عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حسام مصطفى إبراهيم : أكتب لأكتشف نفسي

حسام مصطفى إبراهيم : أكتب لأكتشف نفسي
حسام مصطفى إبراهيم : أكتب لأكتشف نفسي

حوار- فاطمة خالد

مبدع قرر أن يكسر دائرته المغلقة، ويترك التدريس بمحافظة الدقهلية ويأتى إلى القاهرة، ليطارد أحلامه وطموحاته ويحقق ذاته، فوجد نفسه تائها فى أحضان المدينة الكبيرة التى يملؤها الصخب والزحام والسعى المستميت وراء لقمة العيش، قبل أن يقرر بشجاعة أن يتحدى تلك المدينة ويواجهها ويواجه معها هواجسه ومخاوفه من كل شيء، حتى وجد لنفسه مكانا -لم يستطع كثيرين أن يجدوه- وسط كل هذا الزخم والصخب الجنونى. هو الكاتب الساخر حسام مصطفى إبراهيم، الذى قدم 8 أعمال أدبية، بين قصص قصيرة ورواية ودراسة نقدية وأدب رسائل، والذى أثارت مقالاته الأخيرة الكثير من الجدل. حاورناه، فكانت السطور التالية:



من أنت.. من الميلاد للتخرج؟

اسمي حسام مصطفى محمد إبراهيم، الابن الوحيد على ثلاث فتيات، لأبٍ مدرّس لغة عربية، وأم ربّة منزل، تخرّجت فى كلية تربية قسم اللغة العربية جامعة المنصورة عام 2003، فلم أجد عملا، ثم علمت بمنحة تنظمها وزارة الاتصالات لدراسة لغات البرمجة، فقدمت فيها ونجحت ففي الالتحاق ها، وقررت العمل مبرمجا، وحصلت بالفعل على شهادات من مايكروسوفت فى فجوال بيزك 6 ودوت نت، وعملت مبرمجا، ثم جاءني تعيين الحكومة، فقضى على أحلام العمل فى مجال التكنولوجي، وعُينت مدرسًا فى قرية دميانة ببلقاس. عملت بها سنتين، قبل أن أهرب منها ومن المهنة، وفى ذلك الوقت كتبت "يوميات مدرس فى الأرياف"، ووصفت فيه معاناة المدرسين والطلبة من منظومة التعليم الفاشلة، وكانت انتقالتي الكبرى عام 2007، حيث جئت إلى القاهرة، وعملت مراجع لغويا ومحرر ديسك فى مجلة سيدتي، ومنها إلى موقع جود نيوز، وفى تلك الأثناء عملت بجريدة الدستور مع إبراهيم عيسى، وأصبحت مسؤول صفحة "في الغميق"، ثم انتقلت للعمل بعدها في أكثر من مكان، أبرزها التحرير مسؤولا عن صفحتي "السلم"، وصولا لمسؤول الديسك المركزي في موقع دوت مصر. طبعا انعكست كل هذه المراحل والتنقلات على أسلوبي، وطبيعة الموضوعات التي أعالجها، والمنظور الذي أنظر من خلاله لما يجري حولي، والقدرة على فهم نفسى وفهم العالم المحيط بى والتعبير عنه، فكتبت الشعر والقصة قصيرة والمقال والرواية.

 

هل رواية "بتوقيت القاهرة" تجربتك الشخصية مع القاهرة؟

هي تجربتي، بطريقة أو بأخرى، فأنا مغترب، وقد واجهت في المدينة الكبيرة بالفعل الكثير من التحديات، قبل أن تتسع دائرتي وأقابل مثلي كثيرين، وأقرر أن أتحدث عني وعنهم وعن كل من يمر بظروفنا، وفي الرواية أحداث واقعية بنسبة 100% من حيث الشخصيات والأحداث، ربما باستثناء الأسماء وبعض التفاصيل التي تحفظ للآخرين خصوصيتهم.

متى قرّرت تسجيل تجربتك في رواية؟

الكاتب بطبعه "يكتب على نفسه" كما يقولون، فالكتابة –بالنسبة لي- فعل حياة، وليست مهنة أو حرفة، وعندما جئت إلى القاهرة وبدأت أجابه التغيرات الثقافية والاجتماعية التي تحدث لي، كنت أكتب على سبيل الفضفضة وتفريغ مشاعري السلبية، على هيئة خواطر وسيناريوهات متخيلة لمواقف بعينها، وفي لحظة بعينها انتبهت إلى أني قطعت مسافة كبيرة في سكة البوح، وأنني لست وحدي، في الوقت الذي بدأت أتماس مع قصص الآخرين، فقررت إضفاء شكل ما على هذه الخواطر المتناثرة، ولضمها في خيط واحد، فبدأت أعيد القراءة والكتابة بشكل عمدي مقصود، لانتظام كل هذه المشاعر في رواية، أؤرخ فيها لفترة صاخبة من حياتي وحياة جيل كامل بأحلامه وطموحاته وانهزاماته وانتصاراته.

من "سُندس" فى حياة حسام مصطفى؟

سُندس حبيبة بطل الرواية، ونقطة التحول الحقيقية فى حياته؛ وهي ليست امرأة بقدر ما هي حلم، وهي الشخص الذي نحتاجه جميعا في طريقنا ليدعمنا ويغيّر وجهة نظرنا عن أنفسنا وعن العالم المحيط بنا. والحقيقية أنني قابلت فتيات كثيرات في حياتي، كنت أختزن من كل واحدة منهن صفة محببة أو طبعا طيبا، لأعيد إنتاجه كله في سندس، لذلك كان تأثيرها قويا على بطل الرواية، ولم يستطع مقاومتها، لأن بها فعليا كل ما يتمناه أي إنسان ويسعى لأن يكون من نصيبه.

 

هل كثرة الكتب والروايات التي تصدر الآن سلبي أم إيجابي؟

للأمر جانب إيجابي يتمثل في تعبير الشباب عن آرائهم بقوة، واشتباكهم مع قضايا المجتمع، والسلبي أنه لم تعد هناك مقاييس للنشر، فمعظمهم يكتب دون وعي بمفردات الفن الذي يعالجه، فإذا أردت كتابة قصة قصيرة، يجب على الأقل أن أقرأ كتابا أو كتابين عن هذا الفن، أو حتى أقرأ قصص كبار الكتاب، لكن للأسف ما يحدث أن الكثيرين يقتحمون المجال دون سابق خبرة، ويصدّرون ما يكتبون على أنه إلهام من السماء، وما يساعدهم على المضي في غيهم، السوشيال ميديا التي تخدعهم والمعجبون الذين لا يقدمون لهم صورة حقيقية عن حجم ما يقدمون، ولا يلفتون أنظارهم لعيوبهم.

متى قررت تعديل مسارك والاتجاه للقاهرة للعمل بالصحافة؟

لم أجد نفسى فى التدريس، والحياة قصيرة جدا، ولم يكن لدي استعداد للقتال على الجبهة الخطأ، أو إنفاق حياتي بقشيشا من أجل الآخرين، في المكان الذي كنت فيه، لم أكن مؤثرا، لم يكن لي دور لا يستطيع غيري تأديته، ناهيك عن الطاقة التي أشعر بها ولا أجد سبيلا لإخراجها، كان القرار آتيًا لا محالة، مهما تأخر، في لحظة شعرت أنها النهاية، وأنني يجب أن أكف عن خداع نفسي، فاتخذت القرار، وتركت التربية والتعليم. أكثر ما شجعني على القرار، والدي رحمة الله عليه، فقد كان فنانا شاملا، يكتب القصة والرواية والمسرحية والمقال، ويمثّل، وعبقري في اللغة العربية وفنون الأداء، ومع ذلك، عاد من القاهرة إلى شربين بحثا عن الهدوء وصيانة لنا من المدينة الكبيرة، فضّل راحتنا على موهبته، فلم يحقق شيئا مما حلم به، ولأني كنت محملا بإرثه، فقد قررت كسر الدائرة المغلقة التي عاش فيها، والبحث عن نقطة نور.

 

كيف طوّرت أدواتك لتصل لهذا الأسلوب السلس المميز؟

التجريب وخوض غمار الحياة والقراءة والكتابة، والإصرار على نحت طريق خاص لك، وسط جميع الأصوات الأخرى، إضافة للاستماع للآخرين المخلصين، ومحاولة تعديل مسارك كلما شعرت بالحاجة لذلك، دون كبرياء شخصية، ودون الاعتقاد أنه لا أحد مثلك، أو أنك بلغت الغاية التي لم يبلغها سواك. كل هذا يطوّر من أدوات أي إنسان، ويضعه باستمرار على الطريق الصحيح.

هل أثّرت مهنتك كمحرر ديسك على كتاباتك؟

أنا مغرم باللغة العربية، منذ صغري، وأعتبرها سببا من أسباب وجودي في الحياة، وهو ما غرسه فيّ والدي، رحمه الله، فلم يعد الأمر وظيفة أو مهنة، لذلك أحب أي فن مرتبط باللغة العربية، كتابة أو تصحيحا أو ديسكا، صحيح أن الديسك يلتهم الوقت ويعطلني عن إنجاز الكثير، لكنه مع ذلك يتيح لي الاطلاع على أنماط مختلفة من الكتابة، والأفكار، ووضع يدي على نقاط ضعف الصحفيين وقوتهم، بما في ذلك تطورات اللغة الشبابية.

لماذا أنشأت صفحة "اكتب صح" على فيس بوك؟

اكتب صح محاولة لتصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية والأسلوبية التي يقع فيها الصحفيون ومن يكتبون باللغة العربية في أي مكان، أحاول من خلالها تمرير حبيي للغة إلى الآخرين، عبر كشف مواطن الجمال فيها، وبيان مدى سهولة إتقانها، بدأت منذ نحو العام والنصف والآن على الصفحة أكثر من 28 ألفا. ما جديدك فى الفترة المقبلة؟ أعمل على رواية جديدة، ربما تعد المرحلة التي تلي "بتوقيت القاهرة"، وتتحدث عن الأشخاص والأفكار التي نقابلها في فترة من عمرنا، فتقلب حياتنا رأسا على عقب، وتجعلنا نعيد محاكمة كل أفكارنا، ومساءلة جميع معتقداتنا، وصولا لإنسان جديد أكثر قدرة على التكيف مع الواقع المعيش بجميع تناقضاته، وهي مغامرة لاكتشاف ذاتي، أكثر من كونها رواية، فأنا أكتب في الأساس لأكتشف نفسي.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز