو بعدها الطاولة على الرئيس الاوكرانى " بترو بوروشينكو " بعد أن أحل الاخير البرلمان بسبب وجود العديد من المؤيدين للرئيس السابق " فيكتور يانوكوفيتش " بداخل البرلمان، و بنفس وتيرة تصريحات واشنطن ضد مصر و الامارات، كذلك أتهمت واشنطن بنفس السذاجة روسيا بدخول قواتها لشرق اوكرانيا، هذا بالتزامن مع الوقت التى تكشر فيه القوات الروسية أنيابها أمام أوربا بشرق أوكرانيا .

رابعا ظهور فرع جديد لدولة الخلافة بغرب افريقيا وبالتحديد فى نيجيريا، و لمن تعجب من ذلك الخبر أو ظهور مثل تلك الجماعات كبوكو حرام و غيرها بدولة نيجيريا، عليه ان يعلم أن نيجيريا أكثر بلد أفريقي غنى بالنفط و خامس أكبر مصدر للنفط للولايات المتحدة الأمريكية لكى لا يندهش كثيرا من ظهور تلك الجماعات فى الدول النفطية، وهنا ننتظر تحرك عسكرى أمريكي أو بالأحرى أحتلال لموارد الطاقة بنيجيريا، و قد يكون ذلك تحت غطاء قوات الافريكوم . ولتلك القوات فى افريقيا علامات استفهام كثيرة، وحقائق مفزعة تهدد أمن واستقرار القارة قد نشرحها قريبا . فتلك هى أبرز و أهم وأدق المشاهد الحالية على ساحة السياسة الدولية، وتلك هى سرعة متغيراتها، وعلينا أن ننتظر الغد ونحن مستعدون لما بعد الغد .  نقلا عن بوابة أفريقيا الاخبارية .

 

*الكاتب والمحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية والسياسية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز