عاجل
الثلاثاء 7 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د.عبدالمنعم المشاط : لا توجد دولة آمنة وهى ضعيفة عسكريا

د.عبدالمنعم المشاط : لا توجد دولة آمنة وهى ضعيفة عسكريا
د.عبدالمنعم المشاط : لا توجد دولة آمنة وهى ضعيفة عسكريا

حوار - محمد عاشور

صورة حالكة، يلتف حولها رباط صنعت خيوطه من ضباب كثيف، نسجته فئران صغيرة، أطلقت على نفسها اسم «جيوش»، ظلت وما زالت تعبث بمقدرات أمة وشخوصها، بعد أن غاب العقل، وحل الضمير فى سُبات عميق، فتبدلت الحقائق، وغابت المعايير، وأصبح لعرائس «الماريونت» دور، فتوهمت الشخوص الأحلام حقائق، وصرنا نحن العرب فى جميع الأقطار نخشى الظل، نخاف الوهم، نفكر فى كل شيء ما عدا الحقيقة، فداعش وأخواتها ما هى إلا عرائس «ماريونت» تحركها دول أخري، تسعى لبسط نفوذ، و«حلب» مقدرات الأوطان..



 فى المقابل ماذا صنعنا نحن لمواجهة داعش وأخواتها؟، ماذا فعلنا لنجمع أنفسنا بعد تشتت وتمزق وضعف؟، ما هى الخطط التى وضعناها للحفاظ على ما تبقى منا نحن العرب، حقا إنه وضع شائك، وأسئلة كثيرة فى حاجة إلى أجوبة، لخصها لنا الدكتور «عبدالمنعم المشاط» أستاذ العلوم السياسية والأمن القومى فى جملة بسيطة الألفاظ، واسعة المعانى إنه الحوار..وإلى نص الحوار.. 

• محمد على استطاع بناء مصر الحديثة وهو غير مصري، فهل يستطيع المصريون بناء مصر المعاصرة؟

ـــ قطعا يستطيع المصريون ذلك، خاصة بعد ثورتى يناير ويونيه، فالملايين خرجوا تطوعا دون إكراه أو إجبار والأهم دون تعبئة، وذلك لمصلحة مصر، ومصر المعاصرة تحتاج إلى رؤية لما نريد أن تكون عليه الدولة المصرية فى المستقبل، إذا كنا نريدها دولة زراعية؟، إذاً علينا الاهتمام بالزراعة، وإذا كنا نريدها دولة صناعية، فعلينا الاهتمام بالصناعة، لكنى أرى أن الله حبا مصر بموقع استراتيجي، فهى ملتقى الطرق بين القارات المختلفة من خلال قناة السويس، لكن فى نفس الوقت هذا الموقع الاستراتيجى المهم والفريد يمثل تهديداً رهيباً للدولة، فمصر ملتقى الحضارات وفى ذات الوقت محط الأطماع، فهى الدولة الإقليمية المركزية، بمعنى أنه لا يمكن أن يحصل تطور فى المنطقة دون الوجود المصري، وبناء مصر المعاصرة معناه أن يستوعب المصريون أهمية ومكانة الدولة المصرية، وأن يضعوا خططا محددة للتنمية، وأن يتم التحول من الإدارة اليومية التى تستهلك طاقات المصريين، إلى ما نسميه الإدارة الاستراتيجية للدولة، حيث تحدد إمكانياتك وقدراتك، ويتم توظيف هذه الإمكانيات والقدرات لتحقيق تلك الرؤي، لكن الانخراط فى الإدارة اليومية واستهلاك الطاقة، أمر لن يجدى نفعا.

• هل هذا يعنى أن أسلوب الإدارة المتبع لدينا فى مصر والدول العربية يشير إلى أننا أمة فى خطر؟

ـــ بالطبع نحن أمة فى خطر، لكن فكرة المشروعات الكبرى فمثلا «مشاريع قناة السويس الجديدة، والـ1.5 مليون فدان، وشبكة المواصلات الجديدة»، حينما تتكامل هذه المشروعات فذلك يعد البداية الحقيقية لبناء الدولة المصرية الجديدة، وبالتالى الخروج من دائرة الخطر، لكنها تحتاج لبعض الوقت حتى يشعر المواطن بنتائج هذه المشروعات.

•  لكن السؤال التاريخى بالنسبة للدولة المصرية، هل الدول الكبرى ودول الجوار ستسمح بنمو الدولة المصرية؟

ـــ آه طبعا، إذا احتفظنا بعلاقات وثيقة مع الدول الكبري، لدينا خمسة تجمعات كبرى هى «الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، اليابان، الصين، وروسيا» هذه هى الدول التى تتحكم فى النظام الدولي، لذا علينا فتح السياسة الخارجية معها كما يحدث الآن، ثم تأتى فكرة المصالح العميقة التى لا يمكن الاستغناء عنها بين الدول، فقناة السويس مصلحة مهمة جدا، وجميع الدول الآن مهتمة بـ «محاربة داعش» مثل مصر تماما، فلماذا لا نوجد مصالح مع الدول المختلفة؟، وصنع المصالح المشتركة يدفع الدول إلى السعى للحفاظ على علاقاتها بك، ولن تسعى للسيطرة عليك، أو إحباط خطط التقدم عندك، وأيضا لن يستطيع أحد الاستغناء عنك، وبالتالى سيصبح أمن هذه الدول صاحبة المصالح جزءاً من أمنك القومي.

•  هل وجود الأمن العسكرى يعنى أن الأمن القومى آمن؟ وما هو المعنى الحقيقى للأمن القومي؟

ـــ المعنى التقليدى للأمن القومى هو «الأمن والأمان العسكري»، وهو أصبح «موضة قديمة» انتهت من ثمانينيات القرن الماضي، الأمن القومى الآن يبنى على ثلاثة أشياء أساسية هي، أولا: القدرة والإعداد العسكرى للدولة، فلا توجد دولة ضعيفة عسكريا آمنة، مثلا دول الخليج تعتمد على عقد اتفاقيات دفاع مشترك مع الدول الكبري، بسبب ضعف جيوشها، وفى المقابل الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وفرنسا وغيرها آمنة، وهو ما يعنى أنه إذا وجدت القوة العسكرية المدربة، بجانبها الصناعة العسكرية الحديثة والمتطورة، تحقق الأمن.

ثانيا: المشاركة السياسية، وهى لا تعنى إجبار الناس على العمل السياسي، إنما ينبغى أن يشعر المواطن أنه جزء من عملية صنع القرار، إذا شعر بذلك سيتمسك بهذا القرار، ويدافع عنه، ولن يقف مضاداً له.

ثالثا: تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتوزيع الثروات بصورة عادلة، هنا فقط سيتحقق الأمن القومي، وكل دراسات الأمن القومى تؤكد أن الإحساس بالحرمان الاقتصادى والتهميش السياسى يؤديان إلى العنف، وهو ما يعنى تهديد أمن الدولة، إذاً نحن نحتاج الدمج بين المتغير السياسى والاقتصادى والعسكري.

• ما هى التهديدات التى تواجه هذا الأمن القومى المصرى والعربى حاليا؟

ـــ من المؤكد أن إسرائيل تشكل تهديدا للأمن القومى العربى لاعتبارات عدة منها، أنها دولة نووية، ودول العالم العربى ليست دولا نووية، كما أنها ليس لديها أى نية لحل القضية الفلسطينية، فإسرائيل لن تسمح بإنشاء دولة فلسطينية، وبالتالى يؤدى هذا إلى العنف والتطرف واستمرار ما يعانى منه الوطن العربي، كما أن تحالف الولايات المتحدة مع إسرائيل يشكل تهديدا كبيرا للأمن القومى العربي، صحيح الولايات المتحدة صديقة لعدد كبير من الدول العربية ومنها مصر، لكن تحالفها مع إسرائيل مشكلة كبيرة جدا للوطن العربي، ثم يأتى دور دول الجوار فتركيا وإيران تشكلان تهديدا خطيرا للأمن القومى العربى بصفة عامة، وللدور الإقليمى للدولة المصرية على وجه الخصوص، ومع احترامى لمن ينادون بالمصالحة مع إيران وتركيا، أرى أن هناك استراتيجية للدولتين للحد من الدور الإقليمى المصرى وتطويقه، فهناك أكثر من تحالف استراتيجى أحدها بين تركيا وإيران، وآخر بين تركيا وإسرائيل، ثم هناك تحالف ضمنى بين إسرائيل وإيران، واضح جدا، حيث سمحت القوى العظمى لإيران بالبناء النووي، وإسرائيل لم تقم بضرب المفاعل النووى الإيرانى رغم قيامها بضرب المفاعل النووى العراقى حينما أرادت، لماذا؟، هذا هو السؤال، إذا فإيران تلعب دورا مهما جدا فى المنطقة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وضد المصلحة الوطنية المصرية.

• بعد تحديد التهديدات ما هى استراتيجيات وسبل مواجهة هذه التهديدات؟

ـــ تحقيق الأمن القومى العربى ممكن إذا اجتمعت الأمة العربية على تحديد مصادر الخطر، والاتفاق على سبل مواجهتها، وهذا لم يتم بعد، نعم، لدى يقين أن أجهزة المخابرات العربية تعلم جيدا حجم الخطر ومصادره، لكن ينبغى وجود إرادة سياسية مشتركة، أعتقد أن هناك تبايناً فى الرؤى السياسية حتى الآن بين الدول، فالعلاقات والتحالفات الدولية تؤثر على القرارات العربية، ولذا إذا كانت المصالح العربية مشتركة، والمصير العربى واحد، فعلى القادة العرب الجلوس لتدارس هذا الأمر، لكن حتى الآن لم ينعقد مؤتمر قمة عربى لمناقشة داعش، وما يحدث اجتهادات سياسية تتعلق بداعش، ولم يتم اتخاذ قرار جماعى عربى بشأن ما يحدث، وأتساءل متى تجتمع الأمة العربية لاتخاذ قرار يخص مصير الأمة العربية.

هل يعقل عام 1964حينما بدأت إسرائيل فى تحويل المجرى الملاحى لنهر الأردن أن تفعل الدول العربية آنذاك اتفاقية الدفاع العربى المشترك، الموقعة عام 1950 وتنشئ قيادة عسكرية مشتركة مقرها الأردن لمقاومة المشروع الإسرائيلي، والآن لا تستطيع الدول العربية تفعيل هذه الاتفاقية، علينا أن نعى أن الدول العربية مصيرها واحد، صحيح بعضها يعتمد على أطراف خارجية للدفاع عنه، لكن هذه الأطراف الخارجية عندما تتعارض مصالحها مع مصالح الدول العربية، لن توفر هذا الدفاع، إذا هذه الدول تنافق الدول العربية حينما تتلاقى المصالح، ومن المؤكد أنها ستضر بالدول العربية حينما تختلف المصالح أو تتعارض.

• كيف ترى الوجود الروسى فى سوريا؟

ـــ روسيا تسعى لأن يكون لها مكان ونفوذ فى المنطقة، دولة كبرى مثلها مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وهى دولة جارة أكثر من الولايات المتحدة، وهذه فرصة استراتيجية للتواجد العسكرى الروسى فى المنطقة.

• هل يجوز للدول العربية الآن أن تنتقد التدخل الروسى الذى يقوم بضرب داعش بحجة أنه يؤدى إلى استمرار الأسد فى السلطة؟

ـــ فى الحقيقة بعض الدول التى صرحت أنها تدين التدخل الروسى فى سوريا لأنه يؤدى إلى موت المدنيين، فى رأيى هذا موضوع لا معنى له، لأنه لا يخدم سوى الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وداعش، ولذا علينا أن نعى الآن أن الهدف الأول ليس القضاء على «الأسد» وإنما القضاء على «داعش»، فهذه تمثل تهديدا مباشرا لكيانات الدول العربية نفسها، واستمرار وجود داعش فى المنطقة أمر خطير، وهذا ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية، وأكده رئيس الأركان الأمريكى حينما قال: «القضاء على داعش يستلزم عشرين عاما»، فهذا يعنى السماح ببناء دولة «داعشية» وتسليحها، وبعد ذلك نظل لمدة خمسين عاما أخرى نقاوم هذه الدولة «الداعشية» كما نقاوم إسرائيل الآن، ولذا أقول للدول العربية التى تنتقد الهجوم الروسى على داعش، هل روسيا تقاوم داعش لنشر الإسلام الصحيح؟، بالطبع لا، لكن لأن روسيا صاحبة مصلحة فى أن تتواجد عسكريا فى المنطقة العربية، كى ترد على النفوذ الأمريكى فى المنطقة، وهذا أمر طبيعى ومن حقها، لكن إذا توافقت مصالح روسيا فى هذه اللحظة مع مصالح العالم العربى للقضاء على داعش ينبغى العمل على ذلك.

• هل ما يحدث فى المنطقة العربية عامة وفى سوريا على وجه الخصوص يعد البداية لحرب عالمية ثالثة؟

ـــ ممكن، الحرب العالمية الأولى نتجت عن مقتل ولى عهد النمسا، موضوع داخلى ثم تطور إلى دولي، ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية بدأت الحرب للانتقام من هزيمتها فى الحرب العالمية الأولي، وهو ما يعنى أن ديناميات التصعيد لا يمكن أن يتنبأ بها أحد، خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن ترد الآن على روسيا فى حربها ضد داعش، لأنها على وشك أن تبدأ الانتخابات الرئاسية فى فبراير القادم، وبالتالى الحزب الديمقراطى الحاكم لن يتحمل عبء اتخاذ قرارات استراتيجية كبرى فى نهاية عهد «أوباما»، السؤال إذا جاء الجمهوريون إلى السلطة المرة القادمة هل سيتخذون قرارات حاسمة تجاه التدخل الروسى فى سوريا؟.

• إذا كان هذا هو الموقف الأمريكى فما هو دور إسرائيل؟

ـــ أعتقد أن الهجوم الروسى على داعش لا يمكن أن يتم دون تنسيق مسبق بين إسرائيل وروسيا، خاصة أن «نتنياهو» كان فى زيارة خاصة لـ «بوتن» قبل الهجوم الروسى على سوريا، لكن ديناميات التصعيد لا يمكن أن يتنبأ بها أحد، هل من الممكن أن تتدخل الدول العربية المعارضة للتدخل الروسى وأن تزيد من دعمها لجبهة النصرة؟، رغم أنها منظمة إخوانية، وأحد مصادر الإرهاب الجديدة، هل من المنطقى أن تقوم دول عربية وخليجية بدعم داعش؟، هذه أمور لا يمكن تخيلها عقلا، لكن من الممكن أن تحدث سياسيا، فالعنف إذا بدأ سواء داخليا أو إقليميا أو عالميا ستكون له دينامياته الخاصة فى التصعيد، وأحيانا يدخل الصراع أطراف لم يكن متوقعاً دخولها، حتى الآن حلف «الناتو» لم يعرب عن رد فعله، والصين من مصلحتها أن يتم القضاء على داعش، هل هناك مصلحة لأى طرف فى بقاء داعش، لا أعتقد، لكن الغرب هم الذين يريدون المنطقة العربية فى عنف دائم.

