عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مارينا فارس تكتب : حكاية غياب و مطر

مارينا فارس تكتب : حكاية غياب و مطر
مارينا فارس تكتب : حكاية غياب و مطر

نفذ البن من علبتي!! استيقظت لاجد علبة البن فارغة, بدون اي سعادة ابدأ بها يومي.. العصافير صامتة!! اخشي جدياً ان تكون موجات الحرارة العالية قد قتلتها و نالت من اجنحتها ام تراها تتبع نظام غذائي تفسده حبات القمح!! او تراها تهملني عند عمد لتزيد المتاعب ؟!.. ايعقل ان تكون نسيت طريق نافذتي؟!..لا اعرف, انا فقط اختلق لها الاعذار كما افعل مع كل الغائبين لالهي قلبي عن قلق يمضغه و انتظار يفتته الي اجزاء كل منها يكمل قلقه علي حدي!! و هكذا قد تأمرت علي الظروف فقد اغلقت العطلة محل البن عدة ايام و هكذا امضيت هذا الصباح الممل دون حتي فنجان القهوة  الذي اعطره برائحة الشمس.
 
و اخيراً رحلت العطلة اذا فلا داعي للانتظار اكثر من ذلك, ارتديت ملابسي و خرجت كي احظي بالقليل من المشي ذلك المسكن السريع يهون علي الكثير حتي اذهب لذلك المحل العتيق و اشتري بن.. ها انا ذا اتأبط ذراع عقلي المشتت و امشي الهوينا ليحكي لي قصصه و انا انصت له في انعدام حيلة. اقرأ عليه رواية بطلتها تشبهني كثيرا بحبها للمطر و القهوة و صوت فيروز الذي تلتقط فراشاته من بيت جارتها الغامضة, ولعها, و انتظارها اللامعقول بشغف يشبهني..
 
صنعت فنجان من القهوة و جلست احتسي تلك الرواية.. "يافا حكاية غياب و مطر" لكاتبة فلسطينة شابة وجدتها بالصدفة بينما كنت اتصفح الانترنت. حسنا, هل كان من الممكن الا اقرأها و هي تحمل اثنين من الكلمات السحرية علي غلافها الابيض؟! يافا و مطر. تلك المدينة القديمة التي يوم زارتني في حلمي استيقظت مبتهجة و رائحة البحر لازالت عالقة بأنفي. و المطر الذي يجعلني بمنتهي البساطة اركض كطفلة مبتلة الشعر بسعادة عارمة. جلست اقرأ تلك الرواية و سرعان ما وجدتها تقرأني. وجدتها حكاية غياب و مطر اعجبتني حد الارتباك و البكاء. يافا هو اسم كاتبة قررت ان تعتزل الحروف و الشهرة و تعتزل معهم البشر ايضاً, قررت ان تغلق قلبها علي ذكرياتها و جرحها الغائر, و اغلقت معه باب بيتها اعتزلت البشر تماما, لم تستطع ان تنسي شعور الفقد الذي اجتاحها منذ قتل حسن حبيب طفولتها امام اعينها.  فقد قررت ان تقضي كل عمرها بين جدران بيتها مع قصة منقوشة تفاصيلها علي  جدران ذاكرتها. لكن كل تلك الابواب الموصدة لم تصمد قليلا امام فضول قلب صحفية شابة. جارتها التي تنصت لما يهرب من بيت يافا من اغاني و موسيقي تحبها. تسأل اهل الحي و تبحث كعصفورة  جائعة عن اي معلومات عن تلك الجارة الغامضة. حتي قررت انها ستكتب اليها خطابات عديدة تحكي لها طويلا عن حياتها و عن اسرار قلبها عل جارتها تقرأها و تقبل ان تفتح بابها و قلبها, و هكذا تطورت الاحداث حتي وجدت نفسها تتجول في غرفة ذكريات يافا الجارة الغامضة. يافا التي قررت تقف علي حافة الحياة و تتحول بارادتها الي شبح باهت لانها لم تستطيع مواجهة العالم بوجعها عادت للحياة و للكتابة مرة ثانية. 
  
و كأني اسمع فيروز تهتف "شو بيبقي" و كأني اسمع بوضوح الاغنية تنساب من بين سطور تلك الرواية.. "شو بيبقي ؟! بيبقى قصص صغيرة عم بتشردها الريح".. الحقيقة ان كل شيء يتغير و ان الدنيا لا تكف عن ادهاشنا باشياء غير متوقعة. اشياء كنا نخالها بالامس فقط مستحيل نجد انفسنا اليوم نحياها. احداث كنا نقرأها كرواية حتي نجد انفسنا ابطالها و لا نملك شيء سوي الدهشة من قوانين الحياة و قرارات قلوبنا. و يأكلنا الفضول لمعرفة المستقبل كقارئ يتلصص علي صفحات الرواية الاخيرة.
 
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز