مارينا فارس تكتب: ألا تدهشك العيون؟
"تلك الأحداق القائمة في الوجوه كتعاويذ من حلك ولجين.
تلك المياه الجائلة بين الاشفار و الاهداب كبحيرات تنطقن بالشاطىء وأشجار الحور
العيون! ألا تدهشك العيون؟"
تلك اجمل كلمات مي زيادة التي بدأت بها حديثها عن العيون في كتاب ظلمات و اشعة.. هاتان النافذتان تنفتحان في الوجوة كشباك علي الروح.. العيون التي تحتفظ بكل اسرار الوجدان..
الي هنا تنهي مي زيادة حديثها و تتركني انا غارقة في افكاري.. العيون ! الا تدهشك العيون ؟.. اياً كان شكلها او لونها.. تلك التي يغار من لونها الزيتون, و تلك التي يلقي عليها البن لونه فلا تكتفي بلون القهوة فقط بل تكتسب سحرها ايضا, و تلك التي يستعير منها الليل لونه و تلك التي يحتلها لون البحر.. و تلك التي لا تذكر لها لون.. فيأخذك سحرها قبل ان تتبين لونها..
ثمة عيون تري فيها السماء.. تري داخلها حياة تشتعل بالاغنيات..
و عيون تقتحم كل اسوارك و تبددها, حين تنظر اليك فأنها تنظر الي داخلك.. تقرأ افكارك و كانها مسطورة علي جبينك.
عيون تنغلق علي اسرارها .. تقتحمها بحيرات عسل لا تهرب منها قطرة ..و عيون تنشر اخبار صاحبها علي اهدابها و عيون تكتب نهايات الحكايات دون ان تعرف الابجدية..
عيون صماء لا تحمل حكايات و لا تروي اغنيات, تحمل خلفها صحراء لا عود رطب فيها.. و عيون تحمل امطار و رعود و شتاء لا نهاية لشجنه.
ثمة عيون حين تنظر اليك تغلفك بحنانها فتري فيها الجنة, و عيون مظلمة.. يملأها الحقد و يلفها الاسي.. فتحتار بأمرها.. تشعر بالشفقة احيانا عليها.. و احيانا يغرقك حقدها بالغضب منها..
عيون تقول عكس ما يفعل صاحبها .. فتكذب كل اقوله و تثبت كذبه عليه.. فيأتي حديثها خافت و كانه قادم من حضن بئر بعيد... كانه من زمن اخر..
عيون لا يصمت حديثها حتي و ان لم يبرح صاحبها باخباره.. و عيون تبدو كمنارتان وسط بحر هائج لكنهم لا يرشدان سوي للضلال.
وعيون تضرب بكل قوانين الطاقة عرض الحائط. فأحيانا تزرعك في دفء لا نهاية له و احيانا تتركك في منفي من الجليد المشتعل بالحنين.
و عيون اذا هربت منها تجدها مزروعة علي وسادتك و تطرح في كل احلامك.. و عيون يأكلك الملل من نظراتها الصماء فتشفق علي ضياع لغتها و روحها..
العيون ! الا تدهشك العيون ؟..