مارينا فارس تكتب : حين اختفي قليلاً

مازالت النجوم نائمة !! .. كل ما يشغل السماء الان اجنحة اسراب الطيور التي تمرح قليلا بعد رحيل الشمس و حرارتها.. تطير حرة في مجموعات متناغمة فتبدو كلحن موسيقي ينساب من عصا مايسترو ماهر.. تلف و تلف حول القمر المزروع في الزرقة فتفجر الفرح و الدهشة في قلبي..

 

عندها تتدخل طائرات ورقية تحملها النسيمات فتحلق قرب الاسراب الحرة لكنها ليست مثلها تماما, هناك خيط ما يربطها بالارض.. صحيح ان حريتها ناقصة لكن امانها كامل.. تلك النسيمات تخبرني عن الشتاء البعيد.. تعدني بالكثير من السعادة سيأتي بها شتاء هذا العام.. ستقول لي انها ستمطر كثيراً ..ستمطر خيراً .

 

قمري اليوم مختبئ خلف الغيوم.. كنت بالامس اخاله كرة سكر في متناول يدي .. ما باله اليوم يحجب عني ضياؤه و الحكايات ؟! قالوا انه خسوفا الم به !! الان هو بدر مكتمل الاستدارة و البهاء يتوسط السماء التي مازلت محتفظة بلونها الازرق قبل ان يكحلها الليل بصبغته الفريدة. لكن بعد ساعات ستلقي الارض بظلها عليه فيبدأ في الاختفاء تدريجياً حتي يصير ظل احمر خافت, لذا تجمعت انظار البشر حوله. وفاء لصديقي امضيت انا ايضا كل الليل اتابعه حتي اغرق التعب رأسي. وقفت اتابع القمر و هو يغرق في الظل بينما غرقت انا في افكاري. ما اغرب الانسان وخياله !! كيف يسافر الالاف الاعوام و يقطع كل الحدود الجغرافية, حين يظل جسمه حبيس غرفة صغيرة.

 

اه يا قمري..لو كان لي جناحان لرفرفت صوبك .. لسكنت اراضيك و اخذت اشعتك الفضية غطاء .. ما بالك يا صديقي تزداد ارتفاعاً .. لماذا توغل في الصمت و الغيوم!؟

 

تري هل يشغلك انت ايضا هذا الامر الخطير المكون من ثلاث احرف : "غدا". ترقب المستقبل الغامض يثير فضولي حين يصير موضوع للنقاش داخل عقلي المتعب الذي لا يعرف السكون. لكن تراه يشغلك انت ايضاً ؟!  تري هل اخبرك احدهم بما سيصير لك الليلة؟! هل اطلعك احدهم علي المقالات العلمية و الابحاث الفلكية كالتي اقرأها عنك منذ الصباح ؟!