• كيف ترى ما يحدث فى اليمن؟

ـــ تكلمنا كثيرا عن موضوع اليمن، وقلنا «خلى بالكم»، الحوثيون يعملون مع إيران، ويسعون إلى إغلاق باب المندب وتهديد السعودية من الجنوب، وإيران تهددها من الشمال، لكن تأخرنا كثيرا جدا، كان من الممكن أن يتم التعامل مع الحوثيين وضربهم حينما بدأوا يتكتلون فى اليمن بصورة أسرع، لكن الآن الوضع فى اليمن أصبح أحد التهديدات العويصة ولم يتم القضاء عليها سريعا، لأنه أيضا هناك مصالح دول، إيران طرف والدول الغربية طرف آخر، وبالطبع السعودية والمنطقة العربية طرف مهم، وهى المسئول الأول عن إعادة الشرعية لليمن داخليا وخارجيا، لكن الإشكالية تكمن فى عدم وجود رؤية شاملة لمصالح الأطراف الأخري، ينبغى أن يكون هناك تعامل استراتيجى عميق بين أجهزة المخابرات العربية لحل القضية اليمنية، بعيدا عن هذا الشح فى تبادل المعلومات بين الدول العربية، فإذا كان مصيرنا وهدفنا واحدا فلماذا لا نجلس ونتفق؟، هل يعقل أن تدعم إحدى الدول الهجوم الروسى على سوريا، والأخرى تنتقده وتناهضه؟، ما هى المصلحة العربية الرئيسية لدعم داعش؟، ماهى المصلحة العربية المشتركة ضد إيران وتركيا؟، علينا أولا الجلوس مع بعضنا ثم نخطط للمستقبل، عايز أقول إنه نتيجة للمواقف العربية المتضاربة يوجد تضارب فى عقل الشباب العربي، ولا يوجد يقين أو وضوح فى السياسة العربية.

• هناك بعض الآراء التى تدعو إلى المصالحة مع إيران وتركيا هل تؤيد هذه الآراء؟

ـــ إذا كان لنا مصالح مع إيران أو تركيا لا مانع من إقامة علاقة معهما، لكنى أرى أنه لا توجد لنا مصالح مع هذه الدول، أولا علينا أن ننسى مشاكل الشيعة، والسنة، والثورة الإسلامية وغيرها، ونفكر ما هى أهداف هذه الدول؟، فالهدف الأسمى لهما هو إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية، والإمبراطورية العثمانية، وهذه أمور واضحة، هذه الإمبراطوريات تبنى على حساب من؟، بالتأكيد على حساب الدول الخليجية أولا، ثم على حساب مصر ودورها الإقليمى فى المنطقة.

• ألا تعد اتفاقية الدفاع العربى المشترك خطوة البداية لوجود جيش عربى موحد؟

ـــ لن يوجد جيش عربى موحد، واتفاقية الدفاع العربى المشترك تنص على وجود قيادة عسكرية موحدة، وتشكيل جذور الجيش المشترك، لكن لا توجد، ولم يتم تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك حتى الآن، ما يوجد فى اليمن هو تحالف عربى مؤقت لمهمة محددة، لكنها لم تأت عبر اتفاقية الدفاع العربى المشترك، وجاءت عبر مبادرة سعودية تم دعمها، وبالتالى هذا خارج الإطار الإقليمى للدول العربية، التعاون العسكرى بين الدول العربية يتم بشكل غير رسمي، أى «غير مؤسسي»، وهذا لا يليق، فما حدث فى اليمن ترتيب استراتيجى سياسي، ولكنه ليس ترتيباً مؤسسيا، فلا توجد لدينا قيادة عسكرية تحدد منابع الخطر والتهديد، وتتخذ قرارات مواجهة عبر جامعة الدول العربية.

• جميع الدول العربية يوجد بداخلها ما يهدد أمنها من «جيوش صغيرة» وبالرغم من ذلك لم تتخذ قرارا واحدا للحفاظ على تماسكها؟

ـــ الدولة العربية بعد استقلالها بذلت مجهودا كبيرا لخلق مجتمعات مندمجة ومتكاملة، تتغلب بها على التجمع العرقى أو الطائفى أو المذهبي، عكس الدول المتقدمة، فالدول الكبرى لديها اختلافات عرقية ومذهبية تفوق ما فى الدول العربية، لكن هناك أهداف كبري، وسياسات عامة، تهدف للمصلحة العامة، أهم من هذه الخلافات العرقية والمذهبية، لكن الدول العربية لا يوجد لديها هذا الهدف والمصلحة العامة، أى لا توجد خطة أو رؤية، تخيل ما الذى كان من الممكن أن يحدث لو حدث اتحاد عربى على غرار الاتحاد الأوروبي؟، فمثلا العداء بين فرنسا وألمانيا تاريخى لكن استطاع الاتحاد التغلب على هذا العداء نتيجة وجود مصالح اقتصادية مهمة ومتبادلة،على عكس الدول العربية التى فشلت فى تحقيق التكامل الوطنى على مستوى الدولة وعلى مستوى الإقليم، فكانت الفرقة والتشتت والتهديد الكامن بداخلها.

• هل هذا يعنى أن مخطط التقسيم وارد؟

ـــ هناك خطط لتقسيم الوطن العربى موجودة ومقروءة ومنشورة، بعيدا عن لغة المؤامرات، والغرب لا يخفى خططه واستراتيجياته، لأنه يعمل لمصالحه، والسؤال هل تم الرد على هذه المخططات من الجانب العربي؟ بالطبع لا.

وهو ما يعنى أن التقسيم ممكن، والدليل أنه بعد أزمة مني، خرجت بعض الأصوات تنادى بوضع المقدسات الدينية تحت الإشراف الدولي، وهذا أمر خطير، هناك جرأة فى العالم لا توجد لدى الدول العربية، ولذا علينا كدول عربية أن نسعى إلى إيجاد تصور كيف يمكن مواجهة هذه المخططات، وهذه التهديدات، هناك وهم لدى الجانب العربى أن هذا مستحيل، لكنه لم يكن مستحيلا فى السودان، بعض الدول العربية أيدت احتلال العراق، وهى الآن ثلاث دول «سنية، شيعية، وكردية، بالإضافة إلى داعش»، وسوريا أمامنا الآن وعلينا الحفاظ عليها، نعم، بعض الدول تريد إزالة «الأسد» ونحن لا نؤيد ديكتاتوريته، لكن الخيار الآن بين الحفاظ على وحدة سوريا فى ظل وجود «الأسد» بشكل مؤقت، أو تقسيم سوريا ورحيل الأسد، وسوريا دولة مواجهة مع إسرائيل، كما كانت العراق دولة مواجهة مع إسرائيل، إذا المخطط الآن هو تدمير جبهات المواجهة مع إسرائيل.

• هذه المخططات يتم تنفيذها بشكل سريع فى المنطقة الشرقية لمصر ماذا عن ليبيا والجهة الغربية؟

ـــ التهديد الآتى من ليبيا لا يخص الدولة المصرية فقط، لكن يخص العالم العربى كله، وإيجاد ما يسمى بالدولة الدينية فى ليبيا والمغرب العربى يمثل خطورة على العالم العربي، فسيناريو «داعش» يتكرر فى الجهة الغربية، ليصبح تقسيم دول فى الداخل وإرهاب من الخارج، وبعدما كان لدينا عدو واحد هو إسرائيل، أصبح لدينا إسرائيل وداعش وأخواتها، فحلف «الناتو» حينما قام بالهجوم على ليبيا أتى معه بهذه العناصر المتطرفة، التى لم تكن موجودة فى ليبيا، وتم فتح الحدود الليبية للسلاح والمنظمات الإرهابية سواء إخوانية أو جهادية أو أنصار قاعدة، وما نحتاجه نحن هو الجلوس معا لدراسة هذه الأمور الخطيرة، فالتهديد الذى يحيط بالأمة العربية ليس هزلا، والحديث عن حرب عالمية ثالثة ممكن، إذا حدث عنف يحدث انفلات والانفلات سيكون على حساب المنطقة العربية، لأنها مازالت غنية بالموارد الطبيعية، ومازال العالم يحتاج إليها، ومن ناحية أخرى هى سوق ضخمة للعالم، فالمنطقة العربية هى الأكبر على مستوى العالم استيرادا للسيارات، والسلاح، لذا هناك صراع على بسط النفوذ السياسى والعسكرى والاقتصادى فى المنطقة لأنك غير منتج. 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز