حصة في أولي إبتدائي
بقلم : مارينا فارس
عاودتني ذكري مدرستي. لم يمض وقت طويل, منذ اربعة اعوام فقط كنت اطير وراء افكاري من نافذة الفصل التي تنقتح علي سماء زرقاء واسعة جداً تكفي لازرعها بالاحلام..
لولعي بالكتب أول ما جال بخاطري عند الدخول الي المدرسة هي المكتبة. الان يمكننني ان اقضي وقت اطول اغرق في محتويات المكتبة, فانا الان مدرسة. حتي و ان كنت تحت التدريب لكن اصبح بوسعي بعض الحرية للتجول في المدرسة.. يمكنني المكوث في المكتبة دون ان يلسعني صوت الجرس و يجعلني اترك الكتاب من يدي و اركض الي فصلي.. كانت مكتبة مدرستي جميلة رغم صغرها. استعرت منها كتاباً ليوسف ادريس الذي ادمنت قصصه القصيرة فيما بعد. علي قدر روعتها كانت مُهملة. لم يعبأ بها الكثير من الطلاب, كانت اكبر متعة بالنسبة لي ان اجلس في المكتبة بين رائحة الكتب, حتي و لو لم اقرأ كتاب فرؤية رفوف الكتب تسعدني.
تجولت في الفناء, و تذكرت فناء مدرستي. كنت اراه اخر الدنيا. كان قلبي يرفرف من التعب حين كنت اقطعه ركضاُ. لكنني اكتشفت الان انه لم يكن واسع الي هذا الحد بل ان التي كنت ضئيلة الي هذا الحد. كنت صغيرة لكن كانت احلامي كبيرة اكبر من فناء المدرسة. ذلك الممر كنت اراه ممتد الي ما لانهاية كان السور يفوق قامتي, كنت احلم ان يزداد طولي يوماً ما بضعة سنتيمترات كي استطيع ان انظر الي الفناء الممتلئ معظم الوقت بأولاد يركلون الكرة بجنون..
حصة في الصف الأول الإبتدائي فعلت بي الكثير... انقسم الفصل الي نصفين البنات يلتفون حولي اما البنبن فلا يكفون عن الصراخ و ركل بعضهم البعض. شاركتهم العابهم و اغنياتهم فشعرت اني عدت مثلهم, حين كانت اصابعي تكفي لعد سنوات عمري, احيا في ذلك العالم الذي يعترف بالاحلام كعملة نقدية و يعتبر الغيوم وسيلة مواصلات. فخورة بحقيبتي الصغيرة و قلمي الرصاص, حين تعلمت ان اكتب الرقم داخل المربع الصغير و اعد السطور التسعة في دفتري الملون. كنت احلم ان اكتب بقلم حبر ازرق مثل الكبار, لأكتب اشياء لا تقوي ممحاة علي ازالتها. كنت اعتقد ان اكبر حادث مؤسف بالنسبة لي هو اني انسي جدول الضرب الذي افشل في تذكره حتي الان..
رغم حبي لمدرستي الا ان بابها المغلق كان يزعجني.. كنت احب المدرسة لكني كنت اكره بابها المغلق. اكره ان اغلق باب الاسئلة واحبس افكاري.. الان و انا علي وشك الانخراط في العمل كمدرسة, اخشي ان اصنع ابواب أخري لعقول هؤلاء الاطفال. ان اغلق نوافذ الفصل حتي لا يهرب خيالهم بعيداً عن السبورة و ازرع عقولهم في سطور الكتاب المدرسي !!