عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

رانية المهدي تكتب: نامي نامي يا حببتي .. ده النيش بيقع

رانية المهدي تكتب: نامي نامي يا حببتي .. ده النيش بيقع
رانية المهدي تكتب: نامي نامي يا حببتي .. ده النيش بيقع

هذه هي الجملة التي قالها لي زوجي في ثاني يوم من  أيام زواجنا السعيد.. عندما سقط زجاج النيش ليلا وبعدما أطلق نفيرا كنفير الحرب .. فاصابني الفزع من هذا الصوت المدوي وشعرت أن هذا الصوت هو بداية لإنطلاق فيلم رعب أو حكاية من حكايات مصاصي الدماء أو سلسله الشقة الملعونة في ليلة شتوية باردة .. وهنا حاولت أن أقنع نفسي بأني شجاعة والخوف هو أخر إهتمماتي والفضل في ذلك يعودالي مشاهدتي الدائمة لكل ما يمت الي الرعب بصلة (حتي لوكان قريب هذا الرعب  من بعيد او حتي أبن عم خالت والد جد جدتة  ) إبتلعت ريقي ورفعت باقي الغطاء الدافئ  لتهاجمني بعضا من لفحات الواء البارد الطارد لكل الاحتمالات الطيبة  ...قررت وبصعوبة وأنا ارتعش وفي محاولة فاشلة لإجبار قدمي علي الحركة   أن اقوم لإستكشف سبب هذا الانفجار الرهيب ...



ولكن

 زوجي وحبيبي طمأنني وإحتضنني وقال بهدوء شديد جدا  لا يتناسب مع الموقف الراهن  وهو مغمض العينين مبتسم سارح في ملكوت النوم الجميل  ( مفيش حاجة يا حببتي ..نامي نامي دة النيش بيقع )

 ففتحت فمي ببلاهه وإرتسمت ضحكة تتسم بالهبل علي وجهي الذي تحولت ملامحة الي السعادة أو الشماتة أيهما أقرب

وقلت بصوت غير مسموع ( النيش بيقع ؟!!...معقول النيش بيقع ؟؟!! يافرج الله النيش بيقع ...) وفعلا  عوادني النوم بسرعة رهيبة وكأنة كان يقف منتظرفقط أن أغمض عيني

............................................

وفي الصباح

تجمع الاهل والاحباب وسمعت الكثير من مصمصة الشفاه و إنطلقت مجموعه كبيرة من  كلمات الصعبنيات والتحصر علي هذة الخسارة الكبيرة ..وتم إحتضاني ورثائي وكأنني في عزاء لعزيز ..وأنا أرفع حاجبي الايمن... وأكتم ابتسامتي البلهاء المعتادة وأحاول جاهدة  أن أرسم بعضا من الحزن علي ملامح وجهي المتمرد الثائر المعلن لبيان الشماتة والفرح ...وأخيرا 

  تم رفع الانقاض وحصر الخسائر وإطلاق دعوات الصبر وكلمات من نوع  ( ربنا يعوض عليكي يابنتي )

......................................

وعندما خلوت الي نفسي

وقفت أمام هذا الشئ المدعو بالنيش.. أتأملة وأحاول أن أجد أي طريق يمكن أن نتلاقي فية  ..أو أي وسيلة يمكن أن نصلح بها  ما أفسدة الدهر بيننا

ولكن كالعادة كانت كل الطرق مغلقة وعليها لافته ضخمة مكتوب عليها ( مفيش فايدة ) ..

وفجأة ظهرلهذا المدعو بالنيش وجه قبيح.. وكأننا في فيلم كرتون (  الجميلة والوحش ) الذي تتحول فيه كل الكائنات الي جماد ناطق وظهرت له عينين ولسان طويل جدا أخرجة  خارج فمة الذي أطلق ضحكات عالية وغير مبررة ولا تحمل غير  شماتة أسياد الشامتين ....

وقال ساخرا ومحاولا أن يصل الي قمة إذلالي وتعذيبي.:

( أنا عارف أن طول عمرك بتكرهيني ومش طيقاني ... وعلشان كدة دشدشتلك كل حجاتك اللي مامتك بتلم فيها بقالها يجي  500 سنه ..ومش كدة وبس دانا كمان خضيتك وقلقت منامك يا عروسة ...هاهاهاهاهاهاهاها .. حبت اعاقبك وأحسر قلبك اللي كلة حقد عليا دة ... علشان تبطلي تهجميني في كل مكان ترحية ..وتبطلي تكرهيني يام أم قلب إسود انت ... وإبقي شوفي بقا هتعملي إية مع مامتك يا فالحة ..هاهاهاهاهاهاها)

ثم اختفت ملامحة بعد ان أدخل الي قلبي والرعب وأخذت أسأل نفسي

 ( فعلا هقول ايه لماما ؟ دي ممكن تضحي بيا وميكفهاش كمان ...بس فجاة إفتكرت إني إتجوزت خلاص وإن ماما بعيد وإن دة بيتي لوحدي يعني ممكن أعمل فية اللي أنا عيزاة براحتي ...حسيت بالراحة والهدؤء وطلعت لساني للنيش واعلنت إنتصاري كالعادة

وقلت : ( ماما مين يا هبل ؟...انا إتجوزت خلاص وبقيت مستقلة هاهاهاهاهاها)

.......................................

وهنا

شعرت براحة وهدؤء و تذكرت تاريخي مع فكرة النيش هذا المتحف القائم الدائم في كل بيت مصري ..الذي يقع في المنطقة المحرمة التي كتب عليها بلا خطوط ( ممنوع الاقتراب أو التصوير ..واللي هيقرب ليلتة سودا ) إمضاء كل ام مصرية

ومرات عديدة حاولت أن أقنع أمي ست الحبايب  انها تخرج فنجان أو طبق أو كاس علشان نستخدمة ...وحاولت أعرف  إية الحكمة إننا نشتري حاجات كتير غالية جدا جدا وكمان نخزنها ومنستخدمهاش أبدا؟!! ..وطبعا كان الرد عبارة عن نظرة إحتقار وإتهام بالجهل والسطحية ...

وفي مرة أخري زوت العيار حبتين  وبما إني مابخفش خالص خالص فقررت بتهور واقدام سريع علي الهاوية وعدم تقدير لحقيقة الوضع  وفي محاولة طفولية  بريئة...حاولت إستكشاف بعض المناطق المجهولة داخل هرم الاجداد قصدي النيش وهنا وقعت الواقعة وإنكسرفنجان حل الظلام 

ومش فكرة إية اللي حصل بعد كدة غير لما فقت بعدها بيمين وحسيت إن كل حاجة في جسمي بتوجعني  ...تقريبا كدة كانت علقة تمام

.........................................................

ومن يومها

وانا اعلنت الحرب علي هذا الكائن الغريب الذي يقهر الجميع ولا يقهر

وأصبح بالنسبي لي رمز للسكون الكئيب والركود المتعفن والبزخ الغير مبرر

وأتذكر كلماتي مع ابي رحمة الله علية عندما كان يحاول إقناعي بالزواج لمجرد إن العريس لقطة وميتعوضش

 وانا في المقابل كنت اسعي لبناء مستقبلي وتطوير شخصيتي لاقف علي أرض صلبة  وأنطلق عليها الي النجاح المنشود

فكان الرد الدائم الحاسم   ( بابا... انا حياتي عمرها ما هتكون نيش مليان ازاز )

بصلي واستغرب الرد بس علشان هو كان راجل حكيم وعارفني كويس  قالي ...(المهم تكوني فاهمة ومقدرة اختياراتك ...وتتحملي النتائج أيما كانت )

......................................................

وفي محاولة اخري

 من محاولاتي لتعلم العمل الصحفي ...وفي لقاء مع أحد أعلام الصحافة في مصر وإزاي كان شايف إن أنا بكتب كويس جدا جدا وكمان بتعلم بسرعة بس مينفعش ينشر شغلي علشان أنا لسة صغيرة... وعلشان أتعلم وأكبر وأنجح لازم أكتب مقالات وتتنشر بأسم كتاب تانيين وأشوف رد الفعل عليها...أو أشفلي فرصة من فرص التعيين في أي جريدة عن طريق وسطة وأضمن لقب صحفية بس مع ايقاف التنفيذ علشان انا بنت وظروف العمل الصحفي هتكون صعبة عليا  وكمان علشان احمي نفسي ومتعرضش لمشاكل

.حسيت سعتها وكأنه بيقولي لازم تدخلي المتحف قصدي النيش وأبقا تحفة من تحفة اللي محدش يعرف عنها حاجة ...تحفة باردة صامتة ضيعة في زمن بلا ملامح ولا هوية

رديت علية سعتها بتنهيدة وضحكة ساخرة لم يفهممها وقلت ....

( نيش تاني... مش هينفع ....سعيدة يا افندينا )

  وهربت وقررت يومها فعلا إني أكون برة النيش برة الجمود برة السكوت عن الحق أوالتنازل عن الحياة بكرامة

ممكن تستغربوا إني جبت نيش في جهازي بس هعمل إية حكم القوي علشان أرضي ست الحبايب لانها الوحيدة اللي رضاها واجب وفرض.. وكمان ودة الاساسي طبعا ...علشان أبعد عن كل انواع الاذي البدني وخصوصا القرص وشد الشعر وبصراحة دول كانوا من أحسن أعمال أمي حببتي

بس علشان النيش عارف قد إية كرهي ليه وإن  الحرب اللي بيني وبينة مش هتنتهي ...

 قرر يكسر كل محتوياتة علشان يعاقبني ويعذبني  ومكنش عرف إنه كدة بيحررني من وجودة في حياتي الزوجية السعيدة وبيسمحلي بالتغيير للاحسن والاكرم والاعدل  

وأخيرا تخلصت من النيش... وتخلصت من فكرة المتحف للابد

فحياة الصامتين موت بلا امل في النعيم

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز