أيام في ساحل الذهب
كتبت : ريهام رسمى
علمت بموعد رحلتي اتجهت مسرعه لمعرفة حالة الجو وإعداد ملابسي للرحلة المنتظرة و أصابني خيبة الأمل عندما رأيتها فوق الثلاثين درجة ، علي كل حال سوف أتخذ كل التدابير لذلك فأنا كلي شغف لشراء المشغولات الخشبية و الأناناس و جوز الهند و رؤية خليج غينيا ، سرعان ما انتهيت من إعداد حقيبتي و اهم ما فيها صاحبتي التي لا تفارقني أبدا كاميرتي الحبيبة و احد روايات ماركيز حتي أذوب بين صفحاتها و لا شعر بالوقت علي الطائرة خلال ستة ساعات و نصف من الطيران للوصول لساحل الذهب نعم هو ساحل الذهب كما اطلق عليه البريطانيون بعد إدراكهم لخيرات تلك الارض التي جاؤا إليها مستعمرين . اتجهت مسرعه في صباح اليوم الثاني الي المطار حيث ان ميعاد رحلتي كان التاسعة و النصف صباحا وعلي ان أتواجد قبل ميعاد الرحله بوقت وفير دخلت الي صالة الإنتظار وأنا انظر الي جميع الركاب لعلني أجد من يشاركني رحلتي و لديه نفس أهدافي و شغفي لاكتشاف كل ما هو جديد فإذا بالجميع من اصحاب البشرة السمراء بعضهم متجهين الي ساحل الذهب والآخر سيكمل بالطائرة الي ساحل العاج . أخذت الورقة المدون عليها مكان المقعد و صعدت الي الطائرة و جلست و بجانبي فتاه سمراء ذات ابتسامه رقيقه تتحدث الي صديقتها عبر الهاتف بلغة لا أفهم منها شيئا و بعد ان إنتهت سألتها عن جنسيتها قالت لي أنها تنتمي الي ساحل الذهب فأخبرتها بأستغراب إني قرأت أن اللغة الرسمية لديكم هي الانجليزية قالت و هي تضحك نعم هي اللغة المشتركة ولدينا العديد من اللغات مثل الإسكندراني و لغة أهل الصعيد مثلا أصابتني الدهشة فردت مسرعه انا أحب مصر كثيرا و قمت بزيارت العديد من المحافظات ولي أصدقاء كثيرون فشعرت بالخجل هي تعرف الكثير عن بلادي و انا اجهل الكثير عن بلادها علي اي حال فتحت كتاب ماركيز و بدأت بالقراءة في محاولة للهروب من الشعور بالوقت و دخلت بعدها في نوم عميق .استيقظت قبل معاد الهبوط مباشرة و بدأت بالأستعداد للهبوط و كلي شغف لمغامرة جديدة في ساحل الذهب ، و اخيراً هبطت الطائرة معلنه هبوطها في اكرا ..
وما كاد ان يفتح باب الطائرة إلا بموجة حارة كانت في انتظاري وقتها تذكرت المثل العربي الشهير "بلغ السيل الزبي " لا طاقة لي بهذا الجو الساخن و بأبتسامة ناصعة البياض قال لي احد موظفي مطار غانا اهلًا بكي في غانا ، الجميع يضحك و يبتسم فكلهم من اصحاب الوجه البشوش الذي ينسيك حرارة الجو ، دخلت الي صالة المطار علي شمالي لوحه تحمل إرشادات للوقاية من مرض الايبولا المنتشر في غرب افريقيا يا ستار يا رب ، يبدو المطار تقليديا لا يبدو عليه اي مظهر من مظاهر الفخامة ، انهيت إجراءات وصولي ، خرجت من المطار لأجد الحافلة الخاصة بالفندق في انتظاري ، السائق لديه نفس الابتسامة الآخاذة و الوجه البشوش انطلق بي الي الفندق مرحباً بي في بلدي الثاني مذكرا إياي بالوحدة الأفريقية "أفريقيا واحد " ، حدثني عن ولع الجميع هنا بالساحرة المستديرة و حبه للفريق الوطني لكره القدم و سرعان ما وصلنا الي الفندق حقاً كان رائعا يطل علي ماء المحيط مباشرة او ما يسمونه بخليج غينيا الواقع في المحيط الاطلنطي ، اتجهت مسرعة الي غرفتي لأضع حقيبتي و انطلق انا وصاحبتي ذات العدسة الثاقبة . اتجهت حتي اري تلك المياه الثائرة المنظر رائع سبحان الخالق ، العديد من بائعي المشغولات الخشبية و الحلي المصنوع من الصدف و القواقع يجوبون هنا وهناك اتجهت مسرعة الي احدهم لفت نظري الأقنعة الخشبية فهي عبارة عن قناع خشبي متقن الصنع له عينين و أنف و فم معد ليعلق علي الحائط رأيت العديد من الأحجام أمسكت بالحجم الكبير في يدي و سألته عن السعر رد بعد تفكير ٥٠سيدي فقد لاحظ إعجابي بالقناع و لذلك قال لي سعرا مبالغ فيه فأذا بي أتذكر قول "حسن البصري" 'لو زهدتم فيما عندهم لبتغوا فيما عندكم لكنكم أبتغوتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم ' فقلت له إني سوف اشتري اثنين من الأقنعة و حامل خشب ذو ارجل خشبية ب ٥٠ سيدي فعترض فتركته لعله يراجع نفسه و بالفعل نجحت الخطة ووافق و تمت بنجاح أخذت ثروتي الخشبية و انا في قمة السعادة و ذهبت مسرعة لوضعها في الغرفة ، و سرعان ما شعرت بالجوع فاتجهت الي احد المطاعم المطلة علي تلك المياه المالحة الخلابة مطعم مخصص فقط للمأكولات البحرية يقدم طبقا مكونا من الاستاكوذا و الكابوريا و الجمبري وكل ما لذ و طاب من خيرات الله يا إلهي ما أشهي الطعام ،أكلت حتي امتلئت معدتي و انا اري أمامي الأمواج تتلاطم و شاب اسمر يجول بحصانه الأسمر والسياح يتهافتون عليه يركبون الحصان و يتجولون به مقابل بضع سيديهات و اخر يبيع حافظات نقود مصنوعة من الجلد و أخريات يضعون المساحيق علي وجوههم في محاولته لجذب الرجال السائحين ! انتهيت من طعامي و اتجهت الي الاستقبال في الفندق اسألهم عن اقرب سوق من حيث ان درجه الحرارة مرتفعة و لا أستطيع تحملها فأجابني موظف الأستقبال أن هناك سوق قريب في الاتجاه المقابل للفندق أستطيع ان اذهب اليه مشيا علي الأقدام و بالفعل خرجت من الفندق متجهه الي السوق درجه الحرارة عالية و الشمس محرقة و أثناء سير يقابلني العديد من بائعات الأناناس و جوز الهند و الموز ذهبت الي إحداهن فوجدت حبه جوز الهند فقط بواحد سيدي و هو ما يعادل اثنين جنيه ونصف مصري و الأناناس الواحد تساوي سيدي و نصف اشتريت اثنين من الأناناس و اثنين من جوز الهند رأيت الأطفال بجانبي يضعون الشفاطة في احد اخرام جوز الهند حيث يوجد ثلاثة اخرام احدهم لين يمكن إختراقه و قد شعرت بالعطش و علي أن افعل مثلهم وأشرب من ماء جوز الهند و بالفعل فعلت ماء جوز الهند تروي العطش طعمها لا يقام ، أشجار المانجه منتشرة ممتلئة بالمانجه الخضراء التي لم تنضج بعد ، لفت نظري لون الأرض أنه يميل الي الحمرة فظننت ان هذا اللون نظرا لخصوبة التربة و عندما سألت احد البائعين قال لي ان ارضنا مرت بكثير من الحروب و الأستعمار و لهذا السبب فهي دماء من ماتوا فيها فهذا هو إعتقاد البعض هناك وهذا ما اخلفه الأستعمار من الموروثات الفكرية و عندما سألته عن أصل تسميه العاصمة اكرا قال لي ان اكرا أسم مشتق من كلمة نكران و تعني النمل في إشارة لمستعمرات النمل الكثيرة الموجوده في المناطق الريفية المحيطة بأكرا،و انهي كلامه معي بأن افريقيا واحد و هو يضحك بعد ان علم بأصولي الافريقية ، البيوت يبدو عليها البساطة بل و الفقر في بعض الأحيان فهي بيوت الطبقة الكادحة من الشعب ، و اخري ذات سقف معد للسيول في فصل الشتاء يشبه البيوت الانجليزية و هي للطبقة الأعلي من الشعب ،الحق يقال لم احتمل حراره الشمس اكثر من ذلك و اتجهت عائده إلي الفندق و خلدت الي النوم لبعض الساعات ، في المساء وجدت لدي رغبة في الخروج و التجول في المنطقة المحيطة ، البعض حذرني انه قد يكون هناك خطورة في الخروج ليلا و لم اكترث كعادتي ، و بالقرب من ماء المحيط سمعت أصوات طبل و غناء على صوت جيتار تتبعت الصوت حتي وصلت فإذا بفرق موسيقية مكونة من ثلاث سيدات يحملن طبول و مغني علي هيئة بوب مارلي اسمر ذو شعر طويل في حاله عصيان و تلبك و تشابك يحمل جيتار ،يرتدون ألوانا زاهية ، تدق النساء الطبول و يغني المغني بصوت عذب و يشاهدها الجميع من مختلف الأجناس لبنانيون و اربيون وغيرهم . يا الهي حقاً انها ساحل الذهب مليئة بالخيرات و الفنون الشعبية التي حافظت علي هويتها رغم الاستعمار الانجليزي ، تأخر الوقت و لم اشعر به و سرعان ما اتجهت عائدة الي الفندق استعد للعودة نعم العودة كانت رحلتي قصيره لم أتمكن من رؤية غانا إلا القليل منها ، فهذا الفصل الاول لي في ساحل الذهب في انتظار رحلتي الثانية لكتابة الفصل الثاني وداعا ساحل الذهب .