عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حسن زايد يكتب : البيان في جناية الإخوان

حسن زايد يكتب : البيان في جناية الإخوان
حسن زايد يكتب : البيان في جناية الإخوان

بعيداً عما قد يعانيه البعض من التحامل علي الإخوان ،  نتيجة ما شاهدوه بأم أعينهم ، من تصرفات أعضاء هذه الجماعة ، أو سمعوه بأذانهم عنهم ، أو نتيجة مواقف مبدئية أو أيديولوجية مما يطلق عليه اصطلاحاً بالإسلام السياسي بصفة عامة ، ومن جماعة الإخوان بصفة خاصة . بعيداً عن كل ذلك ، جلست أتأمل الموقف المتناقض تناقضاً حاداً الذي وضعت فيه الجماعة أعضائها من الشباب أو البعيدين عن المراكز القيادية فيها ، أو المتعاطفين معها ، أو المسلمين الذين اعتقدوا في تبني الجماعة للمنهج الإسلامي القويم ، واعتقدوا في صحة دعوتهم إلي تطبيق الإسلام ، وبذات القدر اعتقدوا في معاداة الدولة لهذا الدين ، وأنها عمدت إلي إقصاءه عن الحياة كمنهج وسلوك . المتأمل لموقف كل هؤلاء أثناء وجودهم ، وتجمعهم في ميداني رابعة والنهضة ، يجد أنهم قد تعرضوا لما يشبه غسيل المخ . فهؤلاء عاشوا حياتهم قبل رابعة العدوية والنهضة وهم يحاولون جاهدين العيش في ظلال الإسلام الوارفة ، فهم يؤدون الصلوات الخمس ـ فروضاً ونوافل ـ ويقومن الليل ، ويكدون بالنهار . ويصومون رمضان ، والنوافل . ويخرجون الزكوات والصدقات ، ويجاهدون النفس ، وينضوون تحت لواء الجماعة المسلمة الإسلام الحق ـ في اعتقادهم ـ هادفين إلي إقامة الخلافة الإسلامية التي تجعل من الدين منهج حياة . وهم في كل ذلك ـ بحسب الظاهر ـ من الصادقين . ووقع في روعهم ـ سواء تلقائياً أو بفعل فاعل ـ أن من عداهم من المسلمين إن لم يكن كافراً صريحاً ، فهو يدور في دائرة الكفر ، أو يكون منحرفاً أو شبه منحرف ، أو واقعاً في دائرة الشبهات علي أقل تقدير . وهم الفئة المؤمنة وإن قلت ، وغيرهم بخلاف ذلك وإن كثرت ، " وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله " . وقد كان التجمع في رابعة وميدان النهضة ـ فكرة ودعوة وعملاً وتجمعاً ـ من منطلق الإستعداد للنصر ، واستجلابه ، والإستعداد لتبعاته .



 

وقد كان إيمانهم بذلك إيماناً راسخاً لا يتزعزع . ويبدو أن هذا الإيمان وحده لم يكن كافياًمن وجهة نظر الجماعة للإبقاء علي هذا التجمع أطول فترة ممكنة ، فقد كانت القيادات تراهن علي التدخل الأمريكي / الأوروبي لإعادتهم إلي سدة الحكم كما يقضي المخطط المرسوم والمتفق عليه بشأن مستقبل الإسلام السياسي في إدارة شئون المنطقة ، وغير القيادات كانوا ـ بحكم ما يعتقدوه في إيمانهم ـ يراهنون علي الله ورسوله بمقتضي الوعد الإلهي بنصرة الفئة المؤمنة وإن قلت .

 

ولدعم هذا الرهان داخل النفوس ، وتأليف القلوب علي ذلك ، استجلبت القيادات لهم من الشيوخ من يعمل علي دعم هذا الإتجاه وترسيخة علي المستوي الغيبي ، وخاصة الشيوخ أصحاب الجماهيرية الغالبة ، إذ تمنحهم هذه الأغلبية قدراً قد يكون وافراً من الثقة لدي بقية الجماهير ، خضوعاً لفكرة انصياع العقل الجمعي . فجاء هؤلاء الشيوخ بأقوال شاذة وغريبة لو قيلت في الظروف الطبيعية لما صدقها أحد ، ولا قبلها . ولكن لأن الجو العام كان مشحوناً ،  ومعبئاً ، ومهيئاً ، جري استقبال هذا الكلام بالتهليل والتكبير . فأن يقال بوجود سيدنا جبريل في الميدان ، فلا ريب أن الملائكة من حوله ، وأن يقال بأن محمد مرسي يؤم الرسول في الصلاة ، فمعني ذلك أنه ـ صلي الله عليه وسلم ـ موجود بالميدان ، كما أن هذه المشاهد تضفي علي الجماعة أجواء مماثلة لأجواء عصر الإسلام الأول ، حذو القدم بالقدم ، بل وضعوا الجماعة في مكان ومكانة أعلي مما ناله الصحابة رضوان الله عليهم ، هذه الأجواء الروحانية الزائفة قد تملكت القلوب والعقول والأنفس ، وهيمنت عليها . ثم تلك الوعود اليومية بالنصرة القادمة ، وبأنهم عائدون لامحالة ، وأن ذلك وعد الله . هذا ما اعتقده هؤلاء وآمنوا به يقيناً ، لأنهم وثقوا في قياداتهم ، وصدقوهم تصديقاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . وعند بدء فض الإعتصام هربت القيادات ، وتبخرت من المشهد تماماً ، وجري الفض ، وهزم الجمع ، وولوا الدبر . وتركوا هؤلاء نهباً للوساوس القهرية الممزقة ، وأسئلة حادة مدببة جارحة غزت تلك العقول المغلقة ،  والأنفس المنهزمة المتقهقرة ، أسئلة ذهبت بهم مذاهب شتي ، أخطرها وأكثرها مرارة وأشدها غصة عن سبب عدم تدخل السماء لحزم الأمر لصالح الفئة المؤمنة ، وعدم تدخل جبريل والملائكة كما تدخلوا في بدر ، ولم تمطر السماء علي السيسي ومن عاونه حجارة ، ولم ترسل عليهم طيراً أبابيل ، ترميهم بحجارة من سجيل ، انتقاماً لهم . هذه الحالة النفسية قد رمت بهؤلاء إلي أحد مصيرين ، أولهما مصير الإلحاد أو التحلل الخلقي ، وثانيهما الإرتماء في أحضان الجماعات الأكثر تشدداً وعدوانية وانتقاماً وهدماً وتديراً وذبحاً وتقتيلاً . تلك كانت جناية الإخوان علي الأمة وعلي الإسلام معاً . فهل إلي علاج هؤلاء من تلك المفاهيم من سبيل ؟ ! .
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز