عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أحمد ادم يكتب : أنا جايلك من طرف .. أمي

أحمد ادم يكتب : أنا جايلك من طرف .. أمي
أحمد ادم يكتب : أنا جايلك من طرف .. أمي


يا رب ...




كنت اعد هذه السطور لعيد الام و لكن ظروف مرض ماما اجبرتني علي نشره الان ...


اسالكم الدعاء  لماما بالشفاء , اما انا فادعوا لي بالرحمة, فلأول مره منذ ثلاثة و اربعين سنه هي كل عمري أنا , لاول مره ينغلق باب كنزي في الارض, ينقطع طريقي الي الله , لاول مره يتوقف لسان ماما عن اللهج بالدعاء لي و لاولادي , لاول مره اواجه ربنا وحدي , ليس معي الا عملي , و ما اضعف ما  معي . فحتي لحظات نومها القليلة كنت اسمع دعوات امي الصادقة  بين تقلبها في الفراش من الام قدميها و اوجاع ظهرها و لكن لعن الله  المخدر القوي فتسع ساعات قضتها ماما بين الجراحه الدقيقة  و العناية المركزة اسكتا صوتها الحبيب , اسقطا سيفها  , منعا استيكتها القويه عن محو


البلاوي و الاثام و الخطايا التي تسطرها يداي بحبر شيني اسود فاقع لونه يغم الناظرين بخط رقعة انيق  , توقفت معارك ماما الست الواهنة مع الجبار , توقف الحاحها المستميت الذي كنت اثق ان الجليل قد اصابه الملل و الضجر من رذالة ماما و عشم ماما و الحاح ماما  فقرر ان يستجيب لها حتي تكف عن ازعاجه و تأريق سلام ملائكته, شفاك الله يا امي و لن ادعو اليوم  لكل مريض , معلهش فدعائي اليوم خالص لامي انا و استحلفكم  بحق اي معني جميل جمع يوما بيننا , بأي حاجه حلوة قدمتها يداي في يوم لاي واحد منكم , و لو مفيش حاجه حلوه عملتهالك و لا فيه اي معاني جميله جمعت ما


بيننا  . خليك انت يا سيدي كعادتك اجدع و اكرم مني و اتنازل عن كام ثانيه من وقتك و  ... ادعي لامي .......


تــــــك.

تــــــــــــــــــك .
تـــــــــــــــــــــــــــــ

ــك .

صوت دقات رتيب يعلو .. يقترب و قد شق الظلام قبل صلاة الفجر ..

عكاز ماما .. ثم صرير الباب العتيق للاوضه العتيقه ذات السرير العتيق حيث يرقد ذلك الشخص العتيق _ انا _ ثم لحظة هدوء
اعرف بحكم السنين ان فيها ماما تطمئن علي وجودي في السرير ..

و هل لو انا موجود فانا حي اتنفس يعلو الغطاء من فوقي و يهبط ام لا .

و هل لو انا حي اتنفس فانا متغطي كويس ام اطحت بالغطاء في معاركي الليليه كالعاده ام لا .

فاذا اطمأنت ان كل شئ تمام واربت الباب في هدوء و اخذت دقات العكاز في الابتعاد .


بروم .
تراك .
طخ .

صوت ارتكان عكاز ماما علي باب الحمام استعدادا للوضوء .. قبل ان يسقط العكاز علي الارض محدثا تلك ال طخ الاخيره . ثم صوت امي البرئ الوادع و هي تصلي و تدعو الله لي بالكشوف و القوائم التي امليتها عليها بكل ما اتمني و كل ما اجد و احاذر ..

ثم الاجمل و الاروع دعواتها الشخصية لي حاملة امنياتها الطيبه واحلامها الساذجه و مخاوفها البريئه من شرور صغيره هي اقصي ما يمكن ان تدلها عليه نفسها الطاهره الوادعه ..

عراكها  مع ربنا  و عشمها فيه  لو طال بيا المرض أو الحمى  ولماذا لم  تنتقل مني ليها  وأخف أنا  .

كان ذلك قبل ان تضيف المزاغيد اولادي الي قائمة المدعو لهم و تضيف المزاغيد اعداء المزاغيد اولادي  في المدارس و الحضانات و الكي جيهات وانات ( يعني واحد بالانجليزي ) و توهات (أكيد يعني اتنين بالانجليزي ) الي قائمة المحذور منهم .

دعوت الله الا يحرمني من هذا المشهد الذي تكرر من عمر الزمان مع اختلاف المؤثرات قبل ان ينحني ظهر أمي الفارع و الذي علم ظهورنا الصغيرة ابدا الا تنحني ..

قبل ان يتغضن الوجه النضر وترسم السنون اجمل و انبل تجاعيد علي اسمح وجه .. وجه امي .

قبل ان ترتعش الايدي التي كانت يوما قويه .. واثقه و التي طالما احتضنت و اعطت .. طالما سندت و دعمت و بذلت .

كيف انسي يا ماما انبهاري باول خطوه لي علي كوكب الارض .. كانت يداك هناك .. تحتضن يدي و لسانك يلهث بدعوات الحفظ من كل سوء .

اول مره اكتب اول حرف من حروف اسمي الذي اخترتيه انتي .. كانت يداك هناك .. تحتضن كفي الصغير المرتعش حول قلم رصاص قصير .

اول دمعه سالت علي خدي كانت يداك هناك .. تمنع وصولها للارض و تحتضنني فاذا الدنيا كلها بخير ..

اول كلمه .
اول بسم الله .
اول ايه قرآن .
اول مضمضه وضوء .
اول سجده للرحمن .
لو الذكريات يا ماما صور  لوجدتك  في خلفية كل صورة ... بوجهك النبيل و بسمتك الحانيه و دعواتك الصادقة التي يجيبها الرحمن قبل حتي ان تنتهي  شفتاك  من الدعاء .

لو امك عايشه لا تحرم نفسك من هذا السلاح ..
لا تحرم نفسك من كارت توصيه لا يخيب وواسطتك المره دي مش وزير ولا رئيس لا .. واسطتك الجبار .. مش حاقول اكتر.


كارت واسطة متجرب .. ..سوبر


كام مرة في العهد البائد البائظ البائخ البائس ذهبت سيادتك الي احدي المصالح او الشركات او  او  ..
و معك كارت واسطه لمدير او رئيس و قعدت وسط جموع المتقدمين تضحك في سرك من غبائهم منقطع النظير اللي خلاهم يضيعوا وقتهم و كيف سولت لهم انفسهم الخبيثة الدنيه بمجرد التفكير في منافستك و امالهم البلهاء في الحصول علي الوظيفه.... هما مش عارفين ان معاك كارت ولا ايه ؟ ..

و دخلت و انت في قمة الاستاذية و العظمه لتقول في الداخل بكل ثقة انا جاي من طرف فلان و تروح طالع بالكارت تقولش طلعت بالكومي في بارتيته ناشفه او سيف عنتره في فيلم عودة الندل في حاره عرجه فاذا بالرد يكون ..... فلان مين ؟؟؟

مع امك ابدا لن يحدث هذا .. و اسأل مجرب ..

فعلي الرغم من كل البلاوي اللي الواحد بيعملها ,, و كل الشرور و الخطايا التي يا للاسف تلوثنا في صراعناالمحموم مع الحياه كبشر نصيب و نخطئ .
و نسعي لها بالمشوار كما يسعي الظامئ في الصحراء
علي الرغم من كل دا
ما ان اسجد للرحمن تائبا و استرحمه و استغفره .. ادعوك يارب ببركه رضا و دعا امي ,

اشعر ان ابواب السماء قد فتحت
و ان ذنوبي قد غفرت
و ان الله قد استجاب
و كاني اقول .. يا رب انا جايلك من طرف امي

لذلك فماما لها في قلبي مكانه ايما مكانه .. و مقام ايما مقام ..
فانا لا اجلس ابدا في وجود امي سواء كانت جالسه ام واقفه .. فاذا احلوت القعده القيت بنفسي عليها ( طبعا لك ان تتخيل معاناتها ) و تمسحت بها كما تتمسح القطط الرومي الجعانه في واحد واكل علبتين تونه  مستغلا كل لحظه من وجودها معي في حصد الجوائز من تقبيل ايديها و رجليها او وضع راسي في حجرها حتي تمسح علي شعري او أقول لها حطي ايدك هنا يا ماما لحسن بيوجعني و اقري لي ما تيسر .

الحاجه الوحيده التي تؤرقني و تقض مضجعي من هذه المشاهد الرومانسية هي غيرة السيد الوالد مما يري , و مهما حاولت ان اعدل بينهما لا استطيع ,, و اظل دوما اشعر بالنداله و التقصير في حق ابويا الله يصبره .
و عشان كده اذا ماما ارادت شئ او تمنت حاجه تنتابني حاله غريبه من عدم الاستقرار .. و ترتسم علي ملامحي اسمي آيات الجديه و يتلبسني دور نبيل الحلفاوي في فيلم الطريق إلى إيلات و اشمر عن ساعد الجد الذي ساعات لا اعرف هل هو الساعد اليمين ام الشمال فتراني و قد شمرت الاثنين .. لا يهنا لي بال و لا يطمئن لي حال حتي اجيب ماما في ما تريد ,

حتي و لو كان شيئ صغير. . غير مهم .. فرضا ماما عندي مهم .. كبير .

يمكن علشان كدا اول  امبارح ساعة الحكم بتأجيل الانتخابات البرلمانية  تذكرت  ماما في الانتخابات السابقة
حين عرفت يعني ايه مصر .
حين عرفت كيف يكون الوطن اما ..
لما شفت ماما اللي احنا كلنا بنسعي لها .
شفتها بتسعي لمصر

ماما اللي بنخاف علي صحتها و بنروح نزورها .
شفتها بتخاف علي مصر .
و بتستعد لزيارة مصر
ماما الملكه المتوجه ذات المقام العالي عندنا اللي يتراح لها ,
شفتها يتعمل زيي و انا رايح لامي .
شفت الجديه في وشها الطيب

جدية نبيل الحلفاوي في الطريق إلي ايلات

التصميم  .

وكانها عزت العلايلي برضه في  الطريق إلي ايلات
شفتها بتشمر عن سواعدها الاتنين (الظاهر الموضوع وراثه في العيله عدم معرفة ساعد الجد انهون فيهم )
جهزت عكازها الشهير
بطاقتها

البوك او البك او ( كيس النقود ) الاسود الصغير الي عمرها ما غادرت البيت من غيره.
اتفقت مع الست ام تامر اللي بتساعدها في شغل البيت و اتفقت مع جيرانها ..
بلدنا في محنه ياختي .. ربنا يستر .
زي ما بنتلم و نروح لام فلان و ام علان في الفرح و الميت .
لازم ياختي نروح  كلنا بكره .
بكره من بدري ..
جهزوا البطايق ..
و اخذ مصعد العماره العجوز اللي شهد كل مناسبات عمرنا و اللي رفع و خفض كل ضيوفنا و نسايبنا و صحابنا ..
اخذ يأن  في طلوع و نزول محموم و كانه قد احس باهميه ما يحدث .
حتي نقل جميع العكاكيز _ امي و ام تامر و جيرانها_ الي بسطة العمارة التي شهدت شوادر افراح و سرادقات عزاء كل السكان و ال جيران.

و لما حاولت طنط نانو جارتنا  انها تسال عن مين سوف يقول إيه ... طاحت ماما في الجميع و عطتهم درس ومحاضرة في إحترام الحرية و الخصوصية.
و راحت امي حاطه كتفها في كتف ام تامر و هات يا دألجه لحد مدرسة عباس الاعسر .اللي قدام جامع رمضان

حيث افسح الجميع الطريق امامهم في مشهد حضاري رائع يبشر بمصر جديده .. او ربما خوفا من ان تطالهم السنه هذه الكتيبه من النساء العجائز التي هي امضي من عكاكيزهم .

و رجعت امي و علي وجهها بسمة رضا و قد احست كأنها قد زارت امها مصر في عيد الام و قدمت لها هديه .

كل سنه و انتي طيبه يا مصر
و كل سنه و انتي طيبه يا ماما
و كل سنه و  انتي طيبه يا كل ام شهيد
بقولها بالنيابه عن ابنك اللي عايش في مكان افضل .

كلنا اولادك
قدمتي ابن واحد هدية لامك مصر و مصر بتقدملك ولادها كلهم .

و كل سنه و انت طيب

الحق روح لامك .. قبل ان يغلق باب الكنز
لو زعلانه منك او من اهمالك لها .. الحق صالحها .. حتسامحك صدقني .

فانت مهما تقل دمك لدرجة اغراق المراكب .. عند أمك انت اظرف الناس .

و مهما كترت مقالبك و حركاتك القرعه الي درجة تعشي فرح  . . عند أمك انت اجدع الناس
الحق بوس ايديها و رجليها و كل ما تطاله شفتاك .

الحق عوم في احضانها
طهر نفسك من ذنوبك
آثامك
خطاياك
و خد منها كارت و اسجد .

و قول لربك
يا رب ..
انا جايلك من طرف ... امي

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز