عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نهي وليد بركات تكتب: مصر عايزة تنضف!

نهي وليد بركات تكتب: مصر عايزة تنضف!
نهي وليد بركات تكتب: مصر عايزة تنضف!

سمعت عن مبادرة "مصر بتنضف" وفرحت بها جدا، وهي التي تطرح تعاون شباب كل منطقة كحل لمشكلة القمامة.. المشكلة الحقيقية فى ليست إلقاء القمامة فى الشارع بهذه الصورة المؤسفة وإنما في منع إلقاء المزيد منها.
 
لن أشغل بالك – عزيزي القارئ- بمقدمات طويلة أحكى فيها مشاهداتنا اليومية والتى اعتدنا على رؤيتها، والتى إن دلت على شئ دلت على عدم تحمل المسئولية تجاه مجتمعنا والخطأ يشمل المتعلم قبل الأمى والغني قبل الفقير.. فنرى أصحاب سيارات فخمة تقذف بقمامتها من نافذة السيارة وكأن شيئا لم يحدث.. وترى كتيرا من المارة الذين ألفوا البصق فى الشوارع وكأن اختراع المناديل لم يظهر بعد! ... ووظيفة تدعى "النباشين" لا أعلم أين ظهرت ومتى؟ المهم أن وظيفتهم تقوم على بعثرة القمامة بدم بارد للبحث فيها عن المواد القابلة لإعادة التصنيع بشكل عشوائي همجي لا أعرف لماذا لا يتم بدلا منه فرز القمامة في أماكن مخصصة لا تسبب تلويث الشارع؟!
اسمح لي عزيزي القارئ أن أروي لك بعض المواقف التى شهدتها بنفسي ووقفت أمامها مكبلة اليدين لا أستطيع التصرف.. ولا أهدف من تلك المواقف تثبيط الهمم، ولا الاعتراض على مبادرة "مصر بتنضف".. التي أراها جهدا محمودا.. ينبغي أن يقدم حلولا أكثر واقعية، أولى حكاياتى كانت فى أول العام الدراسى الماضي، حين نزلت من بيتى متجهة إلى كليتي، وكانت الساعة قد أشرفت على 6.30 صباحا تقريبا.. وجدت سيارة نقل كبيرة محملة بكمية كبيرة من مخلفات البناء وقد ألقت بها فى أرض فضاء، مع علمي بأن هناك أماكن محددة للتخلص من هذا النوع من النفايات، وأن هذه الأرض لم تكن من الأماكن المخصصة لذلك، بل كانت أرض متنازعا عليها قضائيا ومكتوب عليها لافتة تفيد ذلك، فماذا كان عليّ أن أفعل؟! كيف أمنع الجاني عن ارتكاب هذه الجريمة؟!
 
أما في الثانية فكنت على موعد سفر، مغادرة بعد الفجر بحوالي نصف ساعة بأحد الشوارع الواصلة بين شارعي الهرم والملك فيصل وهو شارع تجارى من الدرجة الأولى، يعج بالباعة المتجولين، أو قل "المتسكعين"، الذين استحلوا نهر الشارع لبيعوا بضائعهم مستخدمين "الصراخ الشعبي" - أقصد الأغاني الشعبية- ظنا منهم أنه سيلفت الأنظار إليهم، ويجلب لهم الرزق، المهم أن الباعة كانوا يجمعون بضائعهم وقد هم كل منهم بالرحيل، مخلفا وراءه كما هائلا من المخلفات، لتبدو أرض الشارع قذرة تتراكم عليها الأوساخ والقمامة أسفل طاولات عرض البائعين، والسؤال هنا أما خطر على بال أحدهم أن ينظف مكانه بعد أن انتهى؟! أما فكر أحدهم فى أن يصلح ما أفسده من جراء مكوثه بهذه البقعة؟! أما تستطيع الحكومة أن تلزم هؤلاء الباعة بأن ينظفوا أماكنهم بعد أن فشلت فى إنهاء ظاهرة الباعة المتجولين، فعلى الأقل يكون مقابل بقائهم أن يساهموا فى حل مشكلة أخرى وهى مشكلة القمامة؟!
 
أختم حكاياتي الثلاثة، بآخرها، فكانت الأبشع والأكثر استفزازا، والتي أكدت لي أنه لا فائدة ولا أمل فى هذا المجتمع إن لم نبدأ بتنظيف العقول من القمامة قبل الشوارع! كنت في طريقي مع أحد أفراد أسرتي الذي نزل من السيارة في منتصف الطريق ليشتري شيئا، وبينما أنتظره في السيارة، إذا بشخص بسيط الملبس يستقل "تروسيكلا" محملا بالشكائر، وأخذ في إنزالها بجانب صندوق الكهرباء، ثم أفرغ كل شكارة على الأرض، وجمع الشكائر الفارغة في صندوق "التروسيكل"، وتواري خلف الصندوق ليقضي حاجته، ثم استقل "التروسيكل" ليقوده عكس الاتجاه!! في عشر دقائق ارتكب ثلاث جرائم في حق البيئة والمجتمع، أذهلني وأثار حفيظتي، فأخذت أضرب كفا على كف، مندهشة لهذا المثال القبيح الذى توجد بالتأكيد نسخ كثيرة منه فى مجتمعنا.. جرائم وانتهاكات بدون أدنى شعور بالذنب بل ربما كان سعيدا لانتهاء مهمته بنجاح!! راودتني نفسي وظللت أكرر السؤال ماذا كان علىّ أن أفعل؟؟ هل أذهب إليه لأنصحه؟ خشيت أن يصبح شكلي ساذجا، هل أعنفه وأمنعه؟ وهنا دار في ذهني سيناريوهان لا ثالث لهما، إما أن يشتمني بأقذع الألفاظ، أو "يطول مطوته عليّ"! ولو كان هناك خط ساخن أستطيع أن أشكوه إليه ليكون هناك قوة ذات سلطة تهرول إليه في الحال بنفس سرعته فى ارتكاب الخطأ لفعلت وأبلغت عنه.. لكن ما العمل في ظل غياب هذه الخدمة؟

بعد هذه النماذج لن أقدم لك حلولا أو أفكارا للتخلص من القمامة فالأفكار موجودة والحلول معروفة وكثيرا من البرامج أمثال "خواطر" و"سفاري حجاجوفيتش" قد قدموا لنا نماذج من بلدان عدة لكيفية التخلص من هذه المشكلة ولكن ما حاولت أن اشكو به حالى اليوم هو كيف أتصرف إذا قدر لى ورأيت فعلا خاطئا؟؟ كيف أكون مواطنا صالحا بحيث أستطيع منع حدوث الخطأ؟ وكيف لى أن أبلغ عن المخطئ لكى يلقى حسابه فور إحداثه لكارثته؟ لا ننتظر حتى يرتكب المواطن خطأه تجاه مجتمعه ثم نعود لنبحث طرق إزالة القمامة ومكافحة الأمراض وتنظيف الشوارع و..و..و..إلى نهايته ..



 
 
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز