عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

مارينا فارس تكتب : ورقة بيضاء

مارينا فارس تكتب : ورقة بيضاء
مارينا فارس تكتب : ورقة بيضاء

"حين بدأ الطريق الممهد للسعادة يلوح من بعيد بدء عصر جديد سوف تسير فيه كل الامور حسب هوي قلبي. و اخيراً غابت المباني الاسمنتيه القبيحة عن النظر و انطوت كلها خلف عجلات السيارة و لم يبق سوي المشهد الاخضرللحقول الممتدة علي جانبي الطريق كنهرين من الخير..."
 
بتلك الكلمات القليلة زين فراغ صفحة من صفحات المذكرة الصغيرة, لطالما كان يكره الفراغ الابيض, او بمعني اخر اكثر دقة يكره ان يراه ابيض!! بالنسبة له الصمت ابيض, الفراغ ابيض, و الموت ايضاً ابيض. الفراغ الذي يحتل لا شيء سوي افكاره. تلك المذكرة تلازمه دائماً, عسي ان يمضي اياماً لا يلمس قلمه سطورها, لكنه لا يستطيع مغادرة المنزل بدونها. دائما يشعر ان الافكار ستباغته في اي وقت و يجب ان يستعد لاستقبالها علي وجه احدي صفحاتها الذي اختارها بلونه المفضل, لون البحر !!. بدونها يشعر بوحدة و اغتراب عن عالمه المفضل, عالمه الاوسع. ذلك العالم الذي يكون فيه هو سيد احلامه, حين يطاوعه المستحيل بكلمتين علي سطر باهت. حين يلهو كطفل صغير في حديقة الجيران المحرمة فيقطف ازهارها ثم ينزع عنه المنطق ليركض في شوارع روحه عاري القدمين.
 
كانت تلك الكلمات احدي محاولاته لكتابه قصة التي غالباً ما تقف عند لا شيء, حين يهم برسم الشخصيات و تخيلها حتي يفشل في اختيار مصير مناسب لها فتهرب الالفاظ من بين قلمه و تبتعد كل الشخصيات عن صفحاته لتختار مصيرها بنفسها – ربما- في عقله. لكنه يثق دائماً انه يوما ما سيكتب قصة طويلة, اروع و اطول من اي شيء كتبه. و انه ذات يوم ستمر به فكرة تستحق ان تسجل بحبر من دماء قلبه, عندها سيمتلك نهاية الحكايات. ذات يوم لا يعرف عنوانه سيكتب حتي يمل قلمه ويتوسل اصابعه ان ينالها الملل. ذات يوم ستنفجر الافكار في رأسه محدثه فيض من الحكايات ستعدو علي اثره الكنايات من بين اصابع يده كارانب جائعة, و سيأخذ جولة بين الكواكب و يظل يكتب حتي ينفد كل حبره.
 
 
بينما هو غارق في افكاره يحملق في افق بعيد هبت رياح شتوية مفاجئة فقلبت صفحات مذكرته التي مازلت كلها يحتلها اللون الابيض!! 
 



تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز