عاجل
الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أسلحة داعش محاولة للفهم

أسلحة داعش محاولة للفهم
أسلحة داعش محاولة للفهم

بقلم : هيام محي الدين
 
حين أطلقت داعش صور وأفلام عملياتها في شمال غرب العراق التي أسفرت عن تدمير قوات الجيش العراقي في محافظتي صلاح الدين ونينوى واستيلاء الجماعة الإرهابية على المدن الرئيسية في المحافظتين والسيطرة على عشرات القرى ؛ لفت نظري بشدة وجود دبابات ومدرعات حديثة ومتقدمة بين أسلحة الجماعة المتطرفة وفي البداية ظننت أنها غنائم استولت عليها الجماعة من الجيش العراقي الذي فاجأنا باستسلامه السريع غير المبرر والذي يرجع لسياسة المالكي المنحازة للشيعة والتي دمرت الروح المعنوية لجنود الجيش وقضت على انتمائهم الوطني والقومي ؛ ولكن توالى الصور والأفلام خلال الأسابيع التالية أظهر المئات من سيارات الدفع الرباعي اليابانية الصنع والمحملة بنوعيات متعددة من المدافع الرشاشة والمضادة للطائرات متعددة المواسير ومنصات إطلاق الصواريخ وكلها من موديلات حديثة ولا يعقل أن تكون مجرد غنائم تركها الجيش المنهزم ؛ وأنا لست خبيرة في السلاح أو نوعياته ؛ ولكني أملك حدا أدنى من المعلومات يؤكد أن هذه النوعيات لا يمكن شراؤها من أسواق السلاح المفتوحة وأن الدول المنتجة للسلاح لا تبيع هذه النوعيات من الأسلحة المتطورة لمن يطلبها ويملك ثمنها وإنما تخضع لرقابة صارمة من الحكومات على شركات الإنتاج وتباع من خلال اتفاقات تسليح لجيوش دول محددة بالنسبة للدولة المنتجة وبشروط استخدام لا تتعارض مع سياسة المنتجين ؛ كما أن التقارير الرسمية أثبتت أن داعش بدأ هجومها على الموصل بمدرعات ودبابات وأسلحة متطورة قبل استسلام الجيش العراقي في المدينة بل إن هذه الأسلحة المتطورة كانت أحد عوامل سرعة سقوط المدينة في يد الجماعة ؛ وهنا يثور السؤال: من أين حصلت جماعة إرهابية متطرفة على كل هذا الكم من الأسلحة الحديثة المتطورة والمئات من سيارات الدفع الرباعي الجديدة ؟! وكيف وصلت إليها في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا وشمال غرب العراق ؟! إن الإجابة على هذا التساؤل لا تحتمل إلا فرضا واحداً لا ثاني له وهو ضلوع قوي إقليمية ودولية في تمويل وتوريد ونقل هذه الأسلحة والمعدات إلى الجماعة الإرهابية ؛ والسماح للخبراء والمدربين بالانتماء للجماعة أو العمل لصالحها ؛ وتشير أصابع الاتهام المحملة بالكثير من الأدلة إلى قطر في التمويل وتركيا في النقل من خلال الحدود المشتركة بينها وبين المناطق التي تسيطر عليها داعش والتي تقع على حدودها الجنوبية والشرقية مما يسهل نقل الدبابات والمدرعات والسيارات بريا دون حاجة إلى ميناء أو مطار ؛ ولا يمكن للدولتين القيام بهذا الدور دون ضوء أخضر وموافقة ضمنية من الولايات المتحدة الأمريكية ؛ والتي كانت سياستها تسليح هذه الجماعة كجزء من المعارضة السورية لنظام بشار الأسد وكررت بذلك خطأها الشهير حين أنشأت وسلحت ودربت عناصر جماعة القاعدة في أفغانستان لتضرب بهم الاتحاد السوفيتي السابق فتحولوا إلى ضربها هي أيضاً في 11 سبتمبر 2001 ؛ وهو نفس ما قامت بعد داعش حين وسعت نطاق إرهابها بغزو شمال غرب العراق وذبح الآلاف وأولهم صحفيين أمريكيين ولدينا مجموعة من الشواهد التي تصل إلى مستوى الدليل لإدانة الدول الثلاث ؛ فقطر تقوم باحتضان واستضافة قيادات جماعات الإسلام السياسي الهاربة من مصر وتسليح ميلشيات نفس الجماعات في ليبيا عن طريق التمويل بمليارات الدولارات والدعم الإعلامي عن طريق قناة الجزيرة التي استضافت أيضاً بعض الشخصيات المؤيدة لداعش ، وتركيا أيدت جماعة الإخوان سياسيا وهاجمت بغباء سياسي منقطع النظير ثورة الشعب المصري التي أسقطت حكمهم ورفضت التوقيع على تفاهمات جدة لمحاربة داعش والقضاء عليها ؛ أما الولايات المتحدة التي لا تتعلم أبداً من دروس التاريخ لأنها أصلاً دولة بلا تاريخ لا يتجاوز عمرها على الأرض ثلاثة قرون ، فقد أعماها إصرارها على تنفيذ مشروعها الذي يمثل لمصالحها إغراء لا يقاوم على المغامرة بتوظيف جماعات التطرف الديني لتحقيق رؤيتها للشرق الأوسط الجديد وهي تحاول كعادتها أن تحول أخطاءها السياسية إلى مكاسب ؛ فقد استغلت إرهاب داعش المرعب لكي تعود بسلاحها ووجودها الفاعل إلى المنطقة مرة أخرى ؛ كما استغلت أفعال داعش الإجرامية في تشويه الإسلام والقضاء على أي فرص للدعوة الإسلامية في أوربا والولايات المتحدة بل والعالم كله وهذا كان أحد أهدافها الرئيسية حين شجعت التطرف الإسلامي وجماعاته بالتأييد والتمويل منذ ستينيات القرن العشرين للقضاء على فرص نشر الإسلام الحقيقي المستنير في العالم ؛ وقد أعطت داعش للولايات المتحدة بل وكل أعداء الإسلام مكاسب لو أنفقوا المليارات ليحققوها ما استطاعوا أن يصلوا إلى جزء مما حققه داعش وأخواتها في تنفير العالم من الإسلام وتشويه صورته ؛ فقد قضت أفعالهم الإجرامية الغبية على جهود آلاف الدعاة المستنيرين المخلصين الذين قدموا الإسلام الحقيقي المستنير للناس كدين للرحمة والعفو والتسامح والصدق والأمانة والعدل والحرية ؛ أليس كل ما سبق أدلة كافية على ضلوع هذه القوى في تسليح ودعم داعش سواء كانت قوي إقليمية غبية قاصرة الرؤية لا نرى ما يتجاوز موضع أقدامها ؛ أو قوى دولية أشد غباء أعماها الحقد وأغرتها رؤى كاذبة لمصالح زائلة ستعود عليها بأبلغ الأضرار وليس بما تأمله من منافع.
 
لقد ارتكبت بعض الدول عبر التاريخ جرائم من الغباء السياسي أدت إلى خروجها من صفحات التاريخ إلى مزابلة ولكني لم أر جريمة غباء أشد حمقا مما ترتكبه السياسة الأمريكية وذيولها في المنطقة اليوم.
 
 
 
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز