عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الحرب الأمريكية الجديدة علي الإرهاب اخر فصول مؤامرات التقسيم و الفوضى داعش الوسيلة و ليست الغاية

الحرب الأمريكية الجديدة علي الإرهاب اخر فصول مؤامرات التقسيم و الفوضى داعش الوسيلة و ليست الغاية
الحرب الأمريكية الجديدة علي الإرهاب اخر فصول مؤامرات التقسيم و الفوضى داعش الوسيلة و ليست الغاية

كتب - أحمد شوقى العطار

التربص الأمريكي بسوريا لم يبدأ مع اندلاع الثورات العربية ، فسوريا ساحة مهمة للغاية تسعي الولايات المتحدة للسيطرة عليها منذ سنوات  لتنفيذ مخطط التقسيم ، و بالأخص لكونها حليف روسي إيراني لسنوات طويلة مضت ، لذا كان التربص الأمريكي أكثر شراسة و إصرار بعد الثورة السورية التي اندلعت لتسقط بشار الأسد حليف روسيا و إيران الأهم في المنطقة ، حيث لعب الأمريكان و حلفاءهم دورا محوريا في التصعيد داخل سوريا سواء من خلال التصريحات الرسمية أو من خلال دعم المعارضة التي تسعي لإسقاط بشار الأسد .



 و لعبت أمريكا دورا كبيرا للتحكم في المعارضة السورية التي شملت تيارات متعددة ، و استغل الأمريكان حاجة المعارضة للدعم الدولي فتم تشكيل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية و هو ائتلاف لمجموعات معارضة في الثورة السورية.

و تشكل الائتلاف في الدوحة عاصمة قطر الحليف الأمريكي الأهم في الشرق الأوسط ألان و ذلك  في نوفمبر 2012. و تم انتخاب  الداعية معاذ الخطيب، إمام المسجد الأموي في دمشق سابقا رئيسا للائتلاف .

 

لكن الأمر لم ينته سريعا في سوريا كما هو الحال في مصر و تونس و ليبيا حيث استطاعت الثورات في هذه البلدان إسقاط رأس النظام سريعا ، و ابدي بشار الأسد قدرة علي مواجهة الثورة و استطاع تحسين أوضاعه مع الوقت حتى أصبحت قدرة المعارضة السورية علي إسقاطه ضعيفة ، مما يعني فشل مؤقت  للمخطط الأمريكي لإبعاد بشار ثم  السيطرة علي سوريا من خلال تحكمها في بعض أقطاب و رموز المعارضة السورية ، و هنا اضطرت الولايات المتحدة للانتقال إلي خانة جديدة  تمكنها من هدفها الغير معلن ، و تحركت دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا والبرتغال بدعم من أمريكا في أواخر عام 2011 لتقديم مشروع قرار للأمم المتحدة  "يدين النظام السوري بسبب قمعه" حركة الاحتجاجات

وحظي مشروع القرار الأوروبي بتسعة أصوات مؤيدة، لكن مندوبي روسيا والصين أعلنا معارضة بلديهما للمشروع الذي تقدمت به ، و منع الفيتو الروسي – الصيني تمرير هذا المشروع

وجاء  الموقف الروسي-الصيني ليؤكد الرفض المطلق للبلدين بالتدخل الغربي في سوريا على غرار ما حدث في ليبيا.

 

و هنا أصبحت الرغبة الأمريكية في السيطرة علي سوريا مهددة بالخطر ، و لم تستطع تمرير هذا المشروع بسبب الصين و روسيا حلفاء الأسد ، فلجأت إلي حيلة أخري مستخدمة عملاؤها في سوريا و الوطن العربي و الذين طلبوا من الأمريكان و المجتمع الدولي في العلن التدخل في سوريا لإسقاط بشار ، و كان أشهر هذه الاستغاثات علي الإطلاق ، ما قاله القرضاوي في برنامج تليفزيوني علي قناة الجزيرة القطرية عندما طلب من الأمريكان بوضوح التدخل في سوريا و إسقاط بشار و قال ما نصه " أمريكا يهمها  أمن إسرائيل ، و نحن نعدها بأمن إسرائيل إن تدخلت و أنقذت الأبرياء في سوريا " .

 ذلك بالإضافة إلي إعلان الرئيس المعزول محمد مرسي و جماعته فتح باب الجهاد في مصر لنصرة الثورة السورية ، معلنا من إستاد القاهرة في ابريل  2013 أن الإدارة المصرية ستتوجه لسوريا لدعم الثورة ضد بشار .

 

لم تلق هذه النداءات و الاستغاثات من الداخل تأييدا شعبيا في البلدان العربية بأكملها ، و لم ترق إلي درجة مناسبة تجعل الأمريكان يصرون علي ضرب سوريا لان المبرر لم يكن كافيا ، و بالإضافة إلي ذلك جاءت 30 يونيو لتسقط جماعة الإخوان في مصر و تعزل مرسي من الحكم ، و بذلك فقدت الولايات المتحدة أهم حليف كان مستعدا لخوض حروبها الملعونة في سوريا بالإنابة .

و بذلك  لم يعد أمام الأمريكان سوي البحث عن مبرر جديد مقبول عالميا و دوليا لإعلان  الحرب علي سوريا ، او التمكن علي الأقل من التوغل داخلها بشكل مباشر لتحقيق ما تريد

في أغسطس 2013 خرج اوباما  بخطاب إلي العالم يحمل فيه مبررا كافيا من وجهة نظره للتدخل في سوريا حيث أعلن  نيته في توجيه ضربة إلي سوريا بسبب استخدام الأسد لأسلحة كيماوية و محظورة دوليا  في معركته مع المعارضة ، و قرر اوباما العودة إلي الكونجرس لتمرير الضربة و دعا حلفاؤه للتوجه إلي برلماناتهم للحصول علي موافقة لخوض هذه الحرب ، و بالفعل تحركت هذه الدول لانتزاع هذا القبول و أعلن وقتها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولندا المشاركة في ضرب سوريا بدون العودة إلى البرلمان الفرنسي .

 

و هنا تدخلت روسيا من جديد لتقف أمام هذا المخطط  ، و تقدمت بمبادرة دبلوماسية لتحييد الأسلحة الكيماوية لدى سوريا، فلم يجد اوباما وقتها أي مبرر للاستمرار خصوصا بعد رفض الكونجرس توجيه ضربة لسوريا ، و نجحت روسيا في احتواء الأزمة و الخروج بها إلي طاولة المفاوضات .

 

و عاد الأمريكان إلي نقطة الصفر مجددا ، و العمل علي اختلاق مبرر كافي للحرب علي سوريا دون اعتراض دولي .

في هذا التوقيت كانت حركة داعش أو الدولة الإسلامية في العراق و الشام مجرد خلايا نائمة داخل المعارضة السورية و كان لها نشاط محدود في سوريا ، و كان معظم عناصر الحركة كما أكدت تقارير مخابراتية عديدة عبارة عن مقاتلين دخلوا سوريا من عدة دول لمساندة الثورة علي بشار ، و معظمهم ينتمون إلي تنظيم القاعدة الذي يتمركز في أفغانستان ، وفي 2013/4/09 وبرسالة صوتية بُثت عن طريق شبكة شموخ الإسلام ، أعلن أبو بكر البغدادي أمير داعش  دمج فرع تنظيم القاعدة في سوريا (جبهة النصرة) مع دولة العراق الإسلامية التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي في 2004 ، تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام.

 

و كانت داعش هي الورقة الأخيرة التي سيلعب بها الأمريكان لتحقيق مخططهم في سوريا و الشرق الأوسط و ضرب أكثر من هدف بحجر واحد ، و لم نعد في حاجة لإثبات أن داعش صناعة أمريكية تستهدف إشعال الحروب و الفوضى و تقسيم الوطن العربي إلي دويلات ، و يكفي اعتراف هيلاري كلينتون في جلسة استماع رسمية بالكونجرس أن أميركا هي التي صنعت الوجه الأول للتنظيمات التكفيرية.

 

 

و لان داعش لم تستطع الظهور بشكل ملفت للانتباه في سوريا نظرا لاستعادة بشار و قواته زمام الأمور في أكثر المناطق بسوريا ، و أيضا لأنها لم تستطع توحيد قوي المعارضة السورية تحت رايتها مما يجعلها تبدو غير مؤثرة علي الإطلاق ، انتقلت الحركة إلي العراق التي كانت في هذا التوقيت بيئة خصبة لخروج حركة بهذا الشكل لتعلن قيام خلافة إسلامية و تجذب إليها الأنظار ، و بالفعل نجحت داعش في شهور قليلة أن تسيطر علي أجزاء مهمة في العراق و توسع تواجدها و تضع يدها علي أبار النفط و تؤسس جيشا مسلحا في ظل صمت أمريكي دولي يدعو للتساؤل و يثير الشكوك حول مصلحة أمريكا في تنامي نفوذ هذا التنظيم  .

 

و مع بزوغ نجم داعش و بعد أن تحولت إلى مادة إعلامية سريعة الانتشار و مثيرة للجدل ، أصبح لدي الأمريكان المبرر المقبول لصناعة حرب جديدة ضد الإرهاب – الذي صنع بأيدي الأمريكان أنفسهم – في العراق و سوريا ، هذه الحرب التي دعت إليها الولايات المتحدة أكثر من أربعون دولة منهم دول عربية لم و لن تستهدف حركة داعش بالأساس ، بل هي حيلة جديدة للانقضاض علي سوريا و إسقاط بشار و ووضع سوريا تحت السيطرة الأمريكية من خلال عملاؤها ذوي النفوذ و المصداقية داخل المعارضة السورية .

 

ما يؤكد هذا الطرح أن الحرب علي داعش بقيادة الولايات المتحدة ما هي إلا حرب تستهدف سوريا بالأساس هو رفض الأمريكان التنسيق مع بشار و قواته في هذه الحرب ، حيث أعلنت أمريكا رفضها الدخول في أي مشاورات أو تنسيق مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد حول القضاء علي تنظيم الدولة الإسلامية داعش بسوريا رغم مطالبة نظام بشار بالتنسيق مع التحالف الدولي.

 

و لان الروس منتبهون جيدا لهذا المخطط الأمريكي علي سوريا ، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية "ألكسندر لوكاشيفيتش" الأسبوع الماضي  أن الضربات الجوية الأمريكية المحتملة على مواقع تنظيم "داعش" في سوريا بدون موافقة حكومة بشار  أو قرار من مجلس الأمن ستشكل عملا عدوانيا ضد هذا البلد  ،

و المح أن قوات الحكومة السورية يمكن أن تتعرض أيضا للضربات ، و في هذه الحالة ستحدث عواقب خطيرة مع زيادة في التصعيد و توتر العلاقات ".
وأشار إلى أن موسكو تري  أن الولايات المتحدة، التي غضت الطرف عن أعمال العناصر الإرهابية في سوريا لفترة طويلة توقعا منها بأن يؤدي استخدامهم إلى الإطاحة بالحكومة الشرعية في دمشق، أدركت أخيرا حجم الكارثة التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط بالكامل ، مسميا ما تفعله الولايات المتحدة بالمناورات من اجل تحقيق أهداف غير معلنة .

و بعدها بأيام أعلنت روسيا و معها إيران و حكومة بشار رفضهم للحرب الأمريكية علي داعش دون قرار من مجلس الأمن أو موافقة و تنسيق مع بشار .


الادارة المصرية و جهات سيادية تنبهت أيضا للأهداف الخفية وراء حرب الأمريكان الجديدة ، و قدمت جهات أمنية تقارير عدة للإدارة المصرية تشرح فيه المؤامرة الخفية وراء هذه الحرب و أكدت مصادر سيادية  مشاركة مصر فقط في  وضع إستراتيجية لمكافحة الإرهاب، لكنها لن تنجر وراء أي ضغوط لإرسال قوات عسكرية إلى الخارج، إلا في حالة تهديد أمنها القومي .

و استطاعت مصر بالفعل  التعامل مع هذا الملف بدبلوماسية رائعة تستحق الإشادة و لم ترفض الحرب الأمريكية علي الإرهاب – في ظاهرها - التي تعاني منه الدولة المصرية حتى لا تتهم بازدواج المعايير ، فأيدت الحرب علي داعش أو علي أي تنظيم إرهابي أخر  لكنها رفضت التورط في المشاركة عسكريا في سوريا و العراق مع الأمريكان و هذا ما صرح به سامح شكري وزير الخارجية عندما أبلغ نظيره الأمريكى جون كيري، والوزراء العرب، خلال الاجتماع الذي عُقد بجدة ، أن مصر لن تشارك بأي قوات عسكرية في تلك الحرب، كما أكد رفض مصر استخدام أراضيها مصدراً لأي هجمات على «داعش»، وطالب بوضع أهداف واضحة لتلك الحرب وجدول زمني ونطاق جغرافي حتى لا تكون حرباً مفتوحة أو ذات زمن طويل .

 

المؤشرات جميعها تؤكد أن الأمريكان للأسف أصبحوا علي بعد خطوات من تحقيق أهدافهم في سوريا ، و أن سقوط بشار – بكل سوءاته و قمعه و فساده - و وقوع سوريا في أيدي المؤامرة الأمريكية أصبح قريبا جدا، إن لم تجد في الأمور أمور ، و من المؤكد أيضا أن داعش الصنيعة الأمريكية الأحدث ستخرج من هذه الحرب اقوي مما كانت لتكمل مع صناعها مخطط الفوضى و التقسيم في الشرق الأوسط

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز