عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رابح محمود يكتب: خواطر نملة "10"

رابح محمود يكتب: خواطر نملة "10"
رابح محمود يكتب: خواطر نملة "10"

اذهب إلى النملة أيها الكسول



تمعن فى طرقها وكن حكيماً.

فمع أنها من غير قائد أو مدبر أو حاكم

إلا أنها تخزن طعامها فى الصيف

وتجمع مؤونتها فى موسم الحصاد

فإلى متى تظل راقدً أيها الكسول؟

متى تهب من نومك؟

فإن بعض النوم وبعض الرقاد، ثم طى اليدين للهجوع

تجعل الفقر يقبل عليك كقاطع طريق، والفاقة كغاز مسلح.

اننا مجتمع النمل مجتمع مثالى بهذه الصورة الرفيعة المستوى من الحياة، أصبحنا نموذجا يحتذى به بين الناس فى الخير، ويضرب به المثل للكسالى من البشر ليتركوا الكسل وليجدوا فى طلب العمل، وليخجلوا من مخلوق هو أقل منهم حجما ولكنه اكثر منهم نشاطاً واكثر منهم عملا.

وبهذا الذكر الرائع فى الكتاب المقدس، أصبحت النملة نموذجا للشرف وللاخلاق الرفيعة، أصبحت النملة نموذجا للعمل والنشاط، وهى نموذج اقتصادى رفيع المستوى، تخزن الطعام فى الصيف لتستثمره فى وقت الشتاء، وتنتفع به فى وقت لا تسطيع فيه الخروج للعمل والبحث عن الحبوب والطعام، وذلك لموانع خارج قدرتها وإرادتها، موانع الطقس الصعب الذى تستحيل معه حياة النمل .

أما الماء .. فما أجمل الماء وما أروعه .. وأيضًا ما أخطره .. قد يعرض الحبوب للتلف .. وقد يعرض حياتنا للهلاك .. لذا نحن نحترس من الماء .. ولا نتهاون فى أمره .. فإذا أصابت المياه لا قدر الله الحبوب فى المخازن .. فإننا نقوم على الفور باخراج هذه الحبوب خارج هذه المخازن .. ونلقيها خارجها لتكون معرضة للشمس فتجف.

هذه الحبوب بالطبع لا تكون كاملة، فإننا نقسم الحبة إلى نصفين لكى لا تنبت، وذلك لكى نميت خلايا الإنبات فيها، وبعض الحبوب تحتاج إلى تقسيمها إلى أربعة والبعض الآخر نكتفى بتقشيره، يحدث هذا كله وفق تقديرات علمية دقيقة، وقد تكونون متعجبين كيف تعلمنا ذلك؟!، وأقول لكم يا سادة لا تتعجبو، ففى حياة النمل من العلم ما يبهر الناس جميعًا .. وبالعلم والعمل تحيا الأمم، إذ كيف تستيقم لنا الحياة بدون علم، إن العلم هو سلاحنا فى هذه الحياة، ولو أننا لم يكن لنا علم المحافظة على النباتات كيف يتسنى لنا تخزينها والانتفاع بها؟!

ولو اننا لم نتعلم كيف نحافظ على حياتنا ونحميها من المهلكات لما كان لنا وجود بين الاحياء اليوم، العلم يا سادة يساوى الحياة.

ومع كل هذا الجهد فى التخزين والمحافظة على الحبوب من الهلاك إلا أننا مع ذلك نعيش فى سعادة، فمع التعب والعناء تكون السعادة، لأن العمل هو مصدر الخير كله، ومع البطالة الشر كله، التسول والسرقة والقتل والظلم وإفساد الحياة بكل ألوانها.

اننا مجتمع لا يعرف البطالة، فقط يعرف العمل، ولا مكان بيننا لمن لا عمل له، بل ولا حياة عندنا لمن لا عمل له.

ولأمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة رائعة فى فضل العمل واتقانه، تمسكت بأبياته أمم لم يخاطبها .. وأهملت أبياته ودعوته هذه أمم قصدها بالخطاب .. هذه القصيدة الرائعة أذكر منها هذه الابيتات الجميلة :

أيها العمال أفنوا العمر كداً، واكتسابا

واعمروا الارض فلولا سعيكم أمست يبابا

أتقنوا يحببكم الله ويرفعكم جنابا

إن للمتقن عند الله والناس الثوابا

وعود إلى النمل فأقول : المجمتع عندنا مجتمع منظم، النظام هو أهم عنصر فى الحياة، وفى مجتمع النمل يظهر النظام فى أعلى درجاته، نوزع المهام والاعمال بيننا بنظام دقيق لا ينحرف عنه أحد، وكل فئة فى المجتمع عندنا لها عمل ومهمة تقوم بها على أكمل وجه، لذا كتب لنا أن نعيش حياة راقية قمة فى المثالية والأخلاق.

ينقسم المجتمع عندنا إلى الملكة والشغالات والجنود وكلهن من الاناث، ولكنهن إناث عقيمات، فأمر الإنجاب تختص به الملكة فقط، هذه الملكة تسطيع أن تحدد عدد المطلوب إنجابه من الذكور أو الإناث، ولها القدرة على إنجاب ما تريد وما تحتاجه مملكتها من النمل.

أما هذه الشغالات فموكل اليها بعض الأعمال منها رعاية الملكة، إصلاح العشش وتوسيعها والدفاع عنها، ورعاية الصغار وجمع الغذاء.

أما الذكور فليس لهم إلا عمل واحد هو تلقيح الملكة ثم يكون بعدها الموت، فبهذا العمل تكون قد أدت مهمتها فى هذه الحياة وانتهى دورها، لا تتألموا لموتها فإنها هى نفسها ترضى بهذه النهاية وبهذا الموت، فالنملة لا تقبل أن تعيش بدون عمل، ولا تقبل الحياة بدون أن يكون لها دور فيها.

بهذه القيم أصبح لنا قدر فى هذه الدنيا، نستحق الحياة لأننا نحبها ونعمل لها، يسود مجتمعنا النظام والعدل، إننا أمة نحب الخير، نسعى فى العمل والإعمار،ولا مكان بيننا لأهل البطالة الاشرار.

ولذا كانت لنا تلك الأهمية العظيمة فى الدنيا، ذكرنا فى القرآن، وفى القرآن سورة تحمل اسمنا، ولنا قصص مع الأنبياء والعظماء من بنى آدم، واهتمت بنا الكتب السماوية، فكانت حياتنا وصفاتنا التى نتحلى بها مصدرًا لتعليم الناس صفات الخير والبر والعمل والحكمة .

ولأن فصل الشتاء قد ولى الدبر .. وأقبل الصيف بكل خير وبر .. فإنى أستأذنكم أن ننهى هذه الزيارة على أن نكمل فى الزيارة القادمة فى بوابة روزاليوسف هذه الخاطرة النملية عن  قيمة العمل فى حياة الأمم .. فتابعونى .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز