عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حسن زايد يكتب : إرهاصات الحرب الثالثة

حسن زايد يكتب : إرهاصات الحرب الثالثة
حسن زايد يكتب : إرهاصات الحرب الثالثة

من يفتح خارطة الأحداث العالمية أمام ناظريه ، وينظر فيها بتؤدة وتأمل ، سيكتشف أن الأحداث فوق السطح  قد تبدو هادئة نسبياً ، إلا أنها في الأعماق تمور مور البراكين قبيل الإنفجار .الأيام القادمة حبلي بالأحداث ، وتكابد آلام المخاض . والعالم يندفع مسرعاً بلا كوابح نحو منحدر عميق . إن خارطة العالم ـ بتحالفاته القديمة ، والناشئة ، والمتوقعة ـ تتشكل من جديد ، ويجري رسم خطوطها ، ودوائرها ، علي نحو مختلف عما هو قائم . تحالفات تتحلل ، وامبراطوريات كبري تتفكك ، وقوة ناشئة تبرز للوجود ، ودول تختفي ، وأخري تسترد حياتها ، وعافيتها ، وعنفوانها . وثالثة لم تكن تدرك قوتها ، وأخذت تستيقظ من سباتها . ولعبة التوازنات أصبحت صعبة ودقيقة . وأصبحت السياسة هي القفز ـ المحسوب بدقة ـ بين الحبال المشدودة المتوترة ، لأن الأرض الساخنة الملتهبة ، لا تحتمل المشي البطيء . وأي خطأ في الحسابات كلفته باهظة . إنها إرهاصات الحرب العالمية الثالثة ،لأن التغيرات الكبري في تاريخ البشرية ، عادة ما تسبقها مثل تلك الحروب . وأداة التغيير القسري السريع ، عادة ما تكون الجماعات الراديكالية المتطرفة ، إذ أنها هي القادرة علي قلقة الأرض تحت أقدام الأوضاع المستقرة . وما الإخوان والقاعدة وداعش ومشتقاتها وتفريعاتها إلا مثال حي علي تلك الجماعات  .  وقد جري صناعتها معملياً داخل أجهزة الإستخبارات العالمية ، علي غرار ما فعل فرانكنشتاين في وحشه ، في رواية الكاتبة ماري شيلي . حيث دفعته عبقريته إلي صناعة هذا المسخ الهائل الضخم من بقايا أجساد الموتي . كذلك فعل الغرب حين صنَّع معملياً هذا المسخ الهائل ، وسماه الإسلام السياسي . وأصبح أداته في البطش بالمجتمعات والأنظمة علي السواء .



وقد جري استخدامه في القضاء علي نظام الشاه في إيران ، والتخلص من نظام السادات في مصر. كما استخدمه علي نطاق واسع  في البطش بالإمبراطورية السوفيتية ، وهدمها . وقد استغل تنظيم القاعدة في ضرب برجي التجارة ، واتخذها ذريعة لهدم أفغانستان ، ومن بعدها العراق . وبعد أن تحللت الكتلة الشرقية ، وتفككت ، إلي دويلات تحت وطأة الثورات الملونة . جاء الدور علي منطقة الشرق الأوسط ، وفي القلب منها العالم العربي ، وأطلق ثورات التفتيت والتشرذم ، التي أطلق عليها : " ثورات الربيع العربي " . ولم يكن مصادفة تصدُّر بطل فرانكنشتاين للمشهد في ثورات هذا الربيع الخريفي . ولا أستطيع الذهاب مع من ذهب إلي القول بأن ما يحدث اليوم في فرنسا ، وبلجيكا ، علي يد تنظيم داعش ، هو من قبيل انقلاب السحر علي الساحر ، حتي ولو كانت ثمة تهديدات من قبل هذا المسخ المعملي لأمريكا ، وانجلترا . فلو فردنا خريطة الأحداث الأخيرة علي الطاولة ، ونظرنا فيها بإمعان ، لوجدنا أن سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء ، قد استهدف معاقبة مصر علي جهودها في ضرب الإرهاب في سيناء ، بضرب السياحة لديها . وضرب علاقاتها الناشئة مع روسيا . ومعاقبة روسيا علي ضرب داعش في سورية ، وضرب علاقتها النامية مع مصر .

وهذا في مجمله يساهم في إسقاط الدولة المصرية  بين مخالب وأنياب مخطط التقسيم ، وتقويض التطلع الروسي إلي التمدد في اتجاه المياه الدافئة. وتفجيرات الجنوب اللبناني التي تستهدف تفجير الوضع الطائفي المتفجر أصلاً ، وإدخال الفلسطينيين علي الخط باعتبار وجودهم في برج البراجنة . وفي ذات الوقت تلغيم الجوار السوري . ثم تأتي تفجيرات باريس معاقبة لفرنسا علي خروجها عن الخط المعادي لمصر ، وإحياءًا لفكرة صدام الحضارات ، وتأييدها للغارات الروسية علي داعش /سوريا . وإثارة الهلع داخل البيت الأوروبي من الخطر الإسلامي الداهم . ثم يمتد الأمر إلي دولة مالي . وفي يوم واحد وقع تفجير العريش مستهدفاً قضاة الإنتخابات في ساعة مبكرة من اليوم ، ثم إسقاط الطائرة السوخوي الروسية بصواريخ تركية ، وفي نهاية اليوم وقع تفجير لحافلة تحمل قوات من أمن الرئاسة التونسية . ولن تهدأ الأوضاع في البلدان العربية قبل أن يركب وحش فرانكنشتاين السلطة فيها . إن دل هذا علي شيء ، فإنما يدل بلا مواربة أن هناك قوي خفية تلعب في الخفاء ، وتشعل الأجواء ، وتؤجج أوار البراكين المتفجرة تحت الأقدام ، حتي يحترق من يظل واقفاً ثابتاً بلا حركة ، في إطار تزاحم الكبار علي إعادة إقتسام مناطق النفوذ ، وما يستتبعه ذلك من إعادة ترسيم الخرائط . فهل يملك الصغار إرادةالتزاحم  علي مساحة لهم تحت الشمس ؟ !
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز