عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الباحث يسري طه يطرح فكرة مختلفة عن المتاحف ودورها في التنمية المستدامة‎

الباحث يسري طه يطرح فكرة مختلفة عن المتاحف ودورها في التنمية المستدامة‎
الباحث يسري طه يطرح فكرة مختلفة عن المتاحف ودورها في التنمية المستدامة‎

كتب - علاء الدين ظاهر

تمثل المتاحف واجهات حضارية وثقافية هامة لدولها تعبر عن مكنوناتها وإبداعاتها، خاصة بعد أن تغير مفهوم المتاحف وتغيرت النظرة إليها في السنوات الأخيرة نتيجة لمجهودات جبارة بذلها أصحاب الاختصاص في شئون المتاحف، فبعد أن كان ينظر للمتاحف على أنها أماكن لحفظ وتخزين وعرض المقتنيات، أصبحت المتاحف والمراكز الحضارية لها دور كبير في عملية التنمية المستدامة بإعتبارها مراكز إشعاع ثقافي هامة مليئة بالحيوية والنشاط لذلك يعتبر ارتباط المتاحف بالمجتمع أمرا هاما.
فلم يعد يقتصر دورها على اقتناء الأشياء وحفظها وعرضها دون وجود أية برامج أو أنشطة ثقافية، بل تغير ليشمل تنظيم البرامج التعليمية والثقافية اللازمة، سواء داخل المتاحف أو خارجها، لجذب الجمهور بفئاته الاجتماعية المختلفة والتواصل معه بشكل دائم ومستمر سعياً لإيصال رسالة المتحف الحضارية والتاريخية والثقافية والتراثية وإبراز الإنجازات الإنسانية الواسعة بمختلف مجالاتها, ولكي تكون هذه المتاحف قادرة على إيصال رسالتها الإنسانية يجب أن تكون قادرة على التعامل والتفاعل مع محيطها ومجتمعاتها بفئاتها المختلفة، وقادرة على معرفة طبيعة الجمهور وفهم حاجاته ورغباته والعمل على تلبيتها.
عند إنشاء متحف قومى كبير لدولة ما دائماً ما تسارع وسائل الإعلام المحلية المختلفة إلى تقديم الحدث على أنه حدث عالمي بارز يمثل إنجازاً كبيراً للدولة، ولاشك في ذلك، ولا أنكر في أن الوزارات والمؤسسات المسئولة عن إنشاء المتاحف فى مصر والعالم العربى تعمل على تخصيص ميزانية ضخمة لإنشاء المتاحف ولكن على الرغم من هذه الجهود وتخصيص الأموال الطائلة لم نلحظ نتائج إيجابية ملموسة تعكس تغييراً ما في المفهوم والنظرة التقليدية للمتاحف لدى الجمهور والمجتمع. فجميع المسئولين فى وطننا العربى لا يخرج تفكيرهم خارج حدود الصندوق!!
فوضع المتاحف المصرية حالياً لا يخفى على أحد فما فائدة بناء متاحف بدون بناء ثقافة وبدون الإستفادة من أفكار ورؤية كوادر هذه المتاحف فى النهوض بمنظومة المتاحف التى يعملون بها منذ سنوات عديدة، إن بناء الإنسان بالعلم والثقافة لهو أهم من بناء الجدران والأعمدة والحوائط، وأثمن من كل المقتنيات النفيسة والنادرة، فهي الضمانة للدولة وهي القاعدة الداخلية المتينة والصلبة التي يُنطلق منها إلى الخارج ونحن نبذل جهوداً فردية وشخصية من أجل تغيير مفهوم المتاحف بصفة عامة ودفع المتاحف للأمام وجعلها دائماً فى الصورة بصفة خاصة للمشاركة في مجال التنمية المستدامة مع مؤسسات المجتمع المدنى!!
ينحصر التركيز لدينا فى مصر والوطن العربى مع الأسف على بناء المتاحف بأحدث الأشكال الهندسية والمعمارية، وينحصر في اقتناء كل ما هو ثمين ونفيس ونادر ليعرض في هذه المتاحف، وتقدم مشاريع المتاحف المستقبلية في نفس السياق وعلى نفس الوتيرة دون الإلتفات أولاً الى العمل على بناء الثقافة عموماً وبناء ثقافة المتاحف خصوصاً. فكل مشاريع المتاحف السابقة والحالية والمستقبلية تخلو من أية برامج وخطط لجذب الجمهور إليها، مما يمثل خللاً استراتيجياً يجب أن يُلتفت إليه. 
فلا جدوى من بناء متاحف ضخمة على أحدث طراز معماري وتقني وتملك مقتنيات ثمينة ونادرة لتبقى خالية لا يزورها الا القليل لمرات محدودة، مما يبقي المفهوم التقليدي للمتاحف المتمثل في التخزين دون تغيير,ولن أجد أفضل من المتاحف المصرية كمثال حي على ما أقول، ما يجعلني أعتقد بأن هذا الوضع الشاذ يجب أن يدفعنا الى التفكير جدياً في وضع خطط وبرامج وبذل جهود حثيثة على مستوى كافة قطاعات المجتمع لبناء ثقافة أصيلة قبل بناء المتاحف أو غيرها لدى الناس والتي ستتطلب منا سنوات من الجهد والعمل لتؤتي ثمارها.
لكن كيف سنقوم بكل هذه الجهود وهذا العمل لبناء ثقافة عامة وبناء ثقافة متاحف متينة وصلبة ووزارة الاثار لم تهتم أبداً برؤى كوادرها والأخذ بها.. هؤلاء الذين يسعون دائماً إلى وضع آلية تكون قادرة على التعامل والتفاعل مع المجتمع والجمهور كونها تأتي منهم وتنتمي إليهم في شئونها، والمؤسف بل والمحزن أكثر ان وزارة الأثار لا تمتلك إلى الآن أي خطط أو برامج مستقبلية لتدريب وتأهيل كوادر متخصصة ووطنية في المجال المتحفي وبناء ثقافة المتاحف بعيداً عن المفهوم التقليدى على الرغم من كل مشاريع بناء المتاحف الجديدة التي أعلن عنها في وسائل الاعلام المختلفة,ولكي لا يقال بأنني أتحامل أو أبتدع ما هو غير صحيح فان متحف الحضارة لايزال مشروعاً منذ بدأ في تنفيذه فى 2003 وحتى الان ولا يتوقع إفتتاحه قبل عامين على الأقل. ولعلي أستطيع هنا الاقتراح بالاكتفاء بعبارة متحف الحضارة ولا داعي إطلاقاً لكلمة القومى طالما لا تهتم الدولة به كمشروع قومى قائم فعلياً وهذا ما لا أبتغيه.
وكما ذكرت سابقاً أننا نبذل جهوداً فردية وشخصية من أجل دفع المتاحف للأمام وجعلها دائماً فى الصورة فقد أخذت على عاتقى وسعيت بجهود حثيثة منذ سنوات إلى أن يكون هنا فى متحف الحضارة مركز إشعاع ثقافي هام مليء بالحيوية والنشاط يسهم في عملية التنمية المستدامة حيث أن المتاحف تعتبر مصدرا للترفيه والتنشيط العقلي ومن ثم يكون للمتحف دور أكثر فاعلية واستمرارية في التطور الثقافي السليم، ولكى يصبح للمتحف صوت قيادي يناقش تصحيح المسار وإعلاء شأن هذا الإرث الثقافي الذي اشتهرت به الدولة المصرية منذ تأسيسها وظهورها الى الوجود كدولة لها كيانها ودورها التاريخي في أحداث الأمم.
ولأن المتاحف قد تخطت إلى حد كبير دورها ومفهومها التقليدى، نظراً لأهمية الدور الحضارى والفكرى والثقافى الذى سيقوم به المتحف القومى للحضارة المصرية كمؤسسة ثقافية يجب أن يقدم المتحف خططاً للحراك الثقافي من خلال مركز الحضارة للفنون والإبداع الذى يضم مسرحاً وسينما وقاعة لعرض الأعمال الفنية وقاعة ندوات كبرى، والذي يساهم في عملية التوعية التى تنير المجتمع فى ظل أهداف وسياسة ينتهجها القائمون عليه فى أن يصبح مركزاً للإشعاع الثقافى والفنى ويجعل المتحف مزاراً أثرياً وفنياً في نفس الوقت وتنطلق منه عدة احتفاليات ثقافية وفنية تسهم في تعزيز الموارد المالية للمتحف بل ويكون سفيراً لمتحف الحضارة حول العالم من خلال أنشطته المختلفة.
كان الهدف من احتواء المتحف القومى للحضارة المصرية على المسرح فى هذا الموقع المميز من تخطيط المتحف هو الإبتعاد عن المفهوم التقليدى للمتحف بأن يكون المسرح مركزاً ثقافياً للإبداع الفنى تماشياً مع الجهود المبذولة لتنمية الثقافة وزيادة الوعى والإرتقاء بفكر وحس الجمهور من الفئات العمرية المختلفة من خلال تقديم أنشطة متنوعة فى مجال الإبداع المسرحى والغنائى والموسيقى والتراث الشعبى وغيره من التراث اللامادى مع إتاحة الفرصة أمام الطاقات البشرية لعرض إبداعاتهم المختلفة وإطلاق الإبداعات المكنونة وتفجير الطاقات الإبداعية لديهم، دائماً ما يرتكز العمل الثقافي في خطة التنمية الثقافية بدول العالم على إغناء شخصية المواطن وبناء وعيه وقدراته على مواكبة التطور الإنساني، تطوير البنى الفكرية بوصف الثقافة أساساً لتماسك الأمة وحضارتها، وتنمية العطاء الحضاري، والعمل على تحقيق الحوار الحضارى فى مجالات الثقافة والإبداع، وأهمية استيعاب العصر، وضرورة الحوار مع الثقافات الأخرى لإقرار القيم الإنسانية.
ويهدف المركز إلى إحياء التراث الفنى المصرى الذى نبع من نهر النيل من خلال إعادة تكوين الفرق التراثية بشكل جديد يواكب لغة العصر بإعتبار التراث اللامادى من الفنون الشعبية والموسيقى والمسرح وغيرها روحا ونبع إلهام وليس مجرد نصوص جامدة، مع إتاحة الفرصة للتعرف على فنون الحضارات والشعوب المختلفة عن طريق فتح مجالات الحوار بين المبدعين المصريين ومبدعي العالم.. حيث تنطلق رسالة سلام من مركز الحضارة للإبداع لتؤكد على سماحة وحضارة وتفرد الشخصية المصرية من خلال لقاء فنى فريد يجمع أصواتا تتوحد وتنصهر فى لحظة إنسانية واحدة حين ينضم لها فرق أخرى من بلدان وقارات العالم لتنطلق إلى الشعوب فى كل مكان لتؤكد على المحبة والتسامح والسلام وذلك من خلال المهرجانات الفنية التى يقيمها المركز واستضافة الفرق الفنية من مختلف دول العالم فى بانوراما إبداعية راقية
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز