عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أيام في ساحل الذهب

أيام في ساحل الذهب
أيام في ساحل الذهب

كتبت : ريهام رسمى




علمت بموعد رحلتي اتجهت مسرعه لمعرفة حالة الجو وإعداد ملابسي للرحلة المنتظرة و أصابني خيبة الأمل عندما رأيتها فوق الثلاثين درجة ، علي كل حال سوف أتخذ كل التدابير لذلك فأنا كلي شغف لشراء المشغولات الخشبية و الأناناس و جوز الهند و رؤية خليج غينيا ، سرعان ما انتهيت من إعداد حقيبتي و اهم ما فيها صاحبتي التي لا تفارقني أبدا كاميرتي الحبيبة و احد روايات ماركيز  حتي أذوب بين صفحاتها و لا شعر بالوقت علي الطائرة خلال ستة ساعات و نصف من الطيران للوصول لساحل الذهب نعم هو ساحل الذهب كما اطلق عليه البريطانيون بعد إدراكهم لخيرات تلك الارض التي جاؤا إليها  مستعمرين . اتجهت مسرعه في صباح اليوم الثاني الي المطار حيث ان ميعاد رحلتي كان التاسعة و النصف صباحا وعلي ان أتواجد قبل ميعاد الرحله بوقت وفير دخلت الي صالة  الإنتظار  وأنا انظر الي جميع الركاب لعلني أجد  من يشاركني رحلتي و لديه نفس أهدافي و شغفي لاكتشاف كل ما هو جديد فإذا بالجميع من اصحاب البشرة السمراء بعضهم متجهين الي ساحل الذهب والآخر سيكمل بالطائرة الي ساحل العاج . أخذت الورقة  المدون عليها مكان المقعد و صعدت الي الطائرة و جلست و بجانبي فتاه سمراء ذات ابتسامه رقيقه تتحدث الي صديقتها عبر الهاتف بلغة  لا أفهم  منها شيئا و بعد ان إنتهت  سألتها عن جنسيتها قالت لي أنها تنتمي الي ساحل الذهب فأخبرتها بأستغراب  إني قرأت أن اللغة الرسمية لديكم هي الانجليزية قالت و هي تضحك نعم هي اللغة المشتركة  ولدينا العديد من اللغات مثل الإسكندراني و لغة أهل الصعيد مثلا أصابتني الدهشة فردت مسرعه انا أحب مصر كثيرا و قمت بزيارت العديد من المحافظات ولي أصدقاء كثيرون فشعرت بالخجل هي تعرف الكثير عن بلادي و انا اجهل الكثير عن بلادها علي اي حال فتحت كتاب ماركيز و بدأت بالقراءة في محاولة للهروب من الشعور بالوقت و دخلت بعدها في نوم عميق .استيقظت قبل معاد الهبوط مباشرة و بدأت بالأستعداد  للهبوط  و كلي شغف لمغامرة جديدة  في ساحل الذهب ، و اخيراً هبطت الطائرة معلنه  هبوطها في اكرا ..    

 

وما كاد ان يفتح باب الطائرة إلا بموجة حارة كانت في انتظاري وقتها تذكرت المثل العربي الشهير "بلغ السيل  الزبي " لا طاقة لي بهذا الجو الساخن و بأبتسامة  ناصعة البياض قال لي احد موظفي مطار غانا اهلًا بكي في غانا  ، الجميع يضحك  و يبتسم فكلهم من اصحاب الوجه البشوش الذي ينسيك حرارة الجو ، دخلت الي صالة  المطار  علي شمالي لوحه تحمل إرشادات للوقاية من مرض الايبولا المنتشر في غرب افريقيا يا ستار يا رب ، يبدو المطار تقليديا لا يبدو عليه اي مظهر من مظاهر الفخامة  ، انهيت إجراءات وصولي ، خرجت من المطار لأجد الحافلة الخاصة  بالفندق في انتظاري  ، السائق لديه نفس الابتسامة الآخاذة  و الوجه البشوش انطلق بي الي الفندق مرحباً بي في بلدي الثاني مذكرا  إياي بالوحدة  الأفريقية "أفريقيا  واحد " ، حدثني عن ولع الجميع هنا بالساحرة المستديرة  و حبه للفريق الوطني لكره القدم و سرعان ما وصلنا الي الفندق حقاً كان رائعا يطل علي ماء المحيط مباشرة او ما يسمونه بخليج غينيا  الواقع في المحيط الاطلنطي ، اتجهت مسرعة الي غرفتي لأضع حقيبتي  و انطلق انا وصاحبتي ذات العدسة الثاقبة . اتجهت حتي اري تلك المياه الثائرة المنظر رائع سبحان الخالق ، العديد من بائعي المشغولات الخشبية و الحلي المصنوع من الصدف و القواقع يجوبون هنا وهناك اتجهت مسرعة الي احدهم لفت نظري الأقنعة الخشبية فهي عبارة عن قناع خشبي متقن الصنع له عينين و أنف و فم معد ليعلق علي الحائط رأيت العديد من الأحجام أمسكت بالحجم الكبير في يدي و سألته عن السعر رد بعد تفكير ٥٠سيدي فقد لاحظ إعجابي بالقناع و لذلك قال لي سعرا مبالغ فيه فأذا بي أتذكر قول "حسن البصري"  'لو زهدتم فيما عندهم لبتغوا فيما عندكم لكنكم أبتغوتم  فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم ' فقلت له إني سوف اشتري اثنين من الأقنعة و حامل خشب ذو ارجل خشبية  ب ٥٠ سيدي فعترض فتركته لعله يراجع نفسه و بالفعل نجحت الخطة ووافق و تمت بنجاح أخذت ثروتي الخشبية و انا في قمة السعادة و ذهبت مسرعة  لوضعها في الغرفة ، و سرعان ما شعرت بالجوع فاتجهت الي احد المطاعم المطلة علي تلك المياه المالحة الخلابة  مطعم مخصص فقط للمأكولات البحرية يقدم طبقا مكونا من الاستاكوذا و الكابوريا و الجمبري وكل ما لذ و طاب من خيرات الله يا إلهي ما أشهي الطعام  ،أكلت  حتي امتلئت معدتي و انا اري أمامي الأمواج تتلاطم و شاب اسمر يجول بحصانه الأسمر والسياح يتهافتون عليه يركبون الحصان و يتجولون به مقابل بضع سيديهات و اخر يبيع حافظات نقود مصنوعة من الجلد و أخريات يضعون المساحيق علي وجوههم في محاولته لجذب الرجال السائحين !  انتهيت من طعامي و اتجهت الي الاستقبال في الفندق اسألهم عن اقرب سوق من حيث ان درجه الحرارة مرتفعة و لا أستطيع تحملها فأجابني موظف الأستقبال  أن  هناك  سوق قريب في الاتجاه المقابل للفندق أستطيع ان اذهب اليه مشيا علي الأقدام  و بالفعل خرجت من الفندق متجهه الي السوق درجه الحرارة عالية و الشمس محرقة و أثناء سير يقابلني العديد من بائعات الأناناس و جوز الهند و الموز ذهبت الي إحداهن فوجدت حبه جوز الهند فقط بواحد سيدي و هو ما يعادل اثنين جنيه ونصف مصري و الأناناس الواحد تساوي سيدي و نصف اشتريت اثنين من الأناناس و اثنين من جوز الهند رأيت الأطفال بجانبي يضعون الشفاطة في  احد اخرام جوز الهند حيث يوجد ثلاثة اخرام احدهم لين يمكن إختراقه  و قد شعرت بالعطش و علي أن افعل مثلهم وأشرب من ماء جوز الهند و بالفعل فعلت ماء جوز الهند تروي العطش طعمها لا يقام ، أشجار المانجه منتشرة ممتلئة بالمانجه  الخضراء التي لم تنضج بعد ، لفت نظري لون الأرض  أنه يميل الي الحمرة فظننت ان هذا اللون نظرا لخصوبة التربة و عندما سألت احد البائعين قال لي ان ارضنا مرت بكثير من  الحروب و الأستعمار  و لهذا السبب فهي دماء من ماتوا فيها فهذا هو إعتقاد البعض هناك  وهذا ما اخلفه الأستعمار من الموروثات الفكرية و عندما سألته عن أصل تسميه العاصمة  اكرا قال لي ان اكرا أسم  مشتق من كلمة نكران و تعني النمل في إشارة لمستعمرات النمل الكثيرة الموجوده في  المناطق الريفية المحيطة بأكرا،و انهي كلامه معي بأن افريقيا  واحد و هو يضحك بعد ان علم بأصولي الافريقية   ، البيوت يبدو عليها البساطة بل و الفقر في بعض الأحيان  فهي  بيوت الطبقة الكادحة من الشعب  ، و اخري ذات سقف معد للسيول في فصل الشتاء يشبه البيوت الانجليزية و هي للطبقة الأعلي  من الشعب ،الحق يقال لم احتمل حراره الشمس اكثر من ذلك و اتجهت عائده  إلي الفندق و خلدت الي النوم لبعض الساعات ، في المساء وجدت لدي رغبة  في الخروج و التجول في المنطقة المحيطة ، البعض حذرني  انه قد يكون هناك خطورة في الخروج ليلا و لم اكترث كعادتي ، و بالقرب من ماء المحيط سمعت أصوات طبل و غناء على صوت جيتار تتبعت الصوت حتي وصلت فإذا بفرق موسيقية مكونة من ثلاث  سيدات يحملن طبول و مغني علي هيئة بوب مارلي اسمر ذو شعر طويل في حاله عصيان و تلبك و تشابك يحمل جيتار ،يرتدون ألوانا زاهية ، تدق النساء الطبول و يغني المغني بصوت عذب و يشاهدها الجميع من مختلف الأجناس لبنانيون و اربيون وغيرهم . يا الهي حقاً انها ساحل الذهب  مليئة بالخيرات و الفنون الشعبية  التي حافظت علي هويتها رغم الاستعمار الانجليزي ، تأخر الوقت و لم اشعر به و سرعان ما اتجهت عائدة الي الفندق استعد للعودة  نعم العودة كانت رحلتي قصيره لم أتمكن  من رؤية غانا إلا القليل منها ، فهذا الفصل الاول لي في ساحل الذهب في انتظار رحلتي الثانية لكتابة الفصل الثاني وداعا ساحل  الذهب .


 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز