عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الفنان التشكيلى السورى"سهيل بدور" : فنون الحداثة مؤامرة امريكية لمحو الحضارات والتراث .

الفنان التشكيلى السورى"سهيل بدور" : فنون الحداثة مؤامرة امريكية لمحو الحضارات والتراث .
الفنان التشكيلى السورى"سهيل بدور" : فنون الحداثة مؤامرة امريكية لمحو الحضارات والتراث .

حوار - سوزى شكرى

* غادرت سوريا ولم تغادرنى سوريا ..



* ولم استطيع تقبل الذبح والتعذيب والحرق انها حروب اصلاح البشرية !

* التحرر الاقتصادى هو من يدعم حرية التعبير الفنى بدون قيود عبثية .

* القيمة الفنية هى المعاير التقيم، الرواد ابداعوا اعمالاً ولم يفكروا فى التسويق او المزادات  

 

 أعتاد الغربة والسفر من اجل الاستقرار والاستمرار، عاش ألغربه بكل مافيها من تحديات وصعوبات وأوجاع ، اما الأفراح  فقد كانت صعبه المنال ، وإذا جاءته تأتى له على استحياء ، ولكن لأنه فنان محترف له عالمة الخاص لم يسمح للغربة إن تسلل لأعماقه ووجدانه، تغلب على أوجاعه وقاومها بالفن ، له حلم يداعبه بالواقع ، وله واقع يتمرد عليه بالحلم ، وكلاهما واقع وحلماً يضعهما على قائمة الانتظار .

أنه الفنان التشكيلي السوري " سهيل بدور "  فى أول معارضه الفنية في مصر، المعرض تحت عنوان " موسيقى الصمت " بقاعه النيل بالزمالك والى افتتح يوم 18 مارس والمستمر الى يوم 2 ابريل ، المعرض يضم 25 لوحه مختلفة الأحجام .

ظننت انه جاء الى مصر ومعه لوحاته ليعرضها، ولكنه رسم لوحات المعرض بالمرسم فى مصر .

بالمرسم يقف الفنان " سهيل بدور " وحوله  كم من علب الوان الاكريليك المفتوحه والمغلقة ، الالوان تبدو مشاغبة وكأن ضاق بها الحال داخل العلب ، يستخدم "بدور" الألوان الساخنة الدافئة وفرض سيطرته علي الالوان  فخضعت له .

واللوحات  تجذبك للحوار معها وتصيبك بحاله تفاءل من اول نظرة لها ، اما العناصر والمفردات فى اللوحات لم يرسمها من اجل ان تلون  ، انما هى عناصر شكلتها وصاغتها مسطحات الالوان المتوزانه ، يستخدم الفنان عناصر صديقه وبسيطة المعالجة عميقه الاختزال ، ورغم عبث الايام إلا انه مازال يخاطب المراه والموسيقى والطيوروغيرها من العناصر .

 الموسيقى فى لوحاته جاءت مرئية  فى وجود الآلات الموسيقية ، وجاءت بصرياً فى ايقاعات الالوان ودرجاتها ، وجاءت حسياً فكلاهما عازفين على قائمة الانتظار ، وجود  الطاولة فى اغلبية اللوحات يؤكد حالة الانتظار .

العناصر تلهو وتضحك وتغنى وترقص معنا، وبعد حاله التفاءل التى تستطيع ملامستها على مسطح اللوحه ، تجد اشارة لونية وايقاعية يفوح منها عطراً حزيناً يوحى بالغموض ، وتعد هذة الإشارة الاجابة على السؤال الذى يطرحة الفنان تشكيلياً وتعبيرياً وتجريدياً وهو قيمة وفلسفه لحظة الانتظار، كما يطرح مجموعه من الاسئله ليس له اجابة  فقط إجابة تشكيلية ، اسئله نظل نطرحها مدى الحياة...وماذا نتظر؟ ولماذا نتظر ؟

وهل يمكن أن يكون الانتظار بالبهجة والتفاءل ، أم اعتادنا انتظار القادم بالحزن، ام الانتظار بالصمت ، وإذا صمتت اصواتنا هل يصمت الوجدان وتصمت الحواس ، وهل يمكن للانتظار ان يعزف لنا لحناً نسمعه ، ام هو عزفاً منفرداً على اوتار سنوات العمر ، وهل فى الحياه شىء ينقصنا حتى يتتمه الفن ؟ وقد نختلف فى تشخيص حالات الانتظار ، ولكن بالتاكيد  كلنا نعيش اليوم  زمن اصبح الانتظا ر والترقب والتأمل هو" الامل  ذاته "  ..

وتحاورت مع الفنان "سهيل  بدور "  وهذا نص الحوار ..

الفنان التشكيلي "سهيل بدور" حدثنا عن بداية مشوارك الفنى ، وعن المؤثرات التى كانت بداية انطلاقك ؟

انا ابن قرية بسيطة شكلت وجداني الانسانى والمعرفي والفني ورصيد كبير من المخزون البصرى ، لم تتركني قريتي محفورة باعماقى، وحاضرة لم تغيب لحظة عن واقعي او آحلامى بكل تفاصيلها الدقيقة وهى نبض انطلاقى ،  طفولتي لم تكن سيئة ولم تكن فرحه ، لذلك استعيد طفولتي اثناء الرسم ، ولكنى عيشت غربه سنوات كثيرة والى اليوم ،  الفن فى حياتى قبل ان اكون محترف ومهنه ، من الجانب الفنى بدات بالمذهب الكلاسكى من اجل تعلم القواعد الاساسية وهذا ما انصح به كل الفنانين الشباب ان تكون البداية بالاسس ومنها ينطلق الى المذاهب الاخرى التعبيرية والتجريديه  او الى التحرر الكامل من كل القيود، الاختزال بدون دراسه اسس ودارية باصول الفن قد نجد عمل يصعب علينا ان نصنفه فناً.

ماهو تاثير الغربة على مشروعك الفنى ؟

من اجل ان يكون الفن مصدر دخل كان لابد ان اعمل واتحرر اقتصادياً ،  لان التحرر الاقتصادى هو من يساهم فى الابداع  الفنى والفكرى ،  ولكى اتحرر عيشت الغربة فى اكثر من دولة،  من دول عربية ودول اوربا وامريكا وغيرها، الى ان تفرغت للفن ، وغادرت سوريا ولم تغادرنى سوريا ، ولم تهجرنى ذكرياتى  ساكنة بوجدانى، واستحضرها فى كل دوله استقر فيها ، الغربة ليست استضافة انما هى اضافه ثقافية وإنسانية وتنوع لمصادر الرؤية والتجارب الحياتية ، وكل يوم اشعر انى بعقلي ووجدانى العديد من الموضوعات لم اعبر عنها بعد .

هل شاركت باعمالك فى التعبير عن المشهد المؤلم فى سوريا ؟

لا ارغب ان اشارك فى السياسيه  انا موجوع لدرجه الآلم الذى يوصفه كلمات  وهذا الوجع يبدو انه اصبح مزمناً ن البعض قد يشعر من اعمالى انى متفاءل ولكن الحقيقه انا متشاءم مما يحدث ولم استطيع تقبل الذبح والتعذيب انها حروب اصلاح ! وان التعبير عن ما يحدث بالفن امر صعب عليا ، عقلى مشاعرى ترفض الاحاث بجملتها ، رغم انى رسمت لوحتين اطلقت عليهما "سوناتا وجع وطن "، والثانية "الحرب والخراب" .

صف لنا طقوسك اثناء الفعل الفنى  ؟

 اعمل اربعة عشرة ساعه  فى اليوم ، اعتادت الصحو مبكراً ، العمل الفنى يحتاج جراه والخروج من النظم التقاليده بحسب ما يحتاجه العمل ،  وبلغه بسيطة حين ارى مساحه لوحه بيضاء امسك بالالوان واضع عليها ما اشعر بها وانتظر وارى ماذا فعلت الالوان بالمساحه البيضاء ، ومن هنا اجد عناصري تتوالد  واحده تلو الأخرى  ، لم احضر اسكتش مسبقا لتكبير .

 ارسم اسكتشات ولكنها ليس لتكبيربل هى عمل فنى بحد ذاته  ، رسمت ما يقرب من 4000 لوحه لم اعد موضوعها مسبق ، التفاعل المباشر بين الفكرة والالوان على مسطح اللوحه هى الحاله الفنية والسيكولوجية التى يمر بها الفنان الحقيقي ، وهذا الاسلوب يحتاج من الفنان الى ثقافه فنية وبصرية واطلاع مستمر وبحث فى كل الثقافات التاريخية القديمة والحدثية والمعاصرة ، وذلك حتى لاتصبح رؤيته ومعالجاته محدود الافق .

ارسم ثلاث لوحات فى وقت واحد وأتابعهما معا واركز حتى لااخرج عن السياق النفسى والفنى والفلسفى من حيث الاختزال واسلوب التعبير والاتجاه الفنى، لم افكر فى ان تكون الاحجام واحده ، طولية او عرضيه ، الفن أولاً .

هل واجهت فى عملك لوحه عنيدة وكيف تتصرف معها ؟

اعتقد كل الفنانين واجهتهم لوحات عنيدة وحين تصل معي اللوحة الى هذه الدرجة من العند والعناد التشكيلي أدرك أنى فقدت مفتاحيها ومساراتها ووقتها لا أجادل معها اقوم بهدمها ، فانا فى هذة اللحظة ديكتاتور وهذا يحدث مع كل الفنانين وما نطلق علية " ميكانيزم الإبداع " والابتعاد عنها حتى لا تصلني طاقتها السلبية ولا اقبل إنصاف الحلول او التحايل فقط جمله واحده أكملها ام لا،  لان المستمتع الاول بالعمل الفنى هو " أنا " منتج العمل ثم المتلقى الذى افضل ان يكون من الاذكياء فقط ، لان يزعجنى المتلقى الغبى وقد كتبت فى احد معارضى " لللاذكياء فقط " .

المراه هى العنصر الرئيسى فى لوحاتك ، فما سبب اختياراك لها ؟

المراه كائن عطاء مهما حكينا عنها لا يكفينا وصفها بعبارات ، المراه الملهم لكل المبدعين ، ارقى مخلوقات الله ، المراه هي تلك المساحة الواسعة للانطلاق وللحب والسكينة والرحمة والدفء هى الام العظيمة التى صاحبها الألم حتى ناتئ جميعاً الى الحياة ، وربما تكون هي من اختارتني لتكون فى لوحاتي وليس إنا ، وربما نكون كلانا اختار الآخر ، لذلك هى العنصر الاساسى فى مشروعي الفنى " الانتظار".

لم تخلو لوحاتك من الآلات الموسيقية والمراه ، حدثنا عن فلسفتك من هذا الربط ؟

تجدي فى لوحاتي انى أحترم الآلة الموسيقية وارها كالأنثى حتى في الشكل أجد صفات أنثوية في بعض الآلات الموسيقى ، وارى انه من الصعب ان تنزع من المراه عن الآله الموسيقية ومن أيضا ان تنزع من الآله المراه دعيني أقول إن كلاهما عشق الآخر وأصبحا كيان واحد .

 وجانب من جوانب الانتظار يسكن خيالي فوجدت المراه تعزف وتتمسك بالموسيقى سواء هي متفاءله او حزينة تعزف إيقاعا لتعلن للحياة أنها صامته ثابتة ، إنا على اليقين اننا جميعا ننظر شيء يجعلنا نسير في الحياة ونرحل من بلد إلى بلد،  وقد نتدخل في غربة إجبارية أو اختيارية ، ولكن ربما لا نعلم ماذا ننظر ؟ ولا نعلم سبب هذا الانتظار ؟ انما الانتظار في اعمالى هو تلك الأمل القادم إلينا بدون ان نعلم متى يأتى ..! وقد يكون وهماً ولكن  " هي كده الحياة وهى كده الأيام " ..

يقلقني هذا الانتظار بقدر ما يحفرني لذلك أناكف وأشاكس الانتظار في أمراه تعزف فرحاً  تستقبل حزنها بالموسيقى الإيجابية ، لحظة الحزن مواجهة مع الذات وتعد اصدق وأصعب لحظات الإنسان .

ما رأيك  في الإعمال الفنية المعاصرة ، والإعمال المركبة " التجهيز في الفراغ " ؟

اللوحة الحائطية هي الباقية والخالدة ، رأيت العديد من الإعمال الفنية المركبة او " الانستلشن " وللأسف اعتبرتها " قمامة " ولا اقصد التجريح فمن يعمل في هذه النوعية من الاتجاهات ، إنما هذا رايى  ولم اقتنع أبدا إن هذا فناً يؤثر على المشاهد ،  وهذة الاعمال وليست الفنون وتعد آهانه لعقلية المتلقى ما معنى ان اجمع اشياء معده مسبقة واعيد تركبيها مامعنى هذا !!!.

 الدول الذى أنتجت هذه النوعية دول بلا حضرة او تاريخ وارادو ان ينسخوا التراث ، مؤامرة امريكية على الحضارات باعمال صادمة للمشاهد العربى ، كنت ادرس فى أحدى الجامعات فى امريكا وهنال إلتقيت مع استاذ يدرس الفنون اعجبه اعمالى وحكيت له عن مراحلى وكيف انى انتقلت بين كل المذاهب الفنية بحثا عن مذهب يخصنى ومعالجة من ابداعى ، سألنى : " هل تعلم لماذا اخترعت هذة النوعية من الاعمال الحداثية ؟  واجابنى : "لان امريكا تريد ان تمحو الفنون الاصلية بدء من الحضارات ووصولاً باعمال بيكاسو وما بعدها وا امريكا لا يمكن ان تنجب فنان مثل سلفادور دالى او رودان ، وبما انهم لا يستطعوا إذا وجب التخلص منه تحت عنوان الحداثه والمعاصرة ..!.

المزادات العالمية تلعب دور فى تسويق الاعمال وفى تشكيل الذاقه ، فى رايك هل تعد المزدادت معاير لنوعية الاعمال الفنية التى تلقى رواجاً عالميا ؟

الفنان الحقيقى عليه ان يتابع المزادات من باب العلم والمعرفة ، ولكن لايجب ان ينتج اعمالا فنية خاصة للتسويق ، فمثلا لو التعبيرية تلقى رواج وتسويق مقارنتاً من باقى التوجهات يشتغل تعبيرية ..! لا هذا خطأ كبير جدا يقع فيه بعض الفنانين ، ليس المزادات معاير تسويق والذاقه او مقتنى الاعمال مختلف من مكان الى آخر ، الرواد انتجوا فنا ولم يفكروا حتى فى البيع ، ولم يخطر فى بالهم ان يوما ما سوف يكون مزاد للاعمالهم ،  ولم يعلموا انه سيكون لهم هذا القدر من العظمة والابداع  والقيمة، رغم أن أغلبهم رحل وهو مفلس تماماً ، التسويق عموما لا يرحم بمعنى لا احد يدفع ارقاماً فى عمل فنى بدون قيمة ، إذا القيمة الفنية على اساسها يثمن القيمة المادية .

 

 


 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